خبر لا تنددوا بل إلفظوا- يديعوت

الساعة 09:34 ص|07 يوليو 2014

لا تنددوا بل إلفظوا- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: إن اعمال القتل معيبة لكن تحريض الوزراء الاسرائيليين الذي يفضي اليها يعتبر في اسرائيل عملا مشروعا ووطنيا وايمانيا - المصدر).

أمس بعد أن نشر نبأ توقيف المشتبه فيهم الستة بالمشاركة في قتل محمد أبو خضير، الفتى من شعفاط، صدرت تصريحات تنديد شديد عن وزراء حزب البيت اليهودي وساسة آخرين من اليمين.

وخطا رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت خطوة تزيد عما فعل رفاقه والتزم بأن يطلب حزبه أن يُطبق على القاتل القانون الجديد الذي يمنع العفو عن المخربين. ويقترح بينيت أن يمكثوا في السجن حتى آخر ايامهم.

لا سبب للشك في صدق التصريحات، فقد زعزع القتل كل انسان له صورة انسان في اليمين أو في اليسار أو في الوسط. وقد كان عند وزراء اليمين سبب آخر أقل بطولة للغضب لأن القتل أزال مطالبهم من برنامج العمل، فانه يصعب اجراء حملة دعائية فعالة لاحتلال غزة وضم أجزاء من الضفة وحملة انتقام بلا تفرقة من بلدات عربية أو إحلال بؤر استيطانية غير مرخصة في وقت توضع فيه الجثة المتفحمة لفتى بريء أمام أعيننا. ولم يكن لمطالبهم من البداية تسويغ أمني وسياسي وجردها القتل من ردائها الاخلاقي.

حان الوقت لنقول لكل المنددين على اختلافهم: لا تنددوا بل إلفظوا. ولا ينافس بعضهم بعضا في الشتائم التي تصبونها على رؤوس القاتلين بل عالجوا المحرضين بينكم اولئك المسؤولين عن العبارات المنفلتة وعديمي المسؤولية الذين ظهروا بعد اختطاف وقتل الفتية الثلاثة اليهود في غوش عصيون. إلفظوهم من بينكم لأن هذا القتل لم يولد في فراغ. إن لهذا القتل مثل قتل رابين وقتل إميل غرينتسفايغ، ومثل اعمال القتل والتخريب للعصابة اليهودية السرية ومذبحة غولدشتاين في الخليل، ومثل العمليات الارهابية لعصابات شارة الثمن واعمال قتل جاك تايتل وعصابة بات – عاين وغيرها، إن له أبا وأما وعمة وعما. فقد كان يغئال عمير قاتل رئيس الوزراء طالبا لأهم الحاخامين في الوسط الاستيطاني، وكذلك أيضا القاتلون اعضاء العصابة السرية اليهودية. كان يونا أبروشمي، قاتل نشيط "سلام الآن" غرينتسفايغ مخالفا صغيرا للقانون من القدس استمد الالهام بحسب شهادته من خطب تحريض سمعها من ساسة. وإن المشتبه فيهم بقتل الفتى من شعفاط أشبه في خلفيتهم بيونا أبروشمي من يغئال عمير، فالتحريض موجود في قلب حافزهم.

ستعالج أذرع القانون القاتلين، فالاشخاص هناك غير محتاجين الى تصريحات تنديد لمحاكمة القاتلين. أما المحرضون فلا يستطيع علاجهم سوى الجهاز السياسي.

داني دنون هو نائب وزير الدفاع. وقد أوصى في مساء اليوم الذي وجدت فيه جثث إيال يفرح ونفتالي فرانكل وغيل عاد شاعر بتقليد رئيس روسيا، فقد كتب في صفحته في الفيس بوك: "لو اختطف فتى روسي لسوى بوتين قرية بعد اخرى بالارض". لم أتابع صفحة دنون في الفيس بوك منذ قُتل الفتى، ولا أعلم هل انتقد القتل أم هو فرح بهذا الفعل، لكن ذلك لا يهم. فالذي يقرر في التحريض هو ما يكتب قبل. وربما يستطيع داني دنون أن يكون نائب وزير الدفاع في حكومة بوتين، أما حكومة نتنياهو فيجب عليها أن تلفظه منها. أو نوعام فيرل، أمين سر حركة "بني عكيفا" العالمية الذي ضُبط مع تصريح مسيحاني قال فيه: "إن أمة كاملة وآلاف سني التاريخ تطلب انتقاما" (وأنا أُجنب القاريء ما تلا ذلك). إن بني عكيفا حركة شباب، وهي هوى نفس الحزب الذي كان يسمى ذات مرة المفدال. فيجوز أن نتوقع أن يقترح رئيس الحزب على المنتقم العظيم أن يُخلي مقعده أو أن يحافظ على تحمسه لنفسه، على الأقل. واكتفى بينيت بالتنديد بالقاتلين. واريك ستروك هي نائبة في الكتلة الحزبية للبيت اليهودي ولها ايضا صفحة في الفيس بوك، ولم يكن عندها شيء تقوله عن الفتى من شعفاط، لكن كان عندها ما قالته عن قتل الثلاثة، فقد كتبت أن الحكومة ستُختبر بالثمن الباهظ الذي تجبيه من المخربين ومن حولهم. ولم تبين ما معنى "من حولهم" – فقد تركت هذا الامر لتخيل القارئين.

قالت ستروك تلك كلام شكر لله لأنه أمات اريئيل شارون، وهذا هو اعتقادها الديني وهذا هو اسلوبها. وقد وجد الحاخام الذي تُجله هي ورفاقها وهو دوف ليئور من يتحمل تبعة قتل الفتية الثلاثة وهو عدد من اقتراحات القانون العلمانية أُثيرت في الكنيست، فربه قتل ثلاثة فتية متدينين بسبب يئير لبيد، ولم يتجرأ أحد من اعضاء البيت اليهودي على التبرؤ منه، وكان ذلك بالطبع واحدا من أكثر تصريحات الحاخام ليئور اعتدالا.

إن الدرس هو أنه لم يتم تعلم أي درس لا من قتل غرينتسفايغ ولا من قتل رابين، ولا من جرائم العصابة السرية اليهودية ولا من مذبحة غولدشتاين. إن اعمال القتل معيبة لكن التحريض الذي يؤدي اليها يعتبر عملا مشروعا ووطنيا وايمانيا. بل هناك من يقولون إنه يأتي حتى بأصوات الناخبين.

ومن المناسب أن نذكر في حاشية هذه القصة جريمة اخرى، فبعد القتل في القدس كان هناك من اهتم بأن ينشر في الشبكات قصتين كاذبتين، الاولى أن القتل تم بسبب شجار بين عائلات؛ والثانية أنه حدث بسبب علاقات لوطية محظورة. وهكذا أضيف التشهير الى القتل. أخرجوا وانظروا كم يمكن أن يكون الناس بغيضين وآثمين وكل ذلك باسم الاخلاق اليهودية.