خبر « البنيان المرصوص ».. معركة في قلب « إسرائيل » ..كتب: هيثم أبو الغزلان

الساعة 11:31 ص|12 يوليو 2014

من المبكر الحديث عن نتائج نهائية عن جولة الصراع الحالية ضد "إسرائيل"، ولكن ما يُطمئن لناحية المقاومة؛ الجهوزية العالية، والإعداد المتقن، والمفاجآت المتوالية، والصمود الشعبي المنقطع النظير، والهبّة الجماهيرية الواسعة في الضفة والأراضي المحتلة منذ العام 1948، وهذا يشير إلى وجود حاضنة شعبية، رغم كل المجازر البشعة التي ترتكبها "إسرائيل"، إلا أن هذه الحاضنة ما زالت منحازة وداعمة ومستعدة للمزيد من التضحيات على أن تخذل المقاومة.

استفادت حركات المقاومة من عمليتي "الرصاص المصبوب" و"عامود الدخان"، واستخلصت العبر منهما، ومن جولات أخرى من الصراع مع المحتل، ولذا نرى "بنك الأهداف": الذي تمتلكه "إسرائيل" فقير جداً.

وبالمقابل، فقد استطاعت المقاومة اخفاء أماكن تخزين الأسلحة، وأماكن اطلاقها، وعددها. كما نجحت في تعقب ومعاقبة العملاء.. مما حرم "الإسرائيلي" من المعلومات، ما انعكس تخبطاً في الأهداف وممارسة للجرائم ضد المدنيين عبر الاستهداف "المنظم" للمنازل السكنية الآهلة بالسكان المدنيين من الأطفال والنساء، ومقار الجمعيات الإنسانية، ودور العبادة! فقد ذكرت تقارير "إسرائيلية" إنه خلال خمسة أيام للحرب العدوانية، وصل عدد المواقع التي قصفها الاحتلال إلى 1160 هدفاً.

وتعاطت المقاومة بردها على العدوان "الإسرائيلي" "الجرف الصلب"، وفق تطور العدوان ووسائل القتل، بحيث أنها قصفت "تل أبيب" و"القدس" و"حيفا" و"بئر السبع" عندما بدأت "إسرائيل" باستهداف المدنيين ومنازلهم، ناقلة الحرب إلى عمق "إسرائيل" مع ما تجرّه من انعكاسات مؤذية اقتصادياً وسياسياً. فإسرائيل لا تستطيع تحمّل إغلاق مطار "اللد" ومرافىء "حيفا" و"أسدود" و"عسقلان" و"إيلات" مدة طويلة..

 

وكشف موقع "جلوبس" المعني بشؤون الاقتصاد الإسرائيلي، أن التكلفة الأولية للعملية خلال مدة أربعة أيام على قطاع غزة، تبلغ 8.5 مليار شيكل (2.4 مليار دولار).

وذكر موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) أنّ الضرر للممتلكات الذي يُسببه العدوان على غزّة في جنوب الدولة العبريّة يصل إلى 10 مليون شيكل، كما أنّ استدعاء 40 ألف جنديّ للاحتياط سيُكلّف خزينة دولة الاحتلال ما يُعادل 600 شيكل للجنديّ في اليوم الواحد، أمّا في ما يتعلّق بالقبّة الحديديّة وتفعيل طائرات سلاح الجو وسفن سلاح البحريّة، فإنّ المبلغ، وفق تقديرات الاختصاصيين في مجال الاقتصاد، فيصل إلى مئات ملايين الشواكل في اليوم الواحد، ولفت الموقع العبريّ أيضًا إلى أنّ المؤشرات في البورصة الإسرائيليّة في تل أبيب سجلّت انخفاضًا كبيرًا. بالإضافة إلى ذلك، أوضح الموقع، أنّه بسبب مواصلة إطلاق الصواريخ من قطاع غزّة باتجاه العمق الإسرائيليّ، فإنّ المصانع توقّفت عن العمل خشية تعرّض العمّال للإصابة، الأمر الذي سيُلحق أضرارًا بالغةً في الاقتصاد الإسرائيليّ. أمّا تكلفة اليوم الواحد من القتال، فقال الموقع، إنّه يصل إلى مئات ملايين الشواكل.

