خبر غزة: فرصة الخروج من المعتقل.. أيمن خالد

الساعة 08:33 ص|16 يوليو 2014

مع بدء المفاوضات الصامتة بقصد إعادة غزة الى بيت التهدئة القديم، الذي كان يعطي إسرائيل الحق في تفسير بنود الاتفاق كيف تشاء، ليجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة من جديد مع مصر، حول تفسير هذه البنود وبالتحديد قصة المعابر والفضاء والبحر، أمام صورة فريدة من نوعها، وحصار مميز تقوم بتشريعه قوى دولية وعربية، يمكن القول إن الفلسطينيين اليوم أمام واقع جديد تماماً.
مطلوب من الاخوة في غزة إدارة سياسية دقيقة وواضحة، وهذه الإدارة تتطلب صياغة نقاط واضحة واتفاق داخلي واضح يتم من خلاله وضع الأفكار بمكانها الصحيح، بما يتيح للمشهد الفلسطيني كله مغادرة واقع الاذلال الذي ظل يمارس على الفلسطينيين منذ توقيع اتفاق المعابر بعد أوسلو أي قبل الحصار، لأنه لم يكن اتفاقاً يمكن بالحدود الدنيا منح الكرامة للفلسطينيين الذين ذاقوا مرارة معاملتهم المميزة والخاصة وتحت رقابة دولية، بمعنى انه اذلال بوصاية دولية، ومع اغلاق المعبر بعد إشكالات غزة لا يمكن تسمية ما جرى من قبل المصريين ولا غيرهم، الا انه ممارسة مذلة بكل معنى الكلمة، حاول الجميع عربا وغير عرب ان يجعلوا من غزة مثال السجن المشروع، وبالفعل عاشت غزة واقع هذا السجن بتمامه.
كل القيود التي وقعت على الفلسطينيين هي فقط من اجل الا يحاول الفلسطينيون جلب السلاح الى غزة، والسلاح فقط ولكن الفلسطينيين جلبوا السلاح واكتشفوا ما هو اهم من السلاح وهو قرار استخدامه، وهو ما عجز عنه العرب مجتمعين وانفرد الفلسطينيون بقصف تل ابيب بدلالتها الرمزية، بمعنى قلب الأمان للكيان، وهي رسالة سياسية مهمة أن الفلسطينيين هم في نهاية المطاف أمام خيار واحد، أنهم يريدون العيش كبشر وليس لديهم أي خط أحمر ولا يفكرون بأي عواقب مقابل أن يعيشوا حياتهم كبشر.
نحن نعلم ماذا في غزة، وإسرائيل تعلم ان طائراتها المروحية تملك القدرة على الطيران فوق قدرة غزة على اصابتها فقط أي في الفضاء البعيد، وتعلم ان القوى الصاروخية هائلة ومعدة لقتال طويل، وتعلم ان الحرب البرية مغامرة إسرائيلية أخيرة، وتعلم إسرائيل أنها إذا حاولت اقتحام البر الغزّي فخسارتها ستعادل الخسارة في كل الحروب التي خاضتها مع العرب مجتمعة، لأن السلاح متوفر ولأن الإرادة موجودة ولأن الفلسطينيين في نهاية المطاف ليسوا بعد هذا الحصار أمام وارد الحسابات السياسية التي يفكر بها الساسة، وأن الحرب هي الحرب فقط.
مطلوب فورا من المفاوض الفلسطيني ان يفك حصار غزة، بخطوط واضحة وبتفسير واضح لا يخضع لقوانين التفسير الإسرائيلية، وهذا يعني (فك الحصار البحري) ولو برقابة اقليمية او دولية (والحصار الجوي) بمعنى مطار غزة، وألا يتم ترك الفلسطينيين في مواجهة فقط مع معبر رفح الذي يعني مواجهة مع مصر.
نفهم السيناريو الإسرائيلي جيدا، هم الان يفاوضون على العودة الى معبر رفح وصناعة نمط جديد يكون مقبولا للفلسطينيين والمصريين والاسرائيليين معا، وهذا لا يكفي فنحن إما ان نفك الحصار وننتهي من قصة البحر والسماء المغلقين، وإما لا داعي للمفاوضات أصلا.
لا يحق للفلسطينيين بتاتاً العودة لاتفاق عام 2012 لأنه اتفاق بائس لا قيمة له، ولا داعي للنظر اليه بتاتاً وليس عيبا ان نفاوض على ميناء بحري وجوي برقابة دولية، فنحن نستطيع أن نعد كل العالم ونفي بوعدنا أننا لن نحضر السلاح من ميناء غزة ومطارها في حال فتحهما، لأننا مؤكد كفلسطينيين سنستوعب مزيدا من القدرات القتالية، لكننا نريد ان يكون مجتمعنا المدني هو مدني بامتياز ونريد تأمين حياة، بمعنى الحياة للفلسطيني المحاصر في غزة.
مطلوب من المفاوض الفلسطيني أن يفهم وأن يدرك أنه الآن هو بالمكان الصحيح من كتابة التاريخ، وعليه أن يستمع لأهل غزة، وليس للعواصم العربية، فهي فرصة لإخراج غزة من السجن، وأما بقية المسؤوليات السياسية فلها حديث آخر، أهمها ألا نخوض حرباً ضد بعض فزمن التخوين من الماضي، وخطوات المستقبل نكتبها معا على اختلافنا في السياسة.

٭ كاتب فلسطيني