خبر أزمة بين المستوطنين والحكومة الإسرائيلية: هيا بنا نهاجر

الساعة 06:02 ص|12 أغسطس 2014

صالح النعامي

حظي قرار الحكومة الإسرائيلية بشنّ العدوان على قطاع غزة، بدعم جماهيري إسرائيلي عارم، إلا أنه بعد مرور أكثر من شهر على اندلاع المعركة، تعاظمت المؤشرات التي تعكس تهاوي ثقة الإسرائيليين بقدرة دوائر صنع القرار السياسي والنخب العسكرية في تل أبيب، على تحقيق الأهداف المعلنة للحرب، وأبرزها: استعادة الأمن وردع المقاومة في غزة.

في الأثناء، صبّ المستوطنون، الذين يقطنون التجمعات الاستيطانية المحيطة بالقطاع، جام غضبهم على كل من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش، بني غانتس، لأنهما طلبا منهم، العودة لمستوطناتهم بمجرّد أن تم الإعلان عن الهدنة الأولى، في أعقاب الحملة البرية. وقد افترض نتنياهو، وغانتس، أن المقاومة الفلسطينية لن تجرؤ على استئناف إطلاق النار، حتى في حال لم تبدِ تل أبيب، استعداداً للتجاوب مع مطالبها، بفضل الردع الذي راكمته في مواجهة المقاومة.


لكن استئناف المقاومة إطلاق الصواريخ على المستوطنات الواقعة في محيط القطاع، أحرج القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب، ووضعهما في موقف حرج، وتنافس قادة المستوطنين في جنوب إسرائيل، ومن بينهم رؤساء بلديات مدن كبيرة، مثل أسدود، وعسقلان، وبئر السبع، على التعبير عن انعدام ثقتهم بدوائر الحكم.

من جهته، اتهم أحد قادة المستوطنين، مئير كوزولوبسكي، القيادة الإسرائيلية، بـ"تحويلها المستوطنين في جنوب إسرائيل، إلى سور بشريّ واقٍ لحماية الدولة بأكملها".

ونقلت صحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر، أمس الأحد، عن كوزولوبسكي، قوله إن "الجيش لم يوظف المعلومات الاستخبارية التي لديه، بشأن قدرات المقاومة الفلسطينية في ضربها، والقضاء عليها".

علماً، أن الأمر لم يقتصر عند هذا الحدّ بالنسبة الى المستوطنين، فقد وبّخ وزير الأمن الداخلي، إسحاق أهارونوفيتش، سكان المستوطنات الجنوبية عندما زارهم، مساء أمس الاحد، حين أبلغوه أنه بدلاً من أن تسفر الحرب على غزة عن تحسين أوضاعهم الأمنية، فإنها أدت تحديداً إلى تدهورها.

وقد ذهب رئيس بلدية سديروت، ألون دفيدي، التي تبعد 10 كيلومترات عن قطاع غزة، إلى حد المطالبة بإقالة وزير الدفاع موشيه يعالون، واتهمه بالفشل في تحقيق الأمن للمستوطنين. وقد وصفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها الصادر، أمس الأحد، ردود فعل المستوطنين في جنوب القطاع، بأنها تشبه إلى حد كبير "العصيان المدني".

وعبّر رئيس "المجلس الاستيطاني" في "شعار هنيغف"، الذي يضم عدداً من المستوطنات المحيطة بالقطاع، إليعازر شوستر، عن إحباطه من إمكانية نجاح جيش الاحتلال في ردع حركة "حماس" حتى في المستقبل، وهذا ما يجعله غير قادر على دعوة الأغلبية الساحقة من المستوطنين، التي فرت من هذه المستوطنات؛ للعودة إلى بيوتهم.

وفي مقابلة مع شبكة الإذاعة العبرية الثانية، صباح اليوم الإثنين، توقع شوستر، أن يتم إغلاق المستوطنات في محيط القطاع، في حال لم تتمكن الحكومة من استعادة ثقة جماهير المستوطنين، وتضمن تحقيق الأمن.

وبخلاف ممثلي اليمين في الحكومة والكنيست، فإن شوستر، يؤكد أنه ليس لديه مشكلة إن استجابت إسرائيل لمطالب المقاومة الفلسطينية، ووافقت على تدشين ميناء ومطار في غزة، بشرط ضمان الهدوء والأمن.

وبلغ انهيار الثقة بين الإسرائيليين ودوائر الحكم في تل أبيب، ذروتها، عبر دعوة بعض النخب، الإسرائيليين لترك إسرائيل والبحث عن مكان آخر للإقامة فيه. ففي مقال نشره موقع صحيفة "هآرتس"، اعتبر الكاتب الإسرائيلي، يوسي نحشون، أن "الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة خاسرة، وأنه يتوجب على الإسرائيليين مغادرة إسرائيل، لضمان مستقبل آمن لأولادهم في بلد طبيعي". وبغض النظر عن دعوة نحشون، فإن هناك ما يؤشر على أن الحرب على غزة، أسهمت في تعاظم ميل الإسرائيليين للهجرة.

وحسب موقع "يغادرون لأوروبا"، الذي يرتاده الإسرائيليون الراغبون في الهجرة لأوروبا، والذي يقدّم نصائح واستشارات للراغبين في الهجرة، فقد زادت طلبات الحصول على استشارات للهجرة بشكل كبير، خصوصاً من قبل مستوطنين يقطنون جنوب إسرائيل. وحسب المتخصص في مساعدة الإسرائيليين في الحصول على الجنسيتين الألمانية والنمساوية دان أسان، فإن "الحرب أحدثت زيادة كبيرة، في عدد الإسرائيليين الذين يبدون رغبة في الهجرة، والحصول على الجنسية الألمانية أو النمساوية".

من جهتها، قالت المختصة بمساعدة الإسرائيليين في الحصول على الجنسية الفرنسية المحامية جولي دانيال، إن "هناك زيادة متنامية في عدد الإسرائيليين الراغبين في الحصول على الجنسية الفرنسية". ورأت أن "هناك علاقة وثيقة بين الرغبة في الهجرة والحرب على غزة". وأشارت إلى أنه "خلال الشهر الماضي، توجّهت إليها 46 عائلة، بطلب للمساعدة في الهجرة لفرنسا، معظمها من المستوطنات التي تقع في محيط قطاع غزة، وجميعها عائلات يهودية من أصول تونسية أو جزائرية". ولفتت الى أن "عدد أفراد كل عائلة يبلغ نحو 20 شخصاً، على الأقلّ".