خبر عائلة الكيلاني" في غزة...هربت من الموت إلى الموت

الساعة 10:29 ص|22 يوليو 2014

غزة-وكالات

تصرخ ياسمين ابن الستة أعوام، "بابا لا أريد أن أموت..دعنا نرحل من هنا"، ويكرر ذات النداء شقيقها "ياسر" 8 أعوام، فيحمل "إبراهيم الكيلاني" (53 عاما) أطفاله، وأسرته (زوجته و5 من الأبناء)، من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، مغادرا حمم القصف المدفعي العشوائي الذي يحيل الأجساد إلى أشلاء وجثث متفحمّة.

ويترك الكيلاني، بيت لاهيا، متوجها إلى حيث أقاربه في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، غير أن دائرة العدوان الإسرائيلي تتسع، وتباغته ذات القذائف المدفعية المميتة، التي أودت بحياة 72 مواطنا وفق الأرقام الطبية الفلسطينية.

ويصرخ أطفاله من جديد أمام رائحة الدم، والجثث المتناثرة في حي الشجاعية، ليهرب بهم بعيدا إلى حي الرمال وسط مدينة غزة، حيث المكان الذي يصفه الغزيون بأنّه الأكثر هدوءا وأمنا.

وتجلس عائلة الكيلاني، وأسرته في شقة استأجرتها في برجٍ سكني وسط مدينة غزة، فيهدأ صراخ الأطفال، وتعد الزوجة "تغريد 45 عاما" طعام الإفطار وهي تبتسم، بعد أيام من الخوف والقلق.

يجلس الجميع على المائدة، يتناولون طعامهم بفرح، وفجأة وقبل أن تنتهي العائلة من إفطارها، حتى تباغتهم صواريخ الطائرات الحربيّة، فتحيل أجسادهم إلى أشلاء متناثرة، وتُنهي ما دار بينهم من حوار أخير تحت الركام والدمار الهائل.

الطعام يمتزج بالدم والأشلاء، والصراخ من هول فاجعة المشهد، الذي تسبب بانهيار شقق سكنية كاملة بعد أن أطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية صواريخها مساء أمس على البرج السكني الذي لجأ إليه الكيلاني .

وبلغت حصيلة الغارة 11 شهيدا منهم الكيلاني وزوجته تغريد (45 عاما) وأبنائهما سوسن (11 عاما) وريم (12 عاما) وياسر (8 أعوام) وياسمين (6 أعوام) وإلياس (4 أعوام).

وتتحول هذه العائلة إلى رقم جديد في العائلات المستهدفة بفعل الطائرات الحربية الإسرائيلية، التي تبيد شظايا موتها الأسر بكامل أفرادها.

وما ذنبهم؟ يسأل "أحمد" شقيق زوجة الكيلاني، ويُضيف بصوتٍ تخنقه "الدموع"، لوكالة الأناضول، وهو يتذكر المشاهد الدامية: " ما الذي فعلته تغريد؟ وأطفالها؟ لقد هربوا مرتين من الموت، فلاحقهم أينمّا ذهبوا، لم يعد هناك مأمن في غزة، إسرائيل تحارب الطفولة، وتستهدف العائلات في كل مكان".

ويقول أقارب الكيلاني لوكالة الأناضول أنه حاصل على الجنسية الألمانية، بعد أن عاش 20 عاما في ألمانيا تخرج خلالها من إحدى الجامعات الألمانية مهندسا مدنيا ثم عمل في مجاله قبل أن يعود إلى قطاع غزة قبل 13 عاما.

وفي غزة استقر الكيلاني وأدار مكتبا خاصا به للأعمال الهندسية، وما من حصانة لأي فلسطيني في وجه الوحشية الإسرائيلية، كما يقول "رامي الكيلاني" أحد أقارب القتيل لوكالة الأناضول.

ويُضيف بنبرات غاضبة: لا جنسية ألمانية، ولا حتى أمريكية، إسرائيل باتت كالوحش الذي يدمر أمامه كل شيء، الأبراج السكنية تنهار تحت رؤوس ساكنيها، إنها حرب "إبادة"".

وترصد مصادر فلسطينية استشهاد أكثر من نصف أعداد ضحايا الهجوم الإسرائيلي الذي وصلت الإحصائية الإجمالية لهم أكثر من 560 داخل منازلهم.


ودأب جيش الاحتلال منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، على الاتصال بالبيوت المستهدفة، قبل قصفها بدقائق، بهدف تمكين سكانها على إخلائها.

لكن الجيش شن خلال الأيام الثلاثة الماضية، الكثير من الغارات دون تحذير سكانها، وتتسبب هذه الغارات المفاجئة، باستشهاد وجرح العشرات، بينهم أطفال ونساء.

وعلى سبيل المثال، قتل الجيش الإسرائيلي فجر اليوم الاثنين 9 من أفراد عائلة صيام في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، من بينهم 5 أطفال، في قصف منزلهم في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

كما قصف منزلا يعود لعائلة أبو جامع شرق خانيونس جنوبي قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد 25 شخصا.

ويقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ( في بيان صحفي، إنّ القوات الإسرائيلية صعّدت من استهدافها للعائلات الفلسطينية، في قطاع غزة بوحشيّة.

وأكد المرصد أن نحو (50) عائلة فلسطينية استُهدفت وقضى كل أو معظم أفرادها منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، في السابع من الشهر الجاري، وبلغ عدد الضحايا جراء استهداف هذه العائلات 213 شهيدا

وحذر الأورومتوسطي من تصاعد استهداف العائلات الفلسطينية بالجملة، مشيراً إلى أن قيام طائرات إسرائيلية بقصف منزل عائلة، الكيلاني بوحشية، يرتقى إلى "جرائم الحرب".

وحذر المرصد من أنه في حال عدم تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل فإن أعداد الضحايا في قطاع غزة ستشهد ارتفاعاً غير مسبوق.

وتشن إسرائيل منذ السابع من الشهر الجاري عملية عسكرية ضد قطاع غزة أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد" قبل أن تتوسع فيها وتبدأ توغلا بريا محدودا الخميس الماضي.

ومنذ بداية العملية وحتى الساعة 9: 45 تغ من اليوم الثلاثاء، قتلت إسرائيل 604 فلسطينييا، وأصابت 3700 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وفي المقابل، أسفرت العملية، وفق الرواية الإسرائيلية، عن مقتل 27 جندياً إسرائيلياً ومدنيان، وإصابة نحو 485 معظمهم بـ"الهلع"، فضلا عن إصابة 90 جندياً