خبر بين لبنان 2006 وغزة 2014 .. اسرائيل اليوم

الساعة 08:09 ص|24 يوليو 2014

 

بقلم: البروفيسور إيال زيسر

(المضمون: المقارنة بين حزب الله في 2006 وما بعدها وحماس تُبين أنه لا تشابه بينهما وأن الردع الذي أثر في حزب الله لا يستطيع أن يؤثر في حماس - المصدر).

انقضت في هذه الايام ثماني سنين بعد حرب لبنان الثانية – ثماني سنين سادها الهدوء المطلق على طول الحدود الشمالية مع لبنان – وهذه نتيجة واضحة سافرة للردع الذي أحرزته اسرائيل خلال تلك الحرب مع منظمة حزب الله. أجل إنه برغم سلوك اشكالي لقيادتي اسرائيل السياسية والعسكرية خلال حرب لبنان، خلص حسن نصر الله، زعيم حزب الله، الى استنتاج أنه يُحسن الصنع اذا امتنع عن تحدي اسرائيل والعمل عليها على طول الحدود كما اعتاد أن يفعل في السنوات التي سبقت نشوب الحرب، وإلا عادت اسرائيل الى ضرب المنظمة ومؤيديها كما فعلت خلالها.

يريد اسرائيليون كثيرون أن يقيسوا على الانجاز في لبنان ما هو موجود بل ما هو مُراد في قطاع غزة، ويأملون أن يمكن أن يطبق فيها ايضا زمنا طويلا نموذج وقف اطلاق النار والتفاهمات الصامتة كتلك الموجودة في السنوات الثماني الاخيرة على الحدود الشمالية بين اسرائيل وحزب الله.

بيد أنه يتبين أن غزة ليست لبنان وأن حركة حماس ليست منظمة حزب الله، ومن هنا تأتي صعوبة التوصل الى وقف اطلاق نار ينهي جولة التصعيد الحالية ويُمكّن في الأساس من نقل النموذج اللبناني الى حالة غزة ايضا.

إن حزب الله أولا وبعد كل شيء منظمة لبنانية معظم اهتمامها مصروف الى لبنان والى حفظ مكانتها وتقويتها بين السكان الشيعة الذين يسكنون هذه الدولة. وتبذل المنظمة في الحقيقة جهودا كبيرة للحفاظ على صورتها حاملة لراية نضال اسرائيل، بل يحثها وكلاؤها الايرانيون مرة بعد اخرى على أن تكون طليعة جُند طهران في مواجهة اسرائيل، لكن مصالح المنظمة موجودة في الساحة اللبنانية الداخلية وفي الصراع الذي يجري في سوريا اليوم.

وحماس في مقابل ذلك حركة فلسطينية خالصة كل اهتمامها للساحة الفلسطينية في القطاع وفي الضفة. ويُحدث ذلك مرة بعد اخرى مراكز احتكاك ومواجهة مع اسرائيل كما ثبت في حادثة خطف وقتل الفتية الاسرائيليين الثلاثة قبل شهر في منطقة الخليل. فلا تستطيع حماس اذا أن تفصل نفسها عن اسرائيل وعن نضالها كما يسمح حزب الله لنفسه من مرة لاخرى. هذا الى أنه حتى لو كانت قيادة حماس معنية بالتهدئة وقتا ما فان الاحداث على الارض تأتي وتفرض نفسها عليها وتعيدها الى مسار الاحتكاك والتصعيد مع اسرائيل.

وثانيا، حماس اضعف كثيرا من حزب الله. وليست مكانتها في الساحة الاقليمية والعربية بل في الساحة الفلسطينية بين الجمهور الفلسطيني، ليست صلبة كما كانت مكانة نصر الله في حرب لبنان الثانية. ولن نذكر التوتر الثابت داخل حركة حماس بين الذراع العسكرية والذراع السياسية، وبين القيادة الداخلية في غزة وقيادة الخارج برئاسة خالد مشعل في قطر.

ولا تسيطر المنظمة ايضا على فصائل ومنظمات فلسطينية أكثر تطرفا كالجهاد الاسلامي لها أجندة خاصة بها. إن ضعف حماس السياسي (في الداخل والخارج) برغم قدرة مقاتليها في قطاع غزة على البقاء، يجعل من الصعب على قادة المنظمة أن يتخذوا قرارات صعبة مؤلمة، وهذا شيء لم يحجم عنه حسن نصر الله في حينه.

وأخيرا تملك حماس مما تخسر أقل مما يملك حزب الله. فغزة مدمرة أصلا وليس الواقع بعد وقف اطلاق النار زاهرا ومغريا لقادة حماس وهو العودة الى الحصار الاسرائيلي – المصري. وينبغي أن نضيف الى ذلك حقيقة أن اسرائيل تمتنع لاسباب مفهومة عن ضرب البنية التحتية المدنية في القطاع وترسل رسالة (غير مباشرة ايضا) الى حماس أنها لا تريد اسقاط حكمها في القطاع خشية البديل وهو الفوضى وسيطرة جهات متطرفة على القطاع. إن اسرائيل على نحو تناقضي تمد بالكهرباء المعامل التي يصنع فيها نشطاء حماس الصواريخ، وتُمكن من ادخال الطعام الى القطاع الذي يتمتع به نشطاء حماس الذين يطلقون الصواريخ على اسرائيل.

سيكون من الصعب لكل هذه الاسباب استعادة نجاح الردع الاسرائيلي لحزب الله في حال حماس. إن حماس تسير على أثر حزب الله وتقلد تكتيكاته القتالية وتحصل منه على سلاح وصواريخ، لكن يُشك في أن تريد - فضلا عن أن تستطيع – الاتجاه الى تسوية موضوعها هدوء سنوات على حدود القطاع.