خبر لماذا لم ننتصر- معاريف

الساعة 10:01 ص|07 أغسطس 2014

بقلم: اسحق بن نر

            أهرالا شيمي الراحل، من أواخر جيل الحكمة المتآكلة، اخترع "في الطريق لا تكن محقا، كن حكيما". قول محق وحكيم، يمكن أن نجمل به أيضا سلوك القيادة في حرب "الجرف الصامد" وبعدها.

            لست استراتيجيا ومحللا، من اولئك الذين ملأوا التلفزيون مؤخرا، ولكن في محاولة لفحص ما جرى، بمنطق الجندي والمواطن الذي اجتاز حروبا في حياته، يبدو لي، وبحزن شديد، اننا لم ننتصر في حربنا العادلة، إذ كيفما اتفق خرجنا منها أقل حكمة وحقا مما دخلناها (ومع 64 جنديا وضابطا وثلاثة مدنيين قتلى، مئات الجرحى بيننا، والكثير من الاصابات والدمار هناك). لم تستوعب الدروس من حرب لبنان الثانية والكثير من اخطاء ذلك الحين كررت نفسها الان.

            وقبل كل شيء، الاستعداد الاستخباري المخلول. اعترفوا: فوجئنا جدا من الجاهزية، الاستفزاز والرغبة في المواجهة لدى العدو. فقد تعلموا الدرس من الحملات الماضية والحصار عزز حكمتهم، كراهيتهم وجسارتهم في ادارة حرب الضعفاء: استراتيجية الانفاق التي حجمها، خرائطها وجوهرها لم تكن معروفة على ما يبدو بتفاصيلها لاذرع استخباراتنا الفاخرة (وربما الفاخرة الاكثر مما ينبغي)، ومرت سنوات من التقدير المخلول، دون تفضيلها من حيث تطوير الوسائل والقدرة الابداعية لحلها.

            ثانيا، قام ضدنا من تحت الارض جيش عصابات مجهز ومدرب، ليست الخلايات الارهابية المهزوزة التي عرفناها. فالغرور وعدم الاكتراث تجاه اعدائنا اصبحت محرجة في هيئة الاركان، كما أقدر، بسبب الصورة المغلوطة البنيوية في وعيهم. وفضلا عن ذلك فان المنطق يقول ان حماس ما كان يمكنها أن تفعل كل شيء وحدها، دون مساعدة من قوة عظمى أجنبية. فبأي قدر تم فحص هذا التقدير؟

            ثالثا، رئيس الوزراء ووزير الدفاع، المعروفان بتهديداتهما اللفظية امام الميكروفونات والكاميرات، بدوا كمترددين، متجلدين، يبحان عن تسويات وحلول وسط، رغم الضغوط من اليمين ومن الجمهور. فالحذر هو أم كل حكمة ولكن الحذر الزائد قد يكون أيضا أم الهزيمة. ما الذي عرفاه ولم نعرفه نحن جميعا؟ فهل، كما كتب، الخوف من تسرب أسماء الضباط الى قائمة مجرمي الحرب بحيث لا يتمكنوا من السفر الى الخارج، شل جسارة القتال؟

 لقد قاتل الجيش ببسالة وببطولة، ورئيس الوزراء تصرف بحكمة وبحذر، ورغم ذلك لم ننتصر. إذ على الرغم من تصفية الانفاق من يضمن الا تبرز لسكان غلاف غزة خلايا حماس والجهاد ذات ليلة أمامهم من فتحة نفق خفية في ساحة منزلهم؟ نار الصواريخ لم تتوقف حتى وقف النار ولم تدمر نار قذائف الهاون نحو البلدات القريبة من الحدود.

حماس، التي لم تضرب ما يكفي، لا تزال تقف على قدميها. والقتل بحق السكان عديمي الوسيلة مع الاثار السلبية في العالم لقضيتنا العادلة، لم يحصلوا على حل انساني اكثر في التخطيطات المسبقة. وفي هذه الاثناء فان وقف النار حسب الاقتراح المصري قد يقلص حماس الى حجومها المرغوب فيها، ولكن ما هو سيناريو نتنياهو اذا ما فشلت الاتصالات ولم يوسع ويحترم وقف النار؟

أسوأ الخيارات هو انه يتعين عليها أن نكون حكماء ومحقين أكثر – وكاستمرار لعملية الترتيب استئناف المفاوضات مع ممثلي حكومة المصالحة الفلسطينية برئاسة أبو مازن (فيما تكون حماس معطلة). نتنياهو ملزم بان يفهم، رغم الازعاجات عديمة المسؤولية من بينيت، ارئيل ("ابو مازن لن يكون شريكا في أي مرة"، قال وزير الهياكل والمستوطنات أمس فقط) ومؤيديهما، بانه في ضوء السياقات السائدة الجارية في المنطقة (فهل يستعد احد ما لامكانية أن تصل داعش الى مخازن صواريخ حزب الله في لبنان واذا ما نجحت فاننا سنبأ بالاشتياق لحزب الله؟)، يجب الاستعداد لاتفاق دائم او مؤقت، مع تنازلات والبقية تأتي، والتعاون، حتى وان كان افتراضيا، مع السلطة، مصر، السعودية، الاردن، دول الخليج، الدولة الكردية المتبلورة وغيرها، إذ ان كل شيء يبدأ غدا.