خبر الاخلاق المزدوجة .. هآرتس

الساعة 08:13 ص|24 يوليو 2014

 

بقلم: تشيلو روزنبرغ

(المضمون: حتى لو أخذنا برأي ليفي، في أن الاحتلال مفسد وانه سيوقع مصيبة على اسرائيل ويؤدي الى افعال تقترب من جرائم الحرب فانه ملزم بان يجيب على السؤال لماذا تبذل حماس والمنظمات المتطرفة في غزة كل جهد مستطاع للمس باسرائيل حتى بعد فك الارتباط عن غزة في العام 2005؟ - المصدر).

لا يمكنني أن أنافس جدعون ليفي وكتابته البليغة. فلديه كفاءة عالية على الكتابة وهو يستخدم الاساليب الادبية الاكثر تطورا كي يصف ما تراه عيناه أو ما يدركه كمظالم ترتكبها اسرائيل الاستعمارية، الامبريالية، المحتلة والكاسحة بحق الفلسطينيين. معقول الافتراض بان ليفي يؤمن بان دوره ومهمته في العالم هي اصلاح المظالم والصراخ بآلام الناس المضطهدين وان يكون بوقا لاولئك الذين حكمت عليهم اسرائيل بالفناء. وهو يؤمن بان اسرائيل ترتكب جرائم حرب، تستفز وتسارع الى القتال بمجرد وجودها، كدولة قامت ككيان محتل، عسكري حتى نخاع عظامها.

حسب ليفي فان الوجود اليهودي في اسرائيل مشروط باقامة دولة فلسطينية مستقلة، تحرير كل المناطق التي احتلت في 1967، واخلاء كل المستوطنات. وعندها سيسود السلام بيننا وبين الفلسطينيين. يؤسفني أنه يعتقد كذلك. فمن المؤلم رؤية شخص مفهومه عن الواقع مشوه بهذا القدر. مسموح لك أن تتخذ لنفسك رسالة المنذر، الانساني ورجل الاخلاق المدافع بكل قوته عن الضعيف، عن الخاضع للاحتلال، عن المقموع. مسموح البكاء على مر مصير الاطفال في غزة، واهاليهم، الذين يعيشون من اليد الى الفم في خوف دائم على حياتهم، يقضون أيامهم في أكبر سجن في العالم. غير أن ليفي يرفض تحويل وجهة المجهر او التلسكوب الى داخل المجتمع الاسرائيلي. فهو يعيش في داخله. وهو من انتاج كفيه، ابناؤه ولدوا هنا والاسرائيلية تتدفق في كل عروق جسده. ورغم ذلك يعيش ليفي في عالم من المفهيم الشوهاء، غير المتوازنة وغير الاخلاقية على نحو ظاهر.

الحرب هي الحدث الاكثر عنفا الذي خلقته الانسانية، ورغم ذلك، فالحرب هي جزء لا يتجزأ من الوجود الانساني. في العالم المثالي لا مكان للحرب. والتناقض هو أن الحرب هي وسيلة لتحقيق السلام والحياة الهادئة. ويمكن لليفي أن يعزو لنفسه ايديولوجيا سلمية، ولكنها طوباوية ليس الا.

على فرض أن جدعون ليفي يوافق على أن من حق اسرائيل الوجود، على الاقل في حدود 67، الى جانب الرغبة في اقامة دولة فلسطينية واحلال السلام في المنطقة، فهو ملزم، اخلاقيا، بالاشارة الى السبل لعمل ذلك. كل من قرأ مقالاته يعرف ان جذر كل الشر هو ذاك الحدث التأسيسي في 1967 – الا وهو حرب الايام الستة التي احتلت فيها اسرائيل العديد من المناطق، بما فيها غزة. وحتى لو أخذنا برأي ليفي، في أن الاحتلال مفسد وانه سيوقع مصيبة على اسرائيل ويؤدي الى افعال تقترب من جرائم الحرب، مثلما ادعى ايضا غير مرة البروفيسور يشعياهو ليفوفيتش، فان المنطق يلزم ليفي بان يجيب على السؤال لماذا تبذل حماس والمنظمات المتطرفة في غزة كل جهد مستطاع للمس باسرائيل حتى بعد فك الارتباط عن غزة في العام 2005؟

لنفترض، على حد نهج ليفي بانه حتى فك الارتباط كان الارهاب في غزة مبررا بسبب السيطرة الاسرائيلية فيها. ففي لحظة فك الارتباط، عندما انسحبت اسرائيل من غزة تماما، فان ادعاءه بالاحتلال وبالكفاح ضد الاحتلال لا يعود له أساس.

خط مشابه يمر بين فك الارتباط وبين الانسحاب من لبنان. وكمن عاش على الحدود الشمالية، وكل حياته الراشدة اجتازها في ظل الصواريخ والعمليات واعمال القتل الفظيعة التي قام بها المخربون، فليسمح لي بالقول ان ليس لحزب الله اي سبب لاطلاق النار على اسرائيل او خطف الجنود. ومع ذلك فانه يفعل هذا، بما في ذلك أحد تلاميذي الذي اعيد في تابوت، ومعقول ان الحزب ينتظر اللحظة المناسبة التالية. على ماذا؟ الكراهية. فالطيارون الذين الحقوا الاذى بقدرة حزب الله بل وتسببوا بالموت، انقذوني من الفناء انا وعائلتي، وكل سكان الشمال. اولئك الطيارون انقذوا اطفال الجنوب من الموت المؤكد، إذ هذا كان هدف حماس.

لا توجد امكانية حقيقية واقعية للفرز – المس فقط برجال حماس الذين يطلقون الصواريخ بما في ذلك على مدينة ليفي. فليس للصواريخ عنوان دقيق بل هدف محدد: زرع القتل ومرغوب أن يكون هذا باكبر قدر ممكن. ولا غرو فحماس وامثالها يذبحون شعبهم بوحشية لا مثيل لها، ويجبروهم تحت تهديد السلاح بعدم الاخلاء، وعدم الاختباء. يخيل أن صور الجثث، بما في ذلك الاطفال هي بالنسبة لهم صور النصر.

إذن يمكن لليفي ان يدعو الى رفض الاوامر، ورفيقه، اوري افنيري يمكنه أن يقارن بين اسماعيل هنية وونستون تشرتشل كي يبرر المغامرة الحماسية ولكن هذا لن يمر.