خبر بين دم ودم .. يديعوت

الساعة 09:48 ص|04 يوليو 2014


بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: إن يوم الجمعة هذا هو يوم امتحان للشرطة والجيش الاسرائيليين لأن الاحداث قد تخرج عن السيطرة وتكون مقدمة لانتفاضة ثالثة - المصدر).

استقر رأي قائد فرقة يهودا والسامرة العميد تمير يدعي أول أمس في ساعة مبكرة في الصباح على أن يجري مع قادة ألويته في منطقة قيادته حديثا. كان أكثرهم مستيقظين بعد ليلة نشاط اخرى في الجانب الفلسطيني. وقال لهم: "آمل ألا نكون نحن. آمل ذلك شعبا ومجتمعا لكن اذا كنا نحن فهو حدث غير صالح لأنه قد تبدأ اليوم الانتفاضة الثالثة".

لم يعرف يقينا هل اختطف يهود محمد أبو خضير الفتى من حي شعفاط؛ ولم يعلم هل الجثة المحروقة التي عثر عليها في الصباح في غابة القدس هي جثة الفتى، وما كان يستطيع أن يعرف. لكن كانت الرواية هي التي أقلقته، أعني الطريقة التي سيكتب فيها القتل في الوعي الفلسطيني. وفي الصراع اليهودي العربي لا تنتظر الروايات نهاية تحقيق المحققين. ففي غضون ساعات تثبت الصورة ويخطب الخطباء في مكبرات الصوت في المساجد ويخرج ملثمون الى الشوارع.

وجه قادة الألوية الى اعادة نشر قواتهم. وألغيت عمليات كان قد بدأ تنفيذها أو كانت توشك أن تنفذ في أحياء فلسطينية مرشحة للاحتكاك عالٍ؛ فقد كان اللواء 35، وهو لواء المظليين النظامي الذي قطع تدريبا في الجولان للمشاركة في العمليات في الخليل، كان يفترض أن يسرح أول أمس فأبقي في الميدان؛ وتم تعزيز القوات في غلاف القدس؛ وصُرف انتباه خاص الى أحياء كضاحية البريد تنتمي من جهة بلدية الى القدس لكنها تقع شمال جدار الفصل؛ ووضع مقاتلو حرس الحدود الذين هم افضل تدريبا من الجنود على علاج الاخلال بالنظام، وضعوا في اماكن حساسة. "لا يجوز لنا أن نغامر حتى لو كنا نحتوي الاحداث في هذه المرحلة"، قال يدعي لقادة الالوية. ولم ينس أن يحذرهم من اطلاق نار بلا حاجة قد يشعل المنطقة.

إن شعفاط والحي الملاصق لها بيت حنينا هما حيان غنيان وبرجوازيان يهربان من العنف كأنه النار. وتسكنهما النخبة الفلسطينية من الاطباء والمحامين وأصحاب الشركات والتجار. وقد اختار مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية منهم سلام فياض الذي تولى رئاسة الوزراء، السكن فيهما تحت حكم اسرائيل وأن يجتازوا الحاجز كل صباح متجهين للعمل في رام الله. ويسكنهما الكثير من الاجانب والعاملون في منظمات دولية وجمعيات اغاثة. والفيلات حسنة فخمة والمساكن واسعة.

وهي تطل على فضاء مدني مهمل وشوارع مشوشة وحاويات قمامة نسوا أن يجمعوا القمامة منها. ويشق الحي الشارع 60 وهو الشارع التاريخي الذي وصل القدس بنابلس وهو ايضا مسار القطار الخفيف. ويؤدي شارع سمي باسم المطربة المصرية أم كلثوم الى تحويلة تربط الحيين بالشارع 443 في الطريق الى تل ابيب.

أصر رئيس البلدية نير بركات الذي كان يحاول قبيل الانتخابات أن يستميل رئيس الوزراء على أن يسمي التحويلة باسم أبيه، بن تسيون نتنياهو، المؤرخ الذي اشتهر بكتابته المعادية عن الحكم الاسلامي. ولا يمكن أن تكون الجارة حسنة في نظر نتنياهو؛ ولا يمكن أن يكون الجار حسنا في نظر أم كلثوم. والذي يصح على الاموات يصح أكثر من ذلك على الاحياء: إن الجوار صعب على المقدسيين.

