خبر تحتاج المواجهة الى وساطة عباس / هارتس

الساعة 09:18 ص|13 يوليو 2014

بقلمتسفي برئيل

(المضمونتعرف اسرائيل أنها ستحتاج الى حماس في اليوم الذي يلي الحرب لتعالج المنظمات العاصية في غزة، وتعترف حماس بأساس الاتفاقات مع اسرائيل بعد 2012، ويتعلق كل شيء الآن بالوسيط الذي سيتم اختياره المصدر).

لا يقل الحوار الخفي الذي يجري في هذه الايام بين اسرائيل وحماس أهمية بل قد يزيد أهمية على تبادل القذائف والصواريخ بينهما. ويتحدثون في الجانب الاسرائيلي في الحقيقة بصوت جهير عن عقاب حماس والقضاء على "البنية التحتية للارهاب" وعن "سير حتى النهاية"، لكن يغيب عن هذا الخطاب اقتراح القضاء على قيادة حماس. بالعكس. يبدو أن اسرائيل معنية بأن تبقي القيادة على حالها فهي محتاجة الى أن يوجد من يتحمل المسؤولية عن تنفيذ التفاهمات التي ستُحرز بعد انتهاء العملية، والى من يستمر على محاربة المنظمات العاصية كالجهاد الاسلامي وسرايا القدس التابعة له أو اللجان الشعبية أو المنظمات السلفية.

وتُسمع حماس بلا توقف دعوى أصلية على اسرائيل. "نكثت اسرائيل كل تفاهمات 2012"، يتهمها اسماعيل هنية في تناوله للتفاهمات التي أحرزت بعد عملية "عمود السحاب". وهذه دعوى مهمة لأنها تشهد بأن حماس لم تعد عندها مشكلة في أن تعترف بوجود قاعدة اتفاق بينها وبين اسرائيل كأنهما دولتان. وهذا تجديد اسرائيل غير مستعدة حتى للاعتراف به. وأصبحت هذه التفاهمات الآن ميناءً داخليا تسعى اسرائيل وحماس ايضا الى بلوغه. أما اسرائيل فبعد عملية عقاب شديدة وأما حماس فتريد فقط أن تقلل أضرارها.

 على هذا الأساس بدأت عمليات وساطة تشارك فيها الولايات المتحدة والامم المتحدة وقطر ومصر. وتحدث الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون في مساء يوم السبت الى حاكم قطر الامير تميم بن حمد؛ وتحدث وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى نظيره القطري، ويتحدث الجميع الى رئيس مصر عبد الفتاح السيسي. وكان يفترض أن يدعو السيسي بحسب نبأ لم يُحقق بعد الى لقاء مع حاكم قطر ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان، وخالد مشعل ومحمود عباس لمحاولة احراز مخطط لوقف اطلاق النار. ويُظهر نبأ تمت المصادقة عليه أن مصر استجابت لمبادرة الكويت الى عقد مؤتمر لوزراء خارجية الجامعة العربية في يوم الاثنين، على عجل. وجاء عن جهات في حماس أن المنظمة تشترط شرطين للعودة الى تفاهمات 2012. فهي تطلب ضمانات دولية لحفظها وتطلب الافراج عن أسرى صفقة شليط الذين أُعيد اعتقالهم بعد اختطاف الفتية الثلاثة.

ما زال موقف مصر غامضا، ولم يتضح هل السيسي معني بأن تكون مصر وحدها في جهود الوساطة أم يسعى الى اتفاق عربي أوسع – ولا سيما بعد فشل الجهود السابقة – ليطرح عن نفسه المسؤولية عن فشل الوساطة.

تملك مصر في الحقيقة وسيلة الضغط الرئيسة على حماس – لسيطرتها على معبر رفح ولأن حماس تطمح الى تحسين علاقاتها بها – لكن السيسي يخضع لضغوط من الداخل ايضا ولا سيما بسبب استراتيجيته السياسية التي جعلت في مقدمة اهتماماتها نضالها للاخوان المسلمين.

وتصغي اسرائيل من جهتها جيدا للقاهرة لا في سياق العملية في غزة فقط. فقد أحدث التعاون بين الدولتين على مكافحة الارهاب في سيناء، وسيطرة مصر على طول حدود غزة، تلاقي مصالح مهما قد يتطور بعد ايضا الى اتجاهات اقتصادية تتعلق ببيع الغاز الاسرائيلي. واذا استقر رأي اسرائيل على أنه حان الوقت لتنفيذ التفاهمات مع حماس، أو اذا ثارت الشوارع في مصر ردا على العملية في غزة فتستطيع مصر واسرائيل التوصل الى اتفاق ووقف اطلاق النار بالشروط التي حُددت بعد عملية "عمود السحاب".

وفي الوقت نفسه قد تُبين تفاهمات مع حماس حتى لو أُحرزت بوساطة مصر، دون إشراك محمود عباس، ازدواج سياسة اسرائيل مرة اخرى. فعلى أثر المصالحة بين فتح وحماس ألقت اسرائيل على الرئيس الفلسطيني المسؤولية عما يجري في غزة ايضا برغم أنها الآن مسؤولية جوفاء. وما زالت في مقابلة ذلك ترى أن حماس هي المسؤولة وحدها عما يجري في غزة، وقد أحبطت مسؤولية عباس حينما بينت أنها لن تسمح بتحويل اموال لدفع رواتب موظفي حماس بواسطة البنوك الفلسطينية. ومن الواضح في الوقت نفسه أن كل اتفاق على وقف اطلاق النار يعني حوارا مع حماس وإن لم يكن مباشرا.

وعلى ذلك فان جهود الوساطة خاصة تتيح فرصة مهمة لتقوية مكانة عباس اذا أصبح الوسيط المفوض لوقف اطلاق النار بدعم من اسرائيل ومصر. وبدل أن يحظى خالد مشعل ونائبه موسى أبو مرزوق بانجاز، يمكن أن يقوي عباس مكانته بصفته يستطيع "أن ينقذ" غزة، والمشكلة الاسرائيلية هي أن دعم عباس في المجال الذي طمحت فيه اسرائيل دائما الى الفصل بين غزة والضفة، قد يبدو اعترافا بالمصالحة الفلسطينية ويناقض بذلك موقف اسرائيل المبدئي الرافض لها. ويبدو لذلك أن اسرائيل تفضل برغم تناقض ذلك، اتفاقات مع المنظمة على اتفاقات مع سلطة فلسطينية موحدة.

تنطوي الوساطة والتفاهمات على فرصة لانجازات سياسية ولا سيما حينما تكون الاهداف العسكرية وتعريف النصر غامضين. لكن في الوقت الذي تشتغل فيه اسرائيل وحماس باحصاء الهجمات والصواريخ لن يكون للانجازات السياسية الممكنة أية فرصة.