خبر الهدنة ستنقذ اسرائيل وحماس من انهيار - هآرتس

الساعة 12:12 م|05 أغسطس 2014

الهدنة ستنقذ اسرائيل وحماس من انهيار - هآرتس

بقلم: حيمي شليف - نيويورك

(المضمون: تأتي الهدنة وكل أطراف الصراع على شفا هاوية – حماس من الجهة العسكرية وسكان غزة من الجهة الانسانية واسرائيل من جهة صورتها في العالم ومن جهة دبلوماسية - المصدر).

تُعلمنا التجربة أن الهدنة التي مدتها 72 ساعة والتي تم الاتفاق عليها أمس يمكن أن تنهار في كل لحظة. بيد أنها تفاجيء هذه المرة اللاعبات الرئيسات وكلها على شفا انهيار ما: فقادة حماس كما يرى الخبراء في حال انهيار عسكري وربما معنوي ايضا؛ وسكان غزة بحسب الأنباء على شفا انهيار بشري وانساني؛ وقادة اسرائيل الكبار وإن لم يعلموا ذلك أو لم يعترفوا به، قريبون جدا من انهيار لصورتهم وانهيار دبلوماسي.

ستضطر الحكومة بالطبع الى أن تراوغ قليلا كي تردم الفجوة بين ما سُمع على أنه تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القاطعة في نهاية الاسبوع عن انقطاع عن تسوية الهدنة، وبين الأنباء عن الاتصالات التي أجرتها الحكومة الى الآن من وراء ستار – وتلك التي ستجريها علنا في القاهرة في الايام القريبة. ولا يعتبر هذا شيئا بالطبع اذا قيس بالصعوبة التي ستنشأ لها بسبب التناقض بين رغبة الجمهور في أن يرى هزيمة حماس وبين التسليم بمكانتها بصفتها شريكة غير مباشرة في التفاوض في مستقبل غزة. وهذه المشكلة ايضا هامشية جدا اذا قيست بالمواجهة التي ستكون في المستقبل، ربما القريب مع الارادة الدولية لاستغلال ضعف حماس أو معاناة غزة لتقوية محمود عباس وكسر الجمود السياسي العام مع الفلسطينيين.

هذا هو الثمن الذي سيُطلب الى اسرائيل أن تدفعه آخر الامر، لا من قبل الولايات المتحدة واوروبا فقط بل من قبل صديقاتها الجديدة في الحي ومنها مصر والسعودية والاردن. فهذه الدول أسهل عليها أن تواجه حماس حتى علنا من أن تُرى تبيع القضية الفلسطينية كلها مقابل حلف مريب مع دولة اليهود. وسيضغط الرأي العام في العالم العربي، فضلا عن الرأي العام في اوروبا وامريكا، منذ الآن لتعويض الفلسطينيين عن القتل والدمار اللذين مُنوا بهما واللذين سيتضح مقدارهما الكامل كلما ازداد الهدوء عمقا. وقد بدأت حكومات اوروبا تتحسس الطريق نحو ذلك، ولم ييأس وزير الخارجية جون كيري بعد – برغم إذلاله – برغم أنه سيضطر الى أن يعمل عملا صعبا كي يقنع الرئيس براك اوباما بأنه يحسن به أن يستثمر من جديد في الدُمّل الاسرائيلي الفلسطيني.

يجب ألا يقع الشك في شيء واحد وهو أن الهدنة ستكون اذا كانت في الدقيقة التسعين حتى من جهة اسرائيلية. من الصعب بالطبع أن نحدد بيقين متى كنا نجتاز الخط الاحمر، لكن لا شك في أن خطوة تفصل اسرائيل اليوم عن السقوط في هاوية سياسية وصورية خطيرة، يأتي بعدها ايضا تقرير يشبه تقرير غولدستون عن عملية الجرف الصامد واتهام اسرائيل بجرائم حرب.

كانت القشة التي أوشكت أن تقصم ظهر الجمل هي قصف مدرسة الوكالة في رفح في يوم الاحد، وهي الحلقة الاخيرة في سلسلة أحداث مأساوية مشابهة. وحتى قبل أن يستطيع قادة الجيش الاسرائيلي الادلاء بروايتهم زادت الواقعة كثيرا في قوة الانتقاد الامريكي لاسرائيل بدءً من وزارة الخارجية التي وصفتها بأنها "هائلة"، مرورا بمستشارة الرئيس فاليري جارت التي قالت إنه قصف "لا يمكن الدفاع عنه" وانتهاءً باعلان السفيرة المقدرة في الامم المتحدة سمانثا باور التي وصفت الواقعة بأنها "مخيفة".

وزادت مشكلة اسرائيل الاعلامية عمقا في صباح أمس مع نشر تحقيق شامل وبارز ومُدين جدا في صحيفة "نيويورك تايمز" عن قصف مدرسة الوكالة في جباليا في الاسبوع الماضي. وقال التحقيق إنه "برغم الخشية القوية من قتل مدنيين، أفردت القوات الاسرائيلية القليلة فقط من الانتباه الى التحذيرات المتعلقة بضرورة تأمين اماكن (لجوء) كهذه وربما استعملت اسلحة لا تلائم مناطق مدنية". ووجدت الصحيفة أنه أُطلق على المدرسة قذائف 155 ملم من مدافع اسرائيلية تعتبر اصابتها "دقيقة" اذا وقعت في قطر 50 مترا عن الهدف.

غضب اسرائيليون كثيرون بسبب ما يرونه انتقادا غير عادل ومعيارا مزدوجا وتجاهلا لسلسلة طويلة من التسويغات والتفسيرات التي اعتاد متحدثو اسرائيل استلالها للدفاع عنها. وربما غاب عنهم أنه في خلال جزء كبير من عملية الجرف الصامد وفي الاسبوعين الاخيرين خاصة كان الرأي العام الاسرائيلي يحيا في عالم موازٍ معاكس احيانا لسائر العالم في حين كانت وسائل الاعلام الاسرائيلية تختصر اختصارا مفرطا وصف حجم القتل والدمار ومشاهدهما في الجانب الفلسطيني. وشاهد مشاهدو التلفاز في اوروبا وفي امريكا في المدة الاخيرة ايضا المشاهد الفظيعة بأقساط أخذت تكبر. وفي عصر تويتر الذي يتضاعف فيه تأثير الصور الفظيعة من الفور، كان يمكن أن يصل التخلي الصوري والسياسي عن اسرائيل الى الكتلة الحرجة في الساعات القريبة.