إن شعفاط وبيت حنينا برغم الهدوء وربما بسببه هما هدف سهل لعمليات شارة الثمن. والجناة صغار السن على نحو عام منيعون من العقوبة في واقع الامر.

اجراء انتفاضة

أوقف القاتلون سيارتهم في جانب الشارع 60 ونزل ثلاثة من السيارة. ويمكن أن نستدل بشهادات جمعت في الحي على أنهم بدوا يهودا وشبابا دون أن ندخل في تفاصيل التحقيق. وكان محمد أبو خضير في السادسة عشرة وهو فتى هزيل يبدو أصغر من سنه يجلس في الفجر على درج حانوت يتجه الى الشارع. ما الذي يفعله فتى في الشارع في هذه الساعة؟ كان ينتظر أباه الذي ذهب ليُصلي في المسجد في رمضان. وكان في الشارع ناس آخرون للسبب نفسه.

وفي الساعة 3:46 دقيقة فجرا في يوم الاربعاء اتصل بمركز الشرطة محلي يعرف الفتى ويعرف عائلته وأبلغ أنه رأى ثلاثة شباب يُدخلون الفتى الى سيارتهم بالقوة واتصل بالأب ايضا واتصل الأب بالشرطة وكرر البلاغ. وعمل مركز الشرطة هذه المرة بحسب المطلوب ففي غضون دقائق تمت عشرات الاعمال للعثور على الخاطفين. وهاتف قائد المنطقة يوسي فرينتي، القائد العام للشرطة دنينو في الساعة 4:15 فجرا أي بعد الواقعة بنصف ساعة فقط.

لكن الشرطة لم تنجح في منع القتل ولا في منع احراق الجثة واختفاء القاتلين، ووجد رجال الشرطة الذين وصلوا الى غابة القدس جثة محروقة دون علامات تعريف. وكانت الجثة صغيرة وخفيفة كجثة ولد.

حينما بلغت أنباء القتل الى الحي انفجر الغضب، فبدأ عدة عشرات من الشباب اجراء انتفاضة فأغلقوا الشارع ورموا السيارات المارة بالحجارة، وحينما جاء رجال شرطة استقبلوهم بالحجارة والشحنات المتفجرة المرتجلة.

واغلقت الشرطة الشارع والتحويلة بعد ذلك. وقصر القطار الخفيف مساره بأمر من الشرطة فلم يصل الى الاحياء الشمالية. إن قاعدة قيادة الوسط تقع على تل شرقي الشارع 60، وفي فترة الانتفاضة الثانية اضطر الجيش الاسرائيلي الى اغلاق باب القاعدة العسكرية الرئيس بسبب الرشق بالحجارة، وحول المدخل الى ظهر المعسكر الذي يماس بيوت الحي اليهودي بسغات زئيف. ولم يختر الشباب في شعفاط فقط العودة الى اجراء الانتفاضة أول أمس، بل فعل الجيش ذلك ايضا فأغلق الباب الرئيس وأصبح المدخل من الخلف من بسغات زئيف.

كانت المواجهة في شعفاط عنيفة. ولم يردع الغاز المسيل للدموع المظاهرين ولا الرصاص المطاطي ايضا. وأُفسدت محطة القطار الخفيف افسادا شديدا لا لأن للسكان حسابا مع القطار بل لأنه كان هناك ببساطة رمز فخور منمق للسلطة الاسرائيلية.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

في شعفاط لم يصدقوا اشاعات أن القتل كان جزءا من شجار بين عائلات، وعملا جنائيا حدث في وقت قومي. وصعب على رجال الشرطة كذلك أن يصدقوا لأن كل ما رأوه أدى بهم الى استنتاج أن الحديث عن ارهاب يهودي. وتسلى بعضهم بفكرة أن اشخاصا في السلطة الفلسطينية معنيين بالهدوء أشاعوا أمر الشجار بين العائلات آملين تهدئة الشارع. فهي النسخة الفلسطينية من الحرب النفسية.

