خبر المحكمة العليا عميلة- هآرتس

الساعة 09:12 ص|03 يوليو 2014

بقلم: جدعون ليفي

كل الاحترام للمحكمة العليا، فقد برهنت مرة اخرى على أنه لا مثيل لها في الحفاظ على تقاليد قضائية مجيدة. وقد جاء الرؤساء وذهبوا وتبدل القضاة وحل محل المجموعة البراقة الجليلة مئير شمغار واهارون براك ومشآل حشين ودوريت بينيش مجموعة الموظفين الباهتة لآشر غرونس، لكنها لم تقطع لحمها. وقد برهنت حلقة الذهب مرة اخرى على أنها ليست سوى ختم مطاطي ليّن. وقد خبا نور منارة العدل منذ زمن وهو في واقع الامر لم يُضيء قط حينما كانت الامور تتعلق بالاحتلال. فهناك، هناك خاصة، حينما يحتاج الى المنارة تتحول الى ثقاب متفحم وتصمت.

تقف الفاعلية القضائية عند الخط الاخضر الذي توجد الارض المشاع وراءه. هل تتذكرون الشهادة النموذجية، أعني فيلم "سلطة القانون"؟ أصبح يمكن انتاج "سلطة القانون 2". وحينما يحين الوقت ويجري وزير التاريخ موازنته سيتذكر أين كانت المحكمة العليا حينما حدث كل ذلك. وسيكتب الوزير أمامه أن المحكمة العليا كانت عميلة.

رفضت المحكمة العليا أول أمس للمرة الـ 150 وربما أكثر اعتراضا آخر على هدم بيت مخرب. بل إن المحكمة العليا اشمأزت هذه المرة من الصغائر: لم يُدن زياد عوض الى الآن بقتل ضابط الشرطة باروخ مزراحي، لكن الجرافة اتجهت الى بيت عائلته. فالمحكمة العليا لا تعتقد أنه ينبغي انتظار التجريم ولو تظاهرا على الأقل. ولماذا يُحاكم؟ إن الجيش الاسرائيلي و"الشباك" قد حكما عليه وليذهب القانون وفصل السلطات الى الجحيم.

وليذهب القانون الدولي ايضا الى الجحيم وهو الذي يمنع هدم البيوت كوسيلة عقاب (المادة 53 من وثيقة جنيف الرابعة) ويمنع معاقبة ناس بسبب فعل نفذه غيرهم (المادة 33 من الوثيقة والمادة 50 من احكام لاهاي). دعونا من لاهاي وجنيف، ودعونا من المحكمة العليا وهذه المؤسسات التي لا صلة لها بالواقع، ففي مناطق الاحتلال الاسرائيلي سيد واحد فقط يجوز له أن يفعل كل شيء. ومن الحقائق أن المحكمة العليا تُمضي الامر. إن المحكمة العليا تُمضي تقريبا كل نزوة لجهاز الامن. وقد تهرب قضاتها سنين من بت أمر اعمال التعذيب ولم يتجرأوا قط على إبداء رأي في قانونية المستوطنات، ووافقوا دائما تقريبا على اعمال الطرد والاعتقالات الادارية وهدم البيوت. وهم يستلون دائما الذريعة الدورية وهي أن هدم البيوت ليست خطوة عقاب بل خطوة "ردع" (برغم أن لجنة عسكرية عينها موشيه يعلون حينما كان رئيسا لهيئة الاركان قضت في 2005 بأن الهدم لا ردع فيه تقريبا وأن ضرره يفوق فائدته). ولا يعتبر قضاة المحكمة العليا الاسرائيلية الهدم ايضا عقابا جماعيا – فالعائلة تعاني بسبب سجن المُدان كما قضوا في الماضي – والقانون الدولي يخضع في المناطق لشيء أجلّ في نظرهم هو المادة 119 من احكام الدفاع في اوقات الطواريء منذ ايام الانتداب البريطاني.

إن قضاة القدس حينما يجلسون على هيئة المحكمة العليا يفترض أن يبحثوا في شؤون يرون فيها حاجة الى "المساعدة من اجل العدل" (القانون الاساس: المحاكمة). لكن لا يحتاج لا الى مساعدة ولا الى عدل في شؤون الاحتلال، فتكفي تلك التي تقدمها سلطات الاحتلال عن افضالها الجم. فبيت شقيق عوض كأنه بيته، وزوجته وأبناؤه مذنبون ولهذا سيُهدم بيتهم عليهم. والرسالة نفس الرسالة المثيرة للكآبة والمخيفة سواء كان ذلك بلغة حشين الشعرية أم باللغة البيروقراطية لمريام ناؤور ويورام دانتسيغر وأوري شوهم. فتابعوا الاحتلال والعقاب والسلب والتنكيل، فالمحكمة العليا من ورائكم.

هذه ايام مظلمة. إنها ايام ألم وكراهية وتهييج وانتقام وتحريض. وهذه هي الايام التي تحتاج فيها اسرائيل بالضبط للمحكمة العليا، لكن المحكمة العليا لا تأتي بل لا تهاتف. اعتيد في هذا البلد وفي العالم أن يُهتف باسمها بل تجرأ اليمين الاسرائيلي بوقاحته على أن يُعرفها بأنها يسارية، كما عرف الاعلام في اسرائيل على نحو ساخر وهو الذي يكتب في هذه الايام فصلا بائسا آخر في تاريخه. إن المحكمة العليا هي وجه اسرائيل الجميل المستنير، لكن لا يُحتاج مع مثل هذا الوجه الى ذلك الوجه القبيح الذي يُسفر الآن في شوارع القدس. إن الزعران يشاغبون في الشوارع وسجل لعصابة اليهود أمس آلاف الاعضاء في الفيس بوك. وأي الفريقين أسوأ: الغوغاء الذين يشتهون الانتقام أم مُحللوا الانتقام في دار العدل؟.