خبر ألا أيها الشامتون بغزة وهي تحترق بنار عدوكم ..تذكروا..أنها منكم وأنتم منها.. علي عقلة عرسان

الساعة 04:49 م|11 يوليو 2014

 

 

علي عقلة عرسان

 

من يقل إن الأمة العربية ماتت يساهم في طعنها في مقتل، ويدفع باتجاه سرعة الاستسلام أو الانهيار بإشاعة اليأس وبثّ التيئييس، ويعمل على إضعافها بإضعاف أملنا فيها وسدل غشاوة على رؤيتنا لما فيها من إمكانيات وإيجابيات تستحق أن نتمسك بها ونحييها.. الأمة العربية باقية وهي ركن الأركان وبيضة القبان في العالم الإسلامي، ومن يريد أن يلغيها لصالح الإسلام لا يخدم الإسلام ولا يفهمه حق فهمه، لأن الإسلام لم يحارب القوميات بل حارب التعصب العرقي والعنصرية والتطرف والغلو والتعالي باسم الانتماء العرقي، وجعل علو مقام المرء بالتقوى والعمل الصالح الذي يحي الناس والدين. لم يحارب الإسلام القومية، أي قومية، ولكنه رفع العمل الصالح ومن يقوم به درجات: " .. وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".. إن الصغار الذين ينهشون لحم أمة العرب اليوم مزدرين العروبة سوف يبقون صغاراً بينما تكبر الأمة وتتجاوز محنها وترفع رأسها بعقيدة وتاريخ وحضارة.. ولن يلصقها بالعار أو يلصق بها العار أبدياً من يوردها اليوم موارد التهلكة بوحشية وجهل وتطرف وغباء مدعياً أنه الحق أو أنه "هي" بلا وجه حق، ليس سوى رسم على هامش جر ذيلها في ماء محيط إنسانيتها، وهو العار الذي سوف تغسله ولن يحيلها عاراً. صغارٌ من أبنائها يرتكبون الإثم والجرم في كثير من المواقع والمواقف والممارسات ولكنهم ليسوا الأمة ولن يكونوا لها عنوناً.. الأمة العربية باقية ونحن عرب أعزنا الله بالإسلام الذي تبعناه ورفعناه فرفعنا، ومن يضع الإسلام في مواجهة العروب أو يضع العروبة في مواجهة الإسلام عدو للاثنين وإن لم يدرك.. ليس لنا إلا أن نقول ذلك ونعمل على أساس مكين منه حتى ونحن في خضم المحنة وزحف الفتنة، وإلا ساهمنا في قتل الذات وانكسارها ونصر أعدائها عليها، والأمة ذات كبرى لكل منا نحن الذين تشكل ذواتنا ذاتها الأم وتحملها أماً في كل يم.

اليوم يتجلى ضعف أمتنا العربية في غزة التي يستبيحها المحتل الصهيوني، وهو نتيجة ضعف الساسة ونقائض السياسة، ولكن جوهر صمود الأمة يتجلى أيضاً في غزة مع صمود أبنائها وفي ارتفاع صوت دمهم نشيداً باسم الله والعروبة والإسلام والحرية والتمسك بالأرض والكرامة، إنهم يفعلون ذلك غير منتظرين من أمتيهم العربية والإسلامية أكثر من الكلام الذي بدا في بعض المواقع والمواقف وعلى بعض الألسنة منقوعاً بالحقد، كاشفاً لفساد سياسة وتربية وثقافة وأخلاق، معيناً للأعداء في عدوانهم، يريد ناثروه وناشروه تثبيط الهمم والشماتة بمن صمد بوجه الاحتلال الصهيوني وحصاره لسنوات وسنوات، وقاومه باللحم والدم، ولم يخضع ولن يخضع لإملااءته فيتنازل عن الوطن والكرامة والحق.. أن من يفعل ذلك من أبناء الأمة إنما يركب مركب السفاهة بفساد وحماقة، ومن يفعلون ذلك يفعلونه لأن أشخاصاً أو تنظيمات أو ساسة وسياسات لم يتفقوا معهم في الرأي والرؤية وذاك اختلاف يعالج بطرق غير الهدم لكل صلة رحم ومسؤولية وطنية وقومية وإنسانية.. ولكن على الرغم من أي اختلاف وكل خلاف يبقى الغزاوي من الأمة سواء أكان إسلامياً أو قومياً أو.. أو.. وسواء أحكمت غزة حماس أم فتح، فهو الفلسطيني المتجذر في الأرض، المتمسك بالمقاومة خياراً للتحرير، وبالوطن فلسطين بيتاً تاريخياً لكل الفلسطينيين وجزءً من أرض الأمة العربية.. هذا ويبقى الصهيوني عدواً للأمة العربية عامة وللفلسطينيين خاصة سواء أصادقه وتواطأ معه فلسطيني أو عربي أو مسلم من أي بلد أو قوة أو حزب، أو وقف معه العالم الظالم بكل قواه.. وإذا كان الموقف السلبي من غزة المكتوية بنار الحقد الصهيوني المقيت مؤسساً على حماس وتبنيها لمنظور سياسي وفكري وحزبي وجهادي خاص..إلخ فإن هناك من أبناء الأمة العربية تبنى المهلكات وصنعها ومارسها باسم فكر وأيديولوجيا وتنظيمات وسياسات، وهناك من نشر الإلحاد وجدد في مذاهبه وجذره في أنفس وثقافات، ومن استعدى على الأمة الاستعمار وتحصن ضدها بقوة أعدائها وخانها وتآمر عليها علناً، واستدعى ألد أعدائها " إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية علناً لكي يفتكوا في هذا القطر أو ذاك من أقطارها، ولم ينل أولئك الذين فعلوا ذلك أو استطابوه وأيدوه، لم ينالوا من أبناء الأمة شماتة حاقدة وكراهية وإزراء كما نشهد اليوم من بعض الأشخاص والفئات في بعض الدول العربية بحق الغزاويين وضد حماس، في الوقت الذي يدميهما العدو ويستبيح كل من في غزة وما فيها من دون تمييز بين صغير وكبير، ويفعل ذلك بعد حصار قتَّال ما زال يفتك بها وبأهلها منذ سنوات وسنوات تحت سمع العالم وبصره.