لم يزد عدد المشاغبين أول أمس على بضع عشرات. وكان السؤال الكبير الذي أهم متخذي القرارات في اسرائيل هو ماذا سيحدث بعد ذلك، وهل ينتقل الاحتجاج العنيف الى البلدة القديمة والى جبل الهيكل ومدن الضفة والى الوسط العربي في اسرائيل والى الدول العربية. إن ذلك يبدأ بواقعة واحدة تتعقد وتتطور وتخرج عن السيطرة. هذا ما كان في الانتفاضة الاولى في كانون الاول 1987 التي بدأت بحادثة طرق قاتلة في مخيم اللاجئين جباليا في قطاع غزة؛ وهو ما حدث في احداث نفق حائط المبكى في 1996، وهو أول مواجهة عنيفة دُعي نتنياهو الى علاجها بصفته رئيسا للوزراء. وبلغ عدد القتلى 17 جنديا ونحوا من 100 متظاهر. واليوم يوم الجمعة وهو اليوم السادس من شهر رمضان وهو يوم الامتحان. "نحن نقعد فوق برميل متفجرات"، حذر قائد الفرقة الضباط. "اذا وقعت شرارة واحدة انفجر كل شيء".

كلمات شجاعة

في اثناء البحث عن الفتيان الثلاثة المخطوفين جمع القائد العام للشرطة قادة الشرطة ليتباحثوا فيما سيكون في اليوم التالي. وكان فرض العمل أن الفتيان ليسوا أحياءً وأن العثور على الجثث سيفضي الى اعمال انتقام من يهود تولد في شبه يقين ردا عنيفا في شرقي القدس وفي الوسط العربي في اسرائيل. وللشرطة خطة جاهزة لهذا السيناريو.

ووجدت توقعات مشابهة في "الشباك" ايضا وهو الجسم الذي مهمته احباط الارهاب اليهودي والعربي على السواء. وكان خطف الفتيان فشلا لاذعا في مجال الاحباط وكذلك كان القتل في القدس اذا فرضنا أنه تم لبواعث قومية. وبخلاف الدعاوى التي تصدر فينة بعد اخرى عن متحدثين متطرفين من اليسار، يبذل "الشباك" الكثير من الجهد لاحباط اعمال ارهاب يهودية. لكن النجاحات قليلة ونظرية العمل التي طورها "الشباك" لا تعمل في مواجهة ارهابيين يهود.

يُكثر متحدثون اسرائيليون من الشكوى من التحريض في الجانب الفلسطيني، فليست حماس وحدها تدعو الى المس بيهود أبرياء بل يفعل ذلك مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية ايضا. وتعتاش مختلف الجمعيات اليمينية مما يقل صدقها أو يكثر على النبش في كل نبأ ينشر وكل تصريح. والاقتباسات قاسية تدعو الى اليأس.

أحدث خطف الفتيان تناسبا ووجدت جمعيات يسارية قدرا كبيرا من الاقوال المزعزعة صدرت عن ساسة من اليمين ومساعديهم. فقد كتب نائب وزير الدفاع داني دنون في صفحته في الفيس بوك: "لو اختطف ولد روسي لسوى بوتين بالارض قرية بعد قرية".

"يجب أن نعامل شعبا ابطاله قاتلو اولاد على حسب ذلك"، كتبت اييلت شكيد، رئيسة كتلة البيت اليهودي. وكانت ترد بذلك على مظاهرة لعرب اسرائيل مؤيدة للخاطفين في وادي عارة.

وكتب نوعم بيرل، امين سر حركة بني عكيفا العالمية، وهي الحركة التربوية للوسط الصهيوني المتدين: "إن أمة كاملة وآلاف سنوات التاريخ تطلب انتقاما".

