خبر مستشفى الشفاء بغزة...للتداوي وأشياء أخرى

الساعة 03:21 م|31 يوليو 2014

غزة- وكالات

يغرس الغزّي "محمد الزعانين" وتدا، في باطن الأرض، ويُكرر ذات المشهد، أكثر من مرة، إلى أن ينتهي من تثبيت أغطيّة تُشكل له، ولأسرته المكونّة من 6 أفراد ما يُشبه "الخيّمة".

وفي الداخل وبعد أن تتوارى عن أنظار مئات العيون، ترسم "مروة" زوجة الزعانين، ابتسامة الارتياح على وجهها، وتهتف بفرح "وأخيرا".

ولم يكن هذا المشهد على شاطئ البحر، أو في إحدى دور الترفيه والمنتزهات، بل رسمه نازحون أووا إلى مستشفى الشفاء بغزة، بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف منازلهم شرقي وشمالي القطاع.

ويقول الزعانين" 45 عاما" لوكالة الأناضول، وهو يُثبت الأوتاد في باطن الأرض، خوفا من أن ينزعها الهواء: " لا بيت لنا، ولا حتى حي، ولا أقارب وسط مدينة غزة نلجأ لهم، والمستشفى هو المكان الأكثر أمنا، في ظل استهداف الاحتلال الإسرائيلي لكل مكان".

وتبدو الصورة في الشفاء أكبر مستشفيات قطاع غزة، نادرة وغير مألوفة، بعد أن حوّل النازحون المكان إلى مركز للإيواء.

وفي وقت تتحول فيه أقسام الشفاء، إلى أماكن مُخصصة لذرف الدموع على الشهداء، وتسابق الأطباء نحو إجراء العمليات الجراحية العاجلة للجرحى، يبدو المكان في ساحات المستشفى وبين أروقته وكأنّه "عالم آخر"، كما تقول "بهّية السوسي" لوكالة الأناضول.

والمسنّة السوسي، 62 عاما إحدى النازحات والناجيات من قصف الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف حي الشجاعية، شرق مدينة غزة قبل أسبوعين، وأسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصا وفق مصادر طبية فلسطينية.

وتُضيف السوسي، وهي تستعد لتسخين الطعام، على موقد صغير، لإطعام أحفادها: " لن نتزحزح من هنا، مدارس الإيواء غير آمنة، سنبقى هنا حتى تنتهي هذه الحرب البشعة المجنونة".

وفي حادثتين منفصلتين، قصف الاحتلال الإسرائيلي مدرستين تابعتين لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، (أونروا) أوت إلى داخلها العائلات النازحة، وتسبّب القصف باستشهد وإصابة عشرات المواطنين.

وشرع الاحتلال الإسرائيلي في السابع من الشهر الجاري، بشن حربٍ على قطاع غزة أطلق عليها اسم "الجرف الصامد"، استشهد أكثر من ألف فلسطيني، وجرح أكثر من سبعة آلاف آخرين.

وتسببت الحرب الإسرائيلية، بتشريد 187 ألف مواطن، من بيوتهم، جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي المدفعي والجوي العنيف، على المناطق الحدودية لقطاع غزة.

وفيما ينشغل، الشاب" أنس حمدان" (23 عاما) في تثبيت لافتة على مدخل خيمة صغيرة مكونة من الأغطية والوسائد، كتب عليها "للنساء فقط"، قال لوكالة الأناضول، إنّهم يعيشون في المستشفى كما لو كان المكان عبارة عن أبراج سكنية.

ويتابع: "يتجمع الرجال في مكان، والنساء في مكان آخر، الرجال لا ينامون فالكل هنا مستيقظ، وبعض العائلات تقوم بتخصيص مكان للأطفال، وآخر للفتيات، نصنع من الوسائد والأغطية خيما تحمينا من حرارة الصيف".

وفي داخل كوخ صنّعه "أنور عبيد" (45 عاما) من الأقمشة والأغطية، تحلّقت 6 فتيات أكدنّ لوكالة الأناضول أنّهنّ فقدنّ كل تفاصيل الحياة، بعد تدمير بيوتهنّ.

غير أن البقاء في المستشفى كما تقول "منى"، إحدى الفتيات كافيا لبث الطمأنينة في قلوبهنّ، وتستدرك بالقول: " لم تعد مهمتنا هنا فقط النوم، والأكل، بل نذهب إلى أمهات الشهداء والمصابين، نخفف عنهم آلامهم، ونمسح دموعهم".

وما من مكان في مستشفى الشفاء بغزة إلا ويرافقه الدمع والذهول، ورائحة الموت والدم، والعمليات التي لا تتوقف.

ويقول أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة لوكالة الأناضول، إنّ آلاف المواطنين لا يريدون ترك مستشفى الشفاء لخوفهم من الاستهداف الإسرائيلي.

وأضاف: "المستشفيات في كل مكان، للتداوي، إلا في غزة باتت مركزا لإيواء المقصوفة بيوتهم، والخائفين من الموت الذي لم يعد يفرق بين أحد".

وأكد القدرة، أن النازحين يتجمعون في ساحات المستشفى، وفي بعض أقسامها التي فتحتها لهم إدارة المستشفى.