خبر « جردة حساب » إسرائيلية للعدوان الفاشل

الساعة 12:52 م|04 أغسطس 2014

غزة - وكالات

أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، اليوم الاثنين، أنه لا يوجد قرار إسرائيلي بإنهاء العدوان على غزّة، فيما انبرت الصحف الإسرائيلية إلى تقييم العدوان الذي فشل في تحقيق أهدافه أو ضرب حركة المقاومة الفلسطينية.

وأشار ليبرمان إلى ثلاثة خيارات للعدوان؛ الأول هو الوصول إلى اتفاق أو "ترتيب معين" لوقف إطلاق النار، والثاني هو إخضاع حركة "حماس"، والثالث هو الوصول إلى حالة من الفراغ تتمثل في "إطلاق "حماس" الصواريخ والردّ عليها"، حسب تعبيره وهذا يعني مواصلة العدوان، غير أنّه أضاف أنّ الخيار الأخير غير ذي صلة. 

وأكد ليبرمان أمام أعضاء اللجنة أن العدوان مستمر، وأن جيش الاحتلال يواصل تدمير الأنفاق، وبعد ذلك سيتم إعادة نشر القوات من جديد، ​مضيفاً أنه يتعين عندها اتخاذ قرارات بشأن الخطوات القادمة. 

وعلى الرغم من تصريحات ليبرمان وأمثاله بخصوص تواصل العدوان، فإنّ المحللين الاسرائيليين بدأوا في عمليات جرد حساب للعدوان، مع الإشارة إلى أن "رصيد الحصانة" الذي تمتع به حكومة بنيامين نتنياهو أيام العدوان البرّي قد بدأ ينفذ، وأن أصوات خصومه الحزبيين سترتفع بلهجة أشد وأعلى في محاولة النيل من إدارته للعدوان، والتأسيس للمرحلة القادمة في تحقيق مكاسب حزبية بين الأحزاب في اليمين على حساب "الليكود". 

وهذا ما يعتزم كل من زعيم حزب "يسرائيل بيتنا"، ليبرمان، وزعيم "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، القيام به عبر التشكيك في نجاح حكومة نتنياهو في تحقيق الأهداف التي أعلنتها للعدوان. وقد شكّلت تصريحات الوزير، عوزي لندوا، (من حزب ليبرمان اليوم، ومن أقطاب الليكود سابقاً) الرصاصة الأولى في هذا الاتجاه.

ثم جاءت تصريحات وزير الداخلية، جدعون ساعر، الذي يحظى بتأييد كبير داخل صفوف "الليكود"، والتي انتقد فيها وقف إطلاق النار والانسحاب الجزئي لقوات الاحتلال، لتشكل بداية الخروج العلني على نتنياهو والطعن في أحقية بقائه على رأس "الليكود"، هذا بالنسبة للتنافس داخل الحزب. 

لكن إلى جانب "الحروب الداخلية"، فإنّ معلّقين في الصحف الإسرائيلية أشاروا إلى أنّ محاولات حكومة نتنياهو في "الانسحاب الجزئي" وإعادة الانتشار، والالتفاف على ضرورة التوصل إلى اتفاق مع المقاومة وأطراف إقليمية، لن تُجدي نفعاً؛ إذ أنه لن يكون هناك مجال لاستعادة الهدوء من دون اتفاق. وعليه، فإن السيناريو المطروح الآن، ليس العودة إلى قطاع غزة مرة أخرى، وإنما "متى سنعود مرة أخرى"، وفقاً لما كتبه الصحافي المخضرم وسكرتير رابين سابقاً، إيتان هابر. 

وإذا كان هابر يكتب انطلاقاً من ابتعاده عن اليمين في إسرائيل، والخلاف الفكري معه،  فإن المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، يؤكّد أن كل من ظن أن انسحاب إسرائيل من القطاع سيقود إلى عودة الهدوء قد أخطأ، مضيفاً أنه "من دون التوصل إلى اتفاق معين، سيتواصل القتال بين الطرفين، ومن غير المستبعد أن تستمر حرب الاستنزاف هذه طويلاً، لأنه ليس واضحاً أصلاً في هذه المرحلة من سيوقف إطلاق النار". ويلفت إلى أن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال "أمان" تشير إلى أن حركة "حماس" لا تزال تحتفظ بنحو 3000 صاروخ يصل مدى العشرات منها إلى 80 كيلومتراً. 

