خبر صلاح أبو حسنين ..السيف الذى أضناه الواجب المقدس ..بقلم: أحمد المدلل

الساعة 01:05 م|13 أغسطس 2014

منذ نعومة أظفاره وهو يقترب من الشهادة أكثر , في مظاهرات تلاميذ المدارس في عام 1981م , كانت أولى المظاهرات الشعبية في وسط مدينة رفح , حيث كان يسكن , وما عرف يومها بإضراب الجمعية الطبية في قطاع غزة , وقامت المظاهرات مساندة لمطالب الأطباء , وحينها بدأت المظاهرات من رفح مع بداية بزوغ فكر الجهاد الاسلامي في المدارس والجامعات , باعتماد المواجهة الشعبية كإحدى خيارات الجهاد في وجه المحتل الصهيوني ..... وبالفعل تقدم تلك المظاهرات بعض الشباب الذين بدأوا يتعرفوا وينتموا إلى فكرة الجهاد الاسلامي , وكان الشهيد الأول في مظاهرات عام 1981م هو سالم أحمد ابو نحلة - رحمه الله – من اهل الحى الذى يسكنه صلاح ومن زملاء ه  في المدرسة , وكان يرافقه في المظاهرات , ولا زال الشهيد أبو نحلة مسجلا في كشوفات شهداء حركة الجهاد الاسلامي ...... وفي انتفاضة الحجارة عام 1987م , والتي رافقت معركة الشجاعية وأبطالها الأربعة من كوادر حركة الجهاد الاسلامي المعروفين , اشتعلت الصحافة المحلية والعالمية في ذلك الوقت بتبيان دور مشايخ وكوادر الجهاد الاسلامي في تلك الانتفاضة , وبرز دور صلاح أبو حسنين جليا في قيادة أبناء المخيمات في رفح في تلك الانتفاضة واعتقل حينها لشهور , وكذلك أصيب في بطنه إصابة خطيرة حتى اعتقدنا أنه استشهد , لكن الله سلمه ..... وبعد أن تعافى قليلا عاد إلى المظاهرات ثانية , أول من بدأ في قيادة فعاليات الحركة إن كان من خلال المظاهرات أو كتابة الشعارات على الجدران , وقد دفعته غيرته وانتماؤه عام 1989م للقيام بتشكيل جهاز ضارب للحركة مثل الحركات الأخرى لملاحقة العملاء والمفسدين , وكان يخرج بنفسه ملثما يقود تلك المجموعات في كتابة الشعارات على الجدران, ومهما كان يحاول أن يخفي شخصيته , ولكن من ذا الذي لا يعرف صلاح أبو حسنين , والذي كان جسده دالا عليه , اعتقل في أواخر عام 1990م والمئات من أبناء مخيم يبنا الذين شاركوا في الهجوم على أحد العملاء المعروفين في رفح وقتله , وحكم عليه بالسجن ما يقارب الـ 3 سنوات , تميز فيها بنشاطه اللامحدود داخل السجون وهو ينظر لفكر الجهاد الاسلامي , وقد امتلك شخصية كريزمية يلتف حولها أبناء المخيمات الذين ملأوا السجون في ذلك الوقت , وكلهم كان يعرف صلاح أبو حسنين خارج اسوار السجن وعاشوا معه داخلها ..... استمر في نشاطه متميزا حتى في أصعب اللحظات بعد اتفاق أوسلو , حيث عصا السلطة لاحقت كل من ينتمي إلى الجهاد الاسلامي وحماس , وبالرغم من اعتقاله مرات عديدة لدى أجهزة أمن السلطة , إلا أنه امتلك إصرارا عجيبا بالاستمرار في نشاطه اللامحدود وعطاءه وتفانيه في حركة الجهاد الاسلامي ..... كان حاضرا في كل مجالات العمل الحركي ( تنظيم , طلاب , عمل خيري , حتى أنه امتلك علاقات متميزة مع الجهاز العسكري ( قسم ) ومن ثم سرايا القدس ) وكان له صوته المؤثر الذي استمر حتى آخر لحظة في حياته ..... في انتفاضة الأقصى التي اشتعلت بعد دخول شارون المسجد الاقصى عنوة , وفي إحدى المرات حاصر العدو الصهيوني مدينة رفح , والتي كانت من أكثر مناطق التماس مع جنوده ودباباته , من خلال المستوطنات المنتشرة غرب رفح والشريط الحدودي الذي كان ممرا مزدحما للدبابات والجنود وأطلق العدو الصهيوني نيران حقده في أهالي منطقة تل السلطان غرب رفح عام 2005م , وأوغل في دم أهلها واستمر الحصار لمدة أسبوعين , هب أهالي رفح في مظاهرة كبيرة تقدمها صلاح أبو حسنين من مسجد العودة وسارت غربا لتفك الحصار عن تل السلطان , فقابلها العدو الصهيوني بالمدافع المنتشرة على التلال الغربية وبالدبابات , وقتل حينها أكثر من خمسين شخصا غير الشهداء داخل ازقة تل السلطان , وأصيب المئات من المتظاهرين حينها , وقد حدثني صلاح أن كل من بجانبه استشهد , وقدر الله له الحياة وكان ممن أصيبوا في تلك المظاهرة الجماهيرية الحاشدة , عشق     الشقاقي حتى الثمالة ..... لم تغادره كلمات الدكتور فتحي عن الشهادة , وكان كثيرا ما يرددها إن جلس وحده أو جلس بين رفاقه المجاهدين أو حتى في خطاباته النارية في المناسبات وفي توديع الشهداء ......