"هذه بالضبط هي لحظة الجنون!" كتب أوري بانك الذي كان في الماضي امين سر كتلة الوزير اوري اريئيل. "حينما يمسون أبناءنا يُجن جنون رب البيت ولا حدود لنا. يجب نقض السلطة الفلسطينية، وضم يهودا والسامرة واعدام كل مخرب يمكث في السجن بسبب القتل، واجلاء عائلات المخربين الى غزة".

وهذه امثلة قليلة فقط. وكان هناك من جهد بنشر ارقام الهواتف المحمولة للوزراء اعضاء المجلس الوزاري المصغر فأُغرقوا بمكالمات هاتفية دعت الى "الموت للعرب"، في النهار والليل. وتحدثوا في الخارج عن وحدة الشعب وحب اسرائيل وكانت هذه هي الرسالة التي أراد والدو الفتيان نقلها. وتمنوا في الشبكات الاجتماعية ذبح فلسطينيين.

"القتل هو القتل، ولا فرق بين دم ودم"، قالت رحيل وآفي فرانكل، والدا أحد الفتيان ردا على قتل الفتى الفلسطيني. "لا تسويغ ولا مغفرة ولا عفو عن أي قتل".

وهذه كلمات دقيقة وشجاعة. وحينما تقال في اثناء الألم والثكل يكون لها معنى انساني واخلاقي لا مثيل له. وربما يوجد مكان لنضيف في هامشها أن التحريض هو التحريض ولا فرق بين محرض ومحرض، ولا بين داني دنون اليهودي وداني دنون الفلسطيني. فكلاهما يستحق اللجم، بقيود حرية التعبير وصعوبة السيطرة على الكلام الكثير في الشبكة. حينما توجهت وزيرة القضاء تسيبي لفني الى المستشار القانوني للحكومة فينشتاين وطلبت تدخله لم يكن يعلم. وأصدر تصريحا في شأن التحريض حينما بلغ السيل الزبى فقط.

إن شيئا من المسؤولية عن هذه الموجة غير الملجومة يعود الى ثقافة الانترنت، فالشبكات الاجتماعية تشبه مرحاضا بابه مفتوح فما اعتاد الناس ذات مرة أن يقولوه لأنفسهم في الظلام أصبحوا ينشرونه الآن في مدوناتهم، ويصح هذا على الساسة وعلى الصحفيين ايضا. فقد أصبحت تصريحات غير ملجومة واكاذيب واشاعات وكلام ما كان ليمر في الماضي من مصفاة المحرر، اصبحت تجري قوية في الشبكات الاجتماعية. وحينما تقع حادثة صادمة كخطف الفتيان يفيض ماء الصرف الصحي.

ويقع شيء من المسؤولية على وسائل الاعلام الشرعية التي اغرقت المشاهدين والقراء بطوفان مشاعر حتى بلغ ذلك حد غسل الدماغ. وكذلك الساسة بالطبع. كتب حاييم نحمان بيالك على أثر ذبح اليهود في كيشنيف قصيدته "عن الذبح". ويقول أحد ابيات القصيدة المشهورة: "لم يخلق الشيطان بعد الانتقام لولد صغير".

لم يكن رفائيل ايتان، رفول، خبيرا كبيرا بالشعر لكنه كان يفهم في الانتقام. فقبيل احدى العمليات في لبنان اقتبس هذا البيت في الكلام الذي قاله للجنود. وفعل الجمع بين الدم والولد والانتقام والشيطان فعله. وجاءت بعد ذلك مخالفات قتل الاسرى المقيدين.

وكرر عدد من الساسة الاقتباس من هذه القصيدة في هذا الاسبوع. ولو كان عندهم شيء من الاستقامة لقرأوا القصيدة كاملة: "ملعون من يقول: انتقم!/ إن هذا الانتقام لولد صغير لم يخلقه الشيطان بعد".

يعرف نتنياهو كيف يكون حذرا منضبطا في مثل هذه المواقف. لكن يجب عليه ايضا أن يأخذ في حسابه أنه حينما يقرأ في تأبينه للثلاثة قول الكتاب المقدس "لينتقم الرب لهم" فهناك بين سامعيه من يراسلون الرب على الدوام. فهو يعدهم بشيء ما باسم الرب فيفكرون فورا في التنفيذ.