ويقول يهوشواع: إن قادة الجيش الإسرائيلي يصرّون على سرد الإنجازات العسكرية مع تأكيد أنّ "إسقاط حكومة "حماس" أو إعادة احتلال القطاع لم يكن من المهمات التي طلب منهم تنفيذها"، في إشارة إلى استعدادهم كنظرائهم في المستوى السياسي، وتحديداً، نتنياهو ووزير أمنه موشيه ياعلون، إلى عاصفة التساؤلات التي ستطلقها الصحافة الإسرائيلية عن إخفاقات الحرب، وخاصة لناحية تدمير الأنفاق. 

وفي هذا السياق، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أن وحدة الحال بين قادة الجيش، وتحديداً رئيس الأركان، بني غانتس، وبين نتنياهو وياعلون، مفهومة للغاية؛ فالثلاثة شكلوا الفريق الذي قاد الحرب، وعليه فإنهم في مركب واحد، خاصة في ظل حديثهم عن الامتناع عن إسقاط حكم "حماس" خوفاً من نسخ حالة الصومال في غزّة. وهو يرى أن الهدف الرابع المتعلق بوقف تسلح "حماس" مستقبلاً، وتعزيز قوتها العسكرية مرهون بطبيعة التسوية والاتفاق الذي سيتم التوصل إليه.

ويقول هرئيل: إن وحدة قادة الجيش مع نتنياهو وياعلون هدفها بناء جبهة موحدة لمواجهة "ألسنة الوزراء"، التي ستنطلق الآن بعد هدوء المعركة لتحمل نتنياهو والجيش مسؤولية عدم إخضاع "حماس". كما سيواجه الثلاثي عدم الرضا السائد في أوساط الجمهور الإسرائيلي نفسه، الذي يشكك في نتائج المعركة. 

مع ذلك، يقر هرئيل أن الجيش، وتحديداً شعبة الاستخبارات، لن تملك  جواباً وافيّاً، عن الأسئلة المتعلقة بخطر الأنفاق: هل كانت الاستخبارات تعرف بوجودها أم لا؟ وإذا كانت تعرف لماذا لم تضع خططاً لضربها منذ اليوم الأول للمعركة؟ ولماذا تم بلورة خطة ضرب الأنفاق فقط بعد يومين من بدء العمليات البرية؟ 

وتحت عنوان: انسحاب إلى لا مكان. كتب المحلل السياسي شمعون شيفر "لقد اختار بنيامين نتنياهو أن ينسحب من قطاع غزة من دون اتفاق أو حسم المعركة. لقد اختار مواصلة استنزاف الإسرائيليين في حرب استنزاف لم يحدد لها هدفاً واضحاً. هكذا بكل صراحة ووضوح، يتضح لنا أن "البالغ المسؤول" ، "الملك بيبي"؛ من سطر لنفسه بنفسه شهادة تقدير أيام المعركة في غزة، على اعتبار أنه يعمل بتروٍ وحكمة؛ هو شخصية ضعيفة تختار الأهداف للجيش وفق منطق، لا يستطيع فهمه حتى من يريد مصلحة نتنياهو، بدءاً من الهدوء يقابل بالهدوء، ولغاية تقويض الأنفاق؛ فماذا عن خطر الصواريخ؟"

ويمضي شيفر: إن حماس والجهاد الإسلامي حددا هدفاً واضحاً هو رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر، إلى أن يتحقق هذا الهدف فإنهما لا يعتزمان وقف إطلاق الصواريخ. في المقابل بنى نتنياهو أبراجاً ورقية للأهداف، تنهار أمام ناظرينا حتى من دون الحاجة لآليات سلاح الهندسة. 

ويخلص شيفر إلى القول إن "28 يوماً من القتال دفعنا خلالها ثمناً باهظاً من الجنود القتلى، من دون الوصول إلى حسم، هو ليس بالأمر الذي يمكن التفاخر به، قد يكون بمقدور نتنياهو أن يواسي نفسه بالجملة المأثورة عن هنري كيسنجر: الحكومات تفعل الأمر الصحيح فقط بعد أن تجرب كل الخيارات الأخرى. وها نحن ننتظر".