خبر نتنياهو بين مطرقة المقاومة وضربات اليمين في حكومته

الساعة 07:47 ص|31 يوليو 2014

القدس المحتلة

قد يبدو دخول الكنيست الإسرائيلي، يوم أمس الأربعاء، عطلة الصيف، التي تمتد ثلاثة أشهر، حبل نجاة ينقذ الحكومة الإسرائيلية من استحقاقات حجب الثقة، لكن الأمر قد يختلف هذه المرة، من ناحية تأثير وتداعيات الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه لوقف العدوان الحالي على غزة، وخصوصاً إذا كانت شروط هذا الاتفاق لا تلبي رغبات اليمين الإسرائيلي المتطرف، المتمثل بمواقف وطلبات ليبرمان من خارج الحزب ومزايدات وزراء من داخل الليكود، في مقدمتهم غدعون ساعر، وزير الداخلية حالياً، والذي يتمتع بتأييد كبير داخل الليكود، إضافة إلى وزير الاتصالات، جلعاد أردان.

وقياساً إلى الصورة الحالية، التي تثبت فشل العدوان في تحقيق الأهداف المتتالية التي صاغها نتنياهو وعرضها بشكل تدريجي، بدءاً من استعادة الهدوء، وانتهاءً بتجريد المقاومة من سلاحها، وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح، فإنه يمكن القول بأن مآل العدوان الإسرائيلي الحالي، سيقود في أقل تقدير إلى خفض أسهم نتنياهو في معسكر اليمين، وإطلاق الشرارة لحرب الوراثة داخل الليكود نفسه، بعدما كسب وراكم مناهضو سياسة نتنياهو في حزبه، باعتبارها "متهاونة"، قوة وثقة عالية.

كما سيعني هذا إسرائيلياً، وتحديداً داخل اليمين، أن نتنياهو سيكون في نهاية المطاف ضحية "بلاغته الخطابية" ورسائله السياسية القصيرة، بعدما تبين يوم الأربعاء، أن المصدر الأمني الكبير الذي طالب الحكومة، أمس الأول الثلاثاء، بتحديد موقفها والحسم، إما لجهة مواصلة العمليات والتوغل بشكل أكبر في قطاع غزة، أو وقف الحرب، هو رئيس أركان الجيش، الجنرال بني غانتس.

وعليه، فإن الخلافات في الموقف ستبدأ بالظهور بين المستوى السياسي الذي يمثله نتنياهو، وبين المستوى العسكري الذي يمثله غانتس. وقد يكون تصريح غانتس، نابعاً من خوفه من لجنة تحقيق مستقبلية تناقش أداء الجيش وفشله في تنفيذ المهمة، هو ما دفعه إلى خوض هذه المعركة الإعلامية مع نتنياهو، وتظهير الخلاف بين المستويين، السياسي والعسكري، كضمانة مستقبلية تحميه من مسؤولية فشل العدوان.

لكن فشل نتنياهو، لا يقتصر على الميدان العسكري، بل يطال أداءه السياسي والدبلوماسي أيضاً، بدءاً من مراهنته الخاسرة، على تأييد نظام الانقلاب في مصر ضمنيا للعدوان على غزة، للتخلص من "حماس"، ومروراً بفشل الرهان على عزلة حركة "حماس"، مقابل دعم محور الاعتدال العربي للسلطة برئاسة محمود عباس، وهو رهان ثبت فشله أيضاً، بعد أن اضطر الأخير إلى تبني شروط المقاومة لوقف إطلاق النار.

ويزيد من مأزق نتنياهو، فشل محاولاته الاختباء وراء المطالبة بتجريد المقاومة من سلاحها، وجعل غزة منزوعة السلاح، عبر آلية دولية وضمانات، وفق ما رشح من فحوى الاتصال الهاتفي بين نتنياهو والرئيس الأميركي، باراك أوباما، وقد تم تسريبه للقناة الأولى الإسرائيلية، أمس الأول، لتصوير نفسه زعيماً قوياً يرفض الضغوط الأميركية، باءت بالفشل.

والدليل على ذلك، ارتفاع أصوات وزراء الكابينيت (مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية) قبل انعقاد جلسته أمس الأربعاء، مطالبين برفض أي وقف لإطلاق النار قبل إنهاء المهام التي أعلن عنها. ما يعني اتهامهم بشكل مبطن لنتنياهو بالتراخي والتنازل عن تحقيق هذه الأهداف، تمهيداً لمنازلته لاحقاً، في الانتخابات الداخلية في الليكود. 

وقد زاد معارضو نتنياهو داخل حزبه عدداً، بعد فصل نائب وزير الأمن، داني دانون، وكذلك بسبب احتمال إعلان ليبرمان عزمه خوض الانتخابات المقبلة، ليس على رأس حزب داعم لنتنياهو في رئاسة الحكومة، وإنما مرشحاً رسمياً لرئاسة الحكومة، ومنافساً حقيقياً وصلباً لنتنياهو، الذي فشل في تحقيق أهداف العدوان.

ويبقى أن صمود المقاومة الفلسطينية، وتكريسها إنجازات هامة، بعضها عسكري تكتيكي، وبعضها عسكري استراتيجي، وفي مقدمته كسر مفهوم الجيش الذي لا يقهر، وتكريس قدرة المقاومة على الوصول لكل مكان في إسرائيل، وإغلاق مجالها الجوي، والتسلل وراء خطوط الجيش الإسرائيلي عبر شبكة أنفاقها، سيكون المطرقة التي من شأنها، مع ضربات اليمين الإسرائيلي، أن تطيح بنتنياهو من كرسي رئاسة الحكومة، بعدما تمكن من البقاء، من دون حروب، رئيساً للحكومة ثلاث ولايات. وهي أكبر مدة تمكن أي سياسي إسرائيلي، من البقاء فيها رئيساً للحكومة منذ ثمانينيات القرن الماضي.