 

 

ومنذ اللحظات الأولى لعملية "البنيان المرصوص"، ظهر جلياً:

-         أن المقاومة هي من حدد ساعة "الصفر" لبدء المعركة.

-         التحكم والسيطرة الواضحان لدى المقاومة في إطلاق الصواريخ.."نوعيتها، عددها، المدى الزمني، والنطاق المكاني"...

-         تنفيذ عمليات هجومية  نوعية: "قاعدة زيكيم".. و"الكمين المحكم" لوحدة المغاوير في سرايا القدس، الذي استهدف قوة من وحدة لواء "غولاني" شرق مدينة غزة.

-         "شل" قدرة الطيران المروحي بعد استهدافه بصواريخ "ستريللا"، مما جعل الاحتلال يستعيض عنها بالطيران الحربي، ويدفع باتجاه احتمالية الاجتياح البري ـ مع عدم الحسم في الإجابة حتى الآن عن أسئلة تتعلق بـ:

-         اجتياح كامل للقطاع، مع ما يترافق ذلك من مخاطر حول زيادة عدد القتلى في جيش الاحتلال، وهل تتحمل الجبهة الداخلية "الإسرائيلية" ذلك؟ فقد أيّد في كلامه كبير المعلقين العسكريين في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، أن هدف العملية البرية سيكون تقليص القدرة على إعادة بناء ترسانة الصواريخ والإمكانيات العسكرية الأخرى، وأن عمليات القصف والعمل البري ستهدف إلى المس بقدرة المقاومة على حفر الأنفاق الحربية، المعدّة لنقل المقاتلين والسلاح إلى داخل المستوطنات اليهودية في عمق الكيان الصهيوني.

-          أم سيكون هذا الاجتياح مجرد اختراق بري يلامس حدود "الكثافة السكانية" الفلسطينية، ولا يخترقها، بهدف تدمير منصات الصواريخ وبالتالي إبعاد خطرها عن مدن ومستوطنات الكيان. وفي الداخل "الإسرائيلي" يوجد من يُفضّل تجنب الدخول البري المباشر إلى القطاع للمخاطر العديدة التي يحتويها هذا الخيار، منها: الكلفة البشرية والاقتصادية العالية جدا، وافتقاده للجواسيس، وأيضاً ما أعدته المقاومة من شبكات أنفاق لا يعلم عنها ما يجعل الأمر أكثر غموضاً، ويدفع باتجاه التردد.

 

 ولهذا ومن المرجح بعد كل التهويلات الاعلامية ، إذا ما استمرت الأوضاع في تصعيد، هو قيام جيش الاحتلال بعملية اختراق بري مباشر كما يحدد، لإسكات الصواريخ وتدمير منصات إطلاقها، ليضيف بعداً "معنوياً"، يستطيع ـ بحسب "الإسرائيلي" ـ، تسويقه لدى الجمهور.

ويحذر بن يشاي في مقال له من "الوقوع في الأوهام، فالحديث عن الاجتياح ليس حديثاً عن نزهة أو جولة صباحية".

إن التخاطب عبر "الصواريخ" والميدان، أثبت أن المقاومة قادرة على استنزاف "إسرائيل"، وأنها ـ أي المقاومة ـ، قادرة على الصمود فترة طويلة، ولا يشكل عامل الوقت ضغطاً عليها كما يشكل على "إسرائيل"، ولذلك، بدأ الحديث عن تحركات دولية وعربية محورها ضرورة العودة إلى تفاهمات العام 2012، وهذا يشير إلى مدى الضائقة التي تشعر بها "إسرائيل" التي تورطت مع قوم يحبون الشهادة كما يحبون هم الحياة.

12-7-2014