خبر شاهدنا هذا الفيلم السيء من قبل- يديعوت

الساعة 08:46 ص|13 أغسطس 2014

بقلم: أفيعاد كلاينبرغ

(المضمون: إن السبب الذي يجعل اليمين الاسرائيلي المتطرف يعارض مبادرة سياسية تحل الصراع مع الفلسطينيين هو الرغبة في الحفاظ على المستوطنات ولا سيما البؤر الاستيطانية المعزولة لا الرغبة في أمن اسرائيل - المصدر).

 

هدف دولة اسرائيل بادي الرأي القضاء على حماس، والوسيلة الى احرازه استعمال قوة تتزايد شيئا فشيئا حتى تستسلم حماس. لكن يبدو أنه يوجد هنا بلبلة بين الوسائل والاهداف. فليس هدف اسرائيل الحقيقي القضاء على حماس، بل هذا هو الوسيلة في الاكثر – بل أن تُضائل الاضرار من نفوس مواطنيها وممتلكاتهم بقدر المستطاع وأن تُحسن مكانتها في الساحة الجغرافية السياسية.

 

منذ أن تم تحديد هذا الهدف أصبح يبدو أن فكرة احتلال غزة – التي يعرضها عدد من متحدثي اليمين على أنها انتصار – تبدو اجراءً مريبا. فاحتلال غزة والسيطرة الدائمة عليها لن يأتيا اسرائيل بأمن أكبر، ومن المؤكد أنهما لن يعززا مكانتها الدولية. وسيكون ذلك مصحوبا بخسائر كثيرة لاسرائيل وخسائر أكثر بأضعاف للفلسطينيين. وسينشيء ذلك معارضة دولية أكبر بأضعاف مما انشأت عملية "الجرف الصامد".

 

لكن المشكلات لن تنتهي حتى بعد الاحتلال. فقد لا تُطلق بعد ذلك قذائف صاروخية على اسرائيل لكن عدد القتلى من جنود الجيش الاسرائيلي سيزداد ازديادا حادا كما شهدت التجربة الاسرائيلية في جنوب لبنان. وليس من المؤكد ألبتة أن يوقف وجودنا في القطاع الارهاب تماما. فقد شهدنا مثل هذا الامر من قبل. وقد حكمنا غزة وقتلنا وقُتلنا. ولا يوجد مكان خرجت منه اسرائيل مع شعور أكبر بالرفاه من غزة.

 

يقولون إن الحكيم يتعلم من تجربة الآخرين. فمن المناسب أن نتعلم من التجربة الامريكية في العراق. إن الامريكيين لم يكتفوا بعمليات محدودة كاسرائيل بل مضوا في الأمر الى منتهاه فاحتلوا العراق كله و"قطعوا رأس الثعبان" (صدام حسين وحزب البعث). فكانت النتائج كارثية بحسب كل المقاييس.

 

لم يُفض الحكم الامريكي فقط الى سفك دماء كثير والى ازدياد الارهاب في الدولة قوة، بل احترقت المنطقة كلها حينما خرجوا (فانهم لم يريدوا أن يحكموا العراق بل أن يحلوا فقط مشكلة نظامه "الحماسي").

 

أنا عالِم بالطبع بالفروق بين العراق وغزة لكنها لا يجب أن تخفي علينا المشترك بينهما وهو أن النصر العسكري بلا سياسة (تجاهلت الولايات المتحدة تماما كل جانب غير عسكري في اجراءاتها في العراق مثل تقوية ايران بابطال عدوتها الكبرى) ليس ضمانا للاستقرار. حينما تدخل مستنقعا يجب أن تأخذ في حسابك أن تضطر الى البقاء فيه والى تحمل مسؤولية كاملة عنه زمنا طويلا. فليس من المفاجيء أن المصريين غير معنيين بحكم غزة، فالذي يحكم القطاع يكسب القليل ويدفع الكثير.

 

حماس منظمة تتغذى على استمرار "الصراع". ولها مصلحة في أن تجرنا الى استعمال القوة. ولا تردعها الخسائر. ولغة العنف والموت هي لغتها، فهي تتكلمها على نحو جيد. وحينما نتكلمها لا تضعف بل تقوى. ونُفاجأ مرة بعد اخرى بحقيقة أن الضربات المؤلمة لا تضعضعها بل العكس هو الصحيح.

 

إن ما قد يُضعف حماس اجراءات تُخرجها عن اتزانها تنشيء لها معارضة داخلية أو تضطرها الى أن تتغير. فالاجراء المطلوب اذا ليس عسكريا بل سياسيا وهو أن يوضع على الطاولة اقتراح اسرائيلي جدي لانهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني يحظى بدعم عربي ودولي.

 

فلماذا نحن غير قادرين على تنفيذ هذا الاجراء؟ يقول لنا نفتالي بينيت إن السبب هو الأمن. فهم يعارضون باسم الأمن كل مبادرة سياسية، وهذه المعارضة هي في أحسن الحالات تعبير عن جمود فكري وهي في اسوأها تضليل، فالسبب الذي يدعو بينيت ورفاقه الى معارضة مبادرة سياسية ليس أمن اسرائيل بل الحفاظ على المستوطنات، والحفاظ بالتحديد على البؤر الاستيطانية. إن دولة اسرائيل تُخندق في حلم الاستيطان وتدفع ثمنا أمنيا وسياسيا باهظا؛ فقد حان وقت الصحوة.