خبر غزة تقرر مصير نيتنياهو .. يوسف رزقة

الساعة 04:44 م|11 يوليو 2014

لا مقارنة بين رابين ونيتنياهو، فالأول كان عدوا ذكيا وواقعيا، والثاني هو عدو بلا ذكاء ولا واقعية. نيتنياهو نسي أو يتناسى أنه يقاتل شعبا تحت الاحتلال. هو يحسب أنه يقاتل دولة عربية مستقلة تخشى على عاصمتها أو وجودها. غزة ليست دولة ولا مستقلة، وليس لديها ما تخشاه من الحرب، فهي تحت الاحتلال وتحت الحصار الخانق. 

كان رابين ذكيا حين ترك لعرفات ممرا نحو أمل( ما). ولكن غباء نيتياهو استبد به فأغلق كل الطرق على غزة، ولم يترك لها ممرا للحياة، حتى حين ارتضت غزة بحكومة التوافق من أجل رفع الحصار، قام بإغلاق المنافذ على حكومة التوافق، ومنع الحكومة من صرف رواتب الموظفين، إمعانا منه في تشديد الحصار.( لا بدو يرحمك، ولا يخل رحمة الله تنزل عليك؟!!!!). 

المشكلة في نيتنياهو أنه يدير السياسة من خلال أيديولوجيا جابوتنسكي القديمة ، وهي أيديولوجية تمنعه من رؤية الواقع، أو الاعتراف بالمتغيرات، لذا يتبنى معادلة صفرية لا مع غزة فحسب، ولكن مع السلطة والضفة أيضا. 

نيتنياهو أغلق على غزة الأبواب جميعا، خلافا للسياسة الاسرائيلية الموروثة من ابن غوريون، وعمقت السياسة المصرية بعد ٣/٧/٢٠١٣ الإغلاق والحصار ، حتى لم تجد غزة بابا مفتوحا غير باب الجهاد والمقاومة لست مطر به رحمة الله، و لتعيد للقضية اعتبارها، أعني التحرير وزوال الاحتلال . 

المسئول الأول والأخير عن هذه المعركة الشرسة جدا هو نيتنياهو وسياسته الصفرية، التي أغلقت كل المنافذ أمام سكان قطاع غزة. نيتنياهو ما زال يمارس استعلاءه فيدعو الى هدوء مقابل هدوء؟! ، ويرفض الوساطة التركية : ( هدوء مقابل رفع الحصار ). وكأن شيئا لم يحدث، وكأن لا شيء أصاب القدس، وتل أبيب، وحيفا، والمجدل. ؟!

الواقعية السياسية هي التي تتعامل مع المتغيرات، ومن ثمة فإن إيقاف القتال يقتضي بعد هذه الدماء ترك غزة تعيش حرة ، وتتصل بالعالم الخارجي بحرية من خلال ( ممر بحري آمن، وممر جوي آمن )، يعوض سكانها عن معبر رفح البري المغلق. أي رفع حقيقي للحصار.

غزة جزء مقاتل من الوطن الفلسطيني المحتل، وهي لا تتخلى عن دورها الوطني نحو القدس والضفة، حتى حين تبحث في مطالب سكان غزة اليومية، كرفع الحصار وتحرير غزة تحريرا حقيقيا. إن ما يجري الآن ليس معركة التحرير الشامل التي يجب الإعداد له. ما يجري الآن لا يزيد عن معركة محدودة الأهداف الى أن تتهيأ الظروف المناسبة لمعركة التحرير التي يتوق لها كل فلسطيني. 

إن غباء نيتنياهو في إدارة الصراع مع غزة، وإغلاقه أبواب المفاوضات مع السلطة، سيفقده مركزه كرئيس للوزراء في اليوم التالي لإيقاف إطلاق النار، وسيكون في ذمة التاريخ غبيا جلب الصواريخ لكل المدن في فلسطين المحتلة لأول مرة منذ نشأة اسرائيل. 

غدا سيحاسب الناخب الإسرائيلي نيتنياهو على غبائه وفشله في ملف غزة، وقد نصحه كثيرون بترك غزة تعيش حياتها، وبرفع الحصار عنها، وعدم حصر سكانها وقادتها في الزاوية، ولكنه أعرض عن نصائح مراكز الأبحاث، وتعامل مع غزة كما يتعامل الحاكم العربي المستبد مع شعبه، متناسيا الفرق بينه وبين الحاكم العربي، والفرق بين سكان غزة وفلسطين، والشعوب العربية. 

نحن في غزة وفلسطين أصحاب قضية نقاتل من أجلها منذ ستين عاما أو يزيد، وقضيتنا هي تحرير أرضنا وتقرير مصيرنا، وليست قضيتنا الديمقراطية الديمقراطية أو الحكم. .