بقلم: عاموس يدلين
(المضمون: الخطوة احادية الجانب هي خطوة للمدى القريب والمتوسط. في المستقبل ينبغي فحص امكانية تحقيق "ترتيب جيد" يمنع تعاظم حماس ويشترط اعادة بناء غزة بتجريدها من السلاح. عندها سيكون من الصحيح وداع الخطوة احادية الجانب الذي هو بديل افضل من "الترتيب السيء" الذي تسعى اليه حماس في هذا التوقيت - المصدر).
أجرت حكومة اسرائيل في نهاية الاسبوع تغييرا هاما في الاستراتيجية العسكرية والسياسية حيال حماس في غزة.
ومع الاسبوع الرابع من حملة "الجرف الصامد" كان لاسرائيل اربع استراتيجيات بديلة لاستخدام القوة بهدف الوصول الى اهداف الحملة:
من المرحلة التي بدأ فيها الحديث عن استراتيجية الخروج من حملة "الجرف الصامد" انكشف عدم توافق جوهري بين اسرائيل وحماس. فالمسار الذي سعت اليه اسرائيل – اولا وقف القتال، أي، "الهدوء مقابل الهدوء". وبعد ذلك – البحث في الترتيب بواسطة مصر. بالمقابل، حماس، التي قاتلت من اجل انجاز استراتيجي يتمثل برفع الحصار عن القطاع، لم تكن مستعدة للالتزام بوقف النار قبل ان تتقرر مبادىء الترتيب الذي سيأتي بعد ذلك.
أما المجلس الوزاري فقد اختار، في كل بحث أجراه حتى 1 آب 2014، الاستراتيجية الثانية – استراتيجية الترتيب، في ظل تبني الاقتراح المصري بوقف النار او وقف نار انساني ولاحقا – البحث في القاهرة مع حماس، في شروط الترتيب، للمدى القصير والمتوسط. وفضلا عن اشكالية الاتفاق مع منظمة ارهابية والدروس الاشكالية الناشئة عن تعاظم حماس في ظل الترتيبات في الماضي – يبدو أنه لم يكن ممكنا تحقيق ترتيب جيد/معقول في الظروف الاستراتيجية التي تشعر فيها حماس بانها خرجت من المعركة مع "قصة نصر".
وصل المجلس الوزاري الى المداولات في يوم الجمعة، 1 آب 2014، بينما كانت في الخلفية أحداث نهاية الاسبوع الدراماتيكية. الوضع الانساني الصعب في غزة وحجم الاصابات بغير المشاركين عمقا النقد على اسرائيل ووضعاها في مواجهة مع الاسرة الدولية ومع صديقتها وحليفتها الولايات المتحدة. وأوضح الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الامريكي جون كيري لاسرائيل بان لا مفر أمامها غير الموافقة على وقف نار انساني على مدى 72 ساعة. وجاء انتهاك وقف النار بشكل فظ من قبل حماس – الهجوم على سرية دورية جفعاتي ومحاولة اختطاف الضابط هدار غولدن – اتاح لاسرائيل تغيير موقفها.
بالانتهاك الفظ لوقف النار سمحت حماس لاسرائيل بتغيير الميل الاستراتيجي واختيار بديل يضع حماس في المدى القصير على الاقل في وضع استراتيجي صعب. فقد عادت اسرائيل ونالت الشرعية الدولية لعمليتها – وعرضت حماس مرة اخرى كمنظمة ارهابية غير مصداقة، تنتهك للمرة السادسة وقفات النار التي بادرت اليها الاسرة الدولية وقبلتها اسرائيل. وقررت اسرائيل حرمان حماس من حق "الفيتو" على وقف النار، استعادت المبادرة وأوضحت بانها لا تجري مفاوضات مع حماس ولا تمنحها اي انجاز، لا في وقف النار ولا في الترتيب. وغيرت اسرائيل الميل الذي بموجبه – "الزمن الذي يمر – يخدم حماس" وأدخلت الى المعركة فضائلها الاستراتيجية في طول النفس، في القوة الاقتصادية، في القوة العسكرية وفي صمود المجتمع الاسرائيلي، الذي لم يرتدع ولم ينكسر من حجم المصابين ووقف بشكل مثير للانطباع خلف جيشه وحكومته. وبقيت حماس دون قدرة على التهديد بتصعيد المعركة وبعد أن قدمت اسرائيل جوابا عمليا ممتازا على نار صواريخها ودمرت أنفاقها الهجومية، فانها تقطع ايضا الاتصال مع المناطق التي كان فيها جنودها عرضة للهجمات والاختطافات.
اسرائيل تقول لحماس أربعة اقوال، تطرح أمامها وضعا استراتيجيا جديدا:
خطوة اسرائيل هذه يمكن أن تلتقي نهجين استراتيجيين لحماس وتلزم اسرائيل باعادة تصميم استراتيجيتها لتحقيق أهدافها حيال حماس:
تفتح الخطوة احادية الجانب امام اسرائيل طيفا أوسع من الخيارات. فهي يمكنها أن تواصل ضرب حماس واضعافها، تعطي فرصة لوقف النار واقامة هدوء طويل، تسمح ببلورة تعاون دولي واقليمي لمعالجة ملف غزة كما تسمح بالوصول الى تفاهمات وترتيب من خلال المصريين مع السلطة وحماس. هذه الخطوة احادية الجانب لن تنجح الا اذا كانت منسقة جيدا مع الولايات المتحدة ومع مصر. ويستند التنسيق مع مصر الى العداء المشترك لحماس والرغبة في اضعافها بل وتغييرها كحكم في غزة. اما التنسيق مع الولايات المتحدة فسيكون مشروطا باستعداد اسرائيل للسماح بالمساعدة لحل الازمة الانسانية في المدى القصير واستعداد اسرائيلي للتقدم في مسيرة سياسية – في المدى المتوسط. يوجد تداخل مصالح عميق بين اسرائيل والولايات المتحدة وفهم في أنه ليس صحيحا السماح لحماس بانجازات، بل تشجيع الفلسطينيين الذين لا يتبنون استخدام الارهاب والعنف واضعاف حماس لدرجة تغييرها بنظام اكثر اعتدالا.
الخطوة احادية الجانب، التي تتضمن الفضائل التي فصلت اعلاه، هي خطوة للمدى القريب والمتوسط. في المدى القريب – سيكون الاختبار في استعداد سكان غلاف غزة للعودة الى بلداتهم. في المدى الابعد، بعد أن يتبدد الدخان وتتضح الميول الاستراتيجية سيكون صحيحا اعادة فحص بديل الترتيب. في المستقبل ينبغي فحص امكانية تحقيق "ترتيب جيد" يمنع تعاظم حماس ويشترط اعادة بناء غزة بتجريدها من السلاح. عندها سيكون من الصحيح وداع الخطوة احادية الجانب الذي هو بديل افضل من "الترتيب السيء" الذي تسعى اليه حماس في هذا التوقيت.