إن صهيونيته هي صهيونية نواحة، وواعظة، صهيونية العالم مدين لها طول الوقت. وبدل تحمل المسؤولية عن اخطائنا – وخطف الفتيان واحد من اخطائنا فقط – تلقي المسؤولية على الآخرين دائما.

على أثر القاتلين

بلغني نبأ قتل الفتى في القدس وأنا في الطريق الى حلحول. كنت أسير في الشارع 35 الذي يقطع يهودا من الغرب الى الشرق. وكانت الشوارع خالية هادئة كما هي الحال في القدس في صباح يوم السبت، وكذلك كانت البلدات الفلسطينية على طول الشارع. وكان في الهدوء شيء احتفالي وشيء غير طبيعي فخيل إلي أن الحياة وقف سيرها فجأة.

اختفت قوات الجيش الاسرائيلي التي ملأت في بداية الاسبوع تلك المنطقة بالحافلات والسيارات المدرعة وكأنها لم تكن. وفي عدنا، وهي قرية فلسطينية تمتد عن جانب الشارع، كانت القوة التي فجرت بيت زياد عوض الذي قتل المقدم باروخ مزراحي تترك المكان. كانت القوة كبيرة والمقاومة هامشية. ومن الدروس التي استخلصها الجيش من مواجهات سابقة أنه كلما كانت القوة التي تظهرها القوة العسكرية اكبر قلت المقاومة.

إن اعمال البحث عن الثلاثة واعتقالات رجال حماس وهدم البيوت في ذروة عيد كان يمكن أن تنتهي الى قائمة طويلة من القتلى من الطرفين. ولم يحدث ذلك برغم أن الجنود دخلوا الميدان مشحونين عاطفيا. إن الجيش الاسرائيلي يستحق كلمة طيبة بسبب ما لم يحدث في الميدان في اسبوعي البحث المرهقين.

في 2:30 بعد منتصف الليل أول أمس وصلت مكالمة هاتفية الى المركز جعلت الفرقة كلها تهب، فقد هاتفت امرأة من بيت لحم لم تدع لهجتها مكانا للشك في أنها يهودية. قالت: خطفني عربيان أحضراني الى بيت وأوصدا الباب علي. وعلى النوافذ مشبكات حديدية وأنا لا استطيع أن أهرب.

وتم الفحص عن موقع جهاز الهاتف وتبين أنها في بيت لحم حقا. وأضاءت كل سيارة عسكرية وجدت في المنطقة مصباحا وانطلقت مسرعة الى بيت لحم. يقع البيت في شارع يقطع المدينة على بعد 400 متر تقريبا عن الدهيشة. ودخلت القوة الى الداخل وخلصت المرأة وتبين أنها لم تُخطف بالضبط بل جاءت الى البيت طوعا في اطار صفقة تشوشت.

ليست هذه القصة تعلة الاخفاق بل هي واقعة حدثت لكنها تثبت وجود الخط الدقيق الذي يفصل بين الاستصراخ عبثا ومأساة قومية. في اثناء البحث عن الثلاثة اختفى شاب حريدي من بيتار العليا. وخُشي أن يكون اختطف وتبين آخر الامر أنه اختفى مؤقتا لاسبابه الخاصة.    

مرت 24 ساعة بين الخطف والاشارة الى إسمي القاتلين والمنطقة التي ربما دفنا فيها جثث الفتيان في الوادي بين حلحول وبيت كحيل. وكان "الشباك" صادقا في شأن هوية الخلية وأقل صدقا في شأن حدود المنطقة، ولم تساعد النظارة المحطمة التي وجدت هناك فقد تبين أنها رميت في الطريق. وفي نهاية الامر وجدت الجثث على بعد ثلاث مراحل شمال شرق منطقة البحث، في ضفة وادي الخروب الذي يتجه مثل كل الجداول في المنطقة الى ترقوميا والخط الاخضر...