ليتنا لا نسمع هرير الحاقدين الذي يعلو على خرير دم الأبرياء والأطفال في غزة العزيزة وفي مواقع أخرى عدة من أرض العرب والمسلمين.. حيث يشمت هذا بذاك، ويقتل هذا ذاك.. وحيث يزعم الحاقد على الأمة والقاتل والعميل والطاغية والجاسوس، والمأخوذ بفهم سقيم للدين، وبمذهبية تقوده إلى التطرف في التفكير والتصرف وقد لا تغنيه في الدنيا ولا تقيه حر نار الآخرة، وحيث من يحكم بظلم، ومن يحكمه حقد دفين على أخيه في العروبة والإسلام، وكذلك عبد شهواته وأنانيته المتورمة المستبد الفاسد والزنديق والكافر المكفِّر المنفِّر.. حيث يزعم كل من أولئك ومن هم على شاكلتهم ممن ينخرهم نوع من الكبر والفساد.. أنه الوطن والحرية والدين والأخلاق والأمة.؟!!

إذا أرادت الأمة أن تبقى وتكبر وتتطهر من أدرانها وتقوى وتسلك طريق البقاء وتستعيد الحضور الحضاري والحقوق المغتصبة، وأن تنتقل من حال الفساد والانحلال والاقتتال وسيئ الأفعال وقاحل الأقوال إلى حال النقاء والصلاح والفلاح والعمل البناء، على أسس قويمة متينة، فإن عليها أن تقبل بعضها بعضاً، وأن تختار مرجعياتها الحاكمة الهادية بشجاعة وثبات وتعمل وفقها بعلم وفقه، وأن تأخذ بالحوار سبيلاً للتفاهم والتعاون والتقارب وإصلاح ذات البين والتقريب بين المختلفين في الآراء والرؤى من أبنائها، وأن تتبع سبل العقل والفهم والمنطق على أرضية الانتماء لأمة وعقيدة وثقافة وهوية لتتخلص من العشب الضار الذي يطغى على الأنفس والممارسات والسياسات في مجالات كثيرة على رأسها الفكر والاعتقاد والبيئة والمناخ الاجتماعي والثقافي والسياسي العام، فذاك هو المنطقي والمنقذ والجامع لشتات الأمة الذي نعاني منه اليوم.. أما أن تلجأ فئات منها إلى الاستعلاء والادعاء بأنها الأمة والمستقبل والخيار الذي ليس قبله ولا بعده خيار، فتعمَد إلى القوة وتحتطب فئات أخرى بليل، فتستنفر فئات أخرى تحتطبها وغيرها بليل أيضاً، فذاك هو الكارثة والويل وسوء التدبير والضلال الذي ما بعده ضلال، وفيه من التأسيس لسدل سجف الظلم ظلاماً دامساً دائماً على الأمة.. وهو خراب الأنفس والعباد والبلاد..

ألا أيها القائلون ما قلتموه بحق غزة وهي تذبح بيد الصهيوني الذي لم تعرف البشرية في تاريخها وحشاً أسوأ ولا قاتلاً أفظع منه، ألا راجعوا أنفسكم وكل ما قلتموه فلعلكم ترون رأياً آخر، فالعدو الصهيوني المحتل لأرضنا منذ سبعة عقود من الزمن ينكل فيها بشعبنا ويزرع الشقاق بيننا، ويفتك بنا هنا ويتآمر علينا هناك، ويحتل ويستوطن ويهود ويخرب في كل مجال من مجالات حياتنا ومعه حلفاؤه ومن باعوا أنفسهم للشيطان منا.. العدو الصهيوني العنصري سيبقى عدواً للأمة والدين، ينفرد ببلد بعد بلد، ولن ينجو من أحقاده أحد.. ألا وقولوا لأنفسكم ولسواكم قولاً يبقى لكم ذمة في رقاب أشقائكم وأخوتكم وأبناء أمتكم ولا يكون لكم أغلالاً وأصفاداً، وموقفاً يسجله التاريخ صفحات سوداء تزري بكم وتلحق العار بأولاد أولادكم.. ألا أيها الشامتون بغزة وهي تحترق بنار العدو ألا تذكروا أنها منكم وأنتم منها.. ألا تذكروا أنكم تقفون مع العدو الصهيوني حين تخذلون من يعتدي عليه منكم، فكيف بكم وأنتم تشمتون بأخيكم وتصبون زيتاً على النار التي يشعلها العدو ليحرقه وأطفاله بها..؟! ألا واتقوا الله في أنفسكم ودينكم ووطنكم وأمتكم والإنسانية التي تنتمون إليها، فالصهيونية العنصرية شر ما بعده شر، وعار أبدي على من يناصرها لأنه يناصر العدوان والطغيان والظلم والشر.

وإلى الله الأمر من قبل ومن بعد، وإليه ترجعون.

دمشق في 10/7/2014

علي عقلة عرسان