تقرير سُكّر« ..تبكى على أطلال منزلها في حي »الشجاعية" شرقي غزة

الساعة 04:03 م|26 يوليو 2014

غزة - وكالات

لم تعد الغزيّة حنان سكّر (45) عاماً، تذكر شيئا من تفاصيل حياتها الطويلة في منزلها، الواقع في حي الشجاعية بالقرب من الحدود الشرقية لمدينة غزة، سوى ما جرى خلال "آخر ساعة"، قضتها فيه، قبيل تحويله من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية إلى ركام.

فلا زالت تفاصيل، الساعة الرابعة من فجر يوم 18يوليو/ تموز الجاري، عالقةً في ذهن سكّر، كأنها حصلت معها منذ دقائق معدودة فقط، كما قالت لمراسلة "الأناضول" للأنباء.

وفي ذلك اليوم، اتسعت غرفةٌ واحدة لا تكاد مساحتها تزيد عن الستة أمتار، لأكثر من (30) شخصاً، جلّهم من الأطفال والنساء، يعود أصلهم لعائلة سكر، كانوا قد هربوا من بيوتهم التي وصلتها صواريخ الطائرات الحربية والآليات المدفعية، حسب سكر.

وتابعت: " لم يكن الأطفال في ذلك الوقت يفهمون من وضع منطقتهم إلا أن أصوات الإنفجارات تهزّ أرجاء المكان، لكنهم أدركوا أن المنطقة بأكملها باتت تحت مرمى النيران الإسرائيلية عندما شعروا بأن صاروخين من المدفعية الإسرائيلية، استهدفا (سطح) المنزل الذي لجأوا إليه".

وبيّنت أن وصول الصاروخين إلى منزل عائلة سكّر، حوّل المنزل إلى كتلة من الخوف بعد أن بدأ الأطفال والنساء بالصراخ.

وذكرت سكّر أنهم اتصلوا باللجنة الدولية للصليب الأحمر عدة مرات، كي يساهموا في خروجهم من "كتلة النار" هذه، والتي تقصد فيها منطقتهم في حي الشجاعية بالقرب من الحدود الشرقية، لكنهم لم يستجيبوا لأي نداء، حسبما قالت.

وبعد وقت طويل امتد لأكثر من ساعتين، وصلت أول سيارة إسعاف إلى المنطقة التي تقطن فيها سكّر، بالقرب من شارع (المرابطين)، الأمر الذي شجّع العائلات التي تلجأ في المنازل للخروج نحو الشارع، هاربين إلى "المجهول".

ووصفت سكّر تلك الساعة بـ"ساعة الهجرة، والموت" من الحرب، إذ خرجت وعائلتها بملابس المنزل، حفاةٌ، يركضون نحو مصير لا يعرفوه.

وتابعت: " كنا على يقين أن صواريخ إسرائيلية قد تصيبنا ونحن نهرب، فتردينا قتلى، أو تصيبنا بشظايا، لكن الموت في الشارع ونحن نحاول النجاة، أفضل من الموت في المنزل".

وأضافت: " ركضنا في طرق لا نعرفها، الظلام كان شديدا، والقصف المدفعي مكثّف.. دخان الانفجارات، رائحة البارود الخانقة، كنت أركض بجانب أشخاص لا أعرفهم، وكذلك البقية".

ومضت قائلةً: " دائما كنا نسمع عن ذكرى النكبة، والنكسة، وتهجير آبائنا من منازلهم، لكننا اليوم عشنا أسوأ الهجرات، والمجازر".

واليوم عادت المواطنة سكّر إلى منزلها لتتفقده في ساعات "التهدئة الإنسانية"، فلم تجد منه إلى الركام الذي تستند عليه "حسرتها"، مضيفة: " حتى الآن لم ندفع تكاليف بناءه، وعلينا ديون تقدر بأكثر من 10 آلاف دينار (أردني)، (يعادل 14 ألف دولار أمريكي)".

وأوضحت أن المنزل لم يعد له أي ذكرى، لأن الساعة التي هاجرت فيها وعائلتها تعادل عمراً بأكمله، مشيرةً إلى أن "ذلك الوجع، أنساها الذكريات الجميلة".

وأشارت إلى أن الصواريخ الإسرائيلية استهدفت بقّالة (متجر) زوجها الصغيرة، وتسببت باحتراق كل البضاعة المخزّنة، مما كبدّهم خسائر تبلغ قيمتها (20) ألف دولار.

وتمتلك سكّر منزلاً آخراً، في المناطق الشرقية الملاصقة لحدود مدينة غزة، لا تعرف إن أصبح ركاماً أم لا، مشيرةً إلى أنها لم تتمكن من الوصول إلى المنطقة بسبب تواجد الجيش الإسرائيلي هناك.

وأشارت سكر إلى أن أبناءها الإثنين أصيبا خلال القصف المدفعي العشوائي، متابعة: " أحمد الله على كل شيء، وكما نقول دوما (في المال ولا في العيال)،أغلب العائلات هنا فقدت أبناءها، ناهيك عن العائلات التي فقدت بالكامل".

ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ السابع من الشهر الجاري، حربًا ضد القطاع، أطلق عليها اسم "الجرف الصامد"، وتسببت الحرب منذ بدئها وحتى الساعة 13: 29 تغ اليوم السبت في استشهاد 1030  فلسطيني، وإصابة نحو 5900 آخرين بجراح، بحسب مصادر طبية فلسطينية.