 

حينما حدثت بعض التغييرات في صفوف العمل الحركي أواخر عام 2009م لم يعجبه دوره فيها فانحاز إلى الطريق الأقرب إلى الشهادة التي يتمناها ( العمل العسكري ) , أبدع في كل مجالات العمل الحركي , إلا أنه عندما أصبح مسؤول الإعلام الحربي لسرايا القدس كان أكثر إبداعا وحضورا وتأثيرا ..... وكان القدر كتب لهؤلاء المبدعين أن يقتربوا أكثر وأكثر نحو الشهادة ..... وفي حرب السماء الزرقاء "الأيام الثمانية" عام 2012م افتقد أعز رفقائه في الإعلام الحربي الشهيد / رامز حرب , ولم يكن أقل من صلاح تفانيا وإبداعا وإخلاصا , وكأنه قدر المخلصين , وقد تأثر صلاح كثيرا بفقدان رامز لأنه كان صورة أخرى من صلاح , وعندما يغيب أحدهما كأنه حاضر, لذا كان حريصا - رحمه الله - على إيجاد صور متكررة من رامز حرب , وبالفعل حرص على تدريب الكثير من الشباب في مجال الإعلام الحربي ..... واصل أبو أحمد طريقه في الإعلام الحربي بإبداع منقطع النظير لم يترك مكانا في قطاع غزة إلا ولمساته واضحة إن كان في المناسبات أو في مواكب الشهداء , وفي أحيان كثيرة يصر على أن يكون هو الخطيب بصوته الهدار يزرع في نفوس الحاضرين عنفوان الجهاد والاستشهاد ومواصلة طريق المقاومة , لم يبق شارع أو زقاق أو حي أو ميدان أو مهرجان خطابي أو موكب شهيد أو بيت عزاء لشهيد , أو لحظة تحرير لأسير إلا وأبو أحمد حاضر بشخصه أو بعمله في الإعلام الحربي .....

 

من روعة الشهداء عندما يمضون بتلك الطهارة نحو ربهم , يعرفهم أهل الأرض كلهم خصوصا عندما يستشهدون في لحظات المعركة وعلى ارضها ..... فنعم الشهادة ..... كانت نصيبه وقدره في معركة البنيان المرصوص , وقد اشتد ازارها , وقد هدد العدو الصهيوني كل من له صلة بها , وقد خيم الصمت المريب , ولم يبق إلا أصوات الرصاص والصواريخ والمدافع , والعدو يلاحق من الجو كل من يطل برأسه من أبناء المقاومة , خرج أبو أحمد لكي يتحدث للأمة عن مجريات المعركة ومقدرات المقاومة ويزرع في نفوس الجماهير الثبات والأمل بعد الخوف واليأس الذى حاول العدو الصهيونى ان يبثه في نفوس الناس..... قبل ساعات من ارتحاله , كان يقدم شهادته الحقيقية عن الانتصارات التي حققتها المقاومة , وعن مفاجآتها ويتوعد العدو الصهيوني بمفاجآت أكبر وأعظم ..... لم يرهبه الموت ولا القتل , عاند جبروت وبطش الصهاينة , حرص وكعادته في كل عام أن يصلي ليلة القدر في مسجد العودة , وأن يتسحر مع المصلين فيه كما كل عام , كان يتحرك بجسد صلاح وبعقل وفكر الشقاقي - رحمه الله - كان كثيرا ما يردد كلماته ( قال الشقاقي .... قال الشقاقي .... ) , وكما لاحق الموساد وخفافيش الظلام الشقاقي فى شوارع مالطا وهو عائد من ليبيا ..... كان الشاباك وكما صرح قادته وغربان الآباتشي والـ F16 تلاحق صلاح ابو حسنين في أزقة رفح الضيقة , كان يعلم أن كل هؤلاء يلاحقونه إلا أنها طريق الشقاقي التي تشبث بها صلاح حتى آخر لحظات حياته وهو يقول لأبنائه "حارس العمر الأجل" ليتقدم نحو الشهادة التي رسم معالمها وبوضوح واثنان من أبنائه عبد العزيز وهادي ويصاب أحمد الابن الأكبر , في ذلك اليوم ..... يوم البنيان المرصوص ..... يوم الدم والشهادة عرفه أهل الأرض كلهم وأهل السماء "صلاح الدين أحمد أبو حسنين- مسؤول الإعلام الحربي في حركة الجهاد الإسلامي ".