خبر نتنياهو وعباس زوجان غريبان- هآرتس

الساعة 09:10 ص|03 يوليو 2014

بقلم: آري شبيط

يوجد غير قليل من المشترك بين بنيامين نتنياهو ومحمود عباس فكلاهما يقول إنه يطلب السلام، وكلاهما غير مستعد لدفع ثمن السلام، وكلاهما يبغض العنف. فنتنياهو، بخلاف بعض رؤساء الوزراء الذين سبقوه، لا يسارع الى معركة ولا يسارع الى ضغط الزناد ولا يميل الى أن يورط نفسه في حروب لا حاجة اليها. ويدرك عباس، خلافا لياسر عرفات، أن الارهاب الفلسطيني مضر بالقضية الفلسطينية ولهذا يحاول حقا القضاء عليه.

إن الهدوء النسبي الذي غطى اسرائيل وفلسطين في سنوات حكم نتنياهو وعباس ليس عرضيا بل هو نتاج حقيقة أن حكومة اسرائيل والسلطة الفلسطينية يرأسهما شخصان استدخلا في أنفسهما حقيقة أنه توجد حدود للقوة، وأن الاستعمال المبالغ فيه للقوة قد تكون له نتائج مدمرة. وليس نتنياهو وعباس حمامتين بالمعنى الاستراتيجي، فلا أحد منهما ينطوي على السلام الكبير. لكنهما حمامتان بالمعنى التكتيكي حتى نقطة ما، فكلاهما يؤمن بأن الطريقة الصحيحة للدفاع بالاهداف الوطنية قدما هي الطريقة السياسية.

إن اختطاف الفتيان الثلاثة الاسرائيليين عرّض الزعيم الاسرائيلي والزعيم الفلسطيني لتحدي غير سهل، فقد استعمل على نتنياهو ضغط ليرد بوحشية. وواجه عباس التأييد الشعبي الواسع – والمقلق – للخاطفين والاختطاف، لكن هذين الضابطين لأنفسهما حافظا على ضبط النفس واستغل كل واحد منهما المأساة ليدفع قدما ببرنامج عمله. ولعن كل واحد منهما الآخر كالمعتاد.

لكنهما عملا حقا حقا على نحو مدهش جدا، فاسرائيل نتنياهو لم تخطُ خطوات غير معقولة. وعباس فلسطين أظهر بطولة حقيقية حينما اعترض على الجريمة المنكرة. لقد فعل نتنياهو وعباس في بداية الازمة ما لم يفعلاه مدة سنوات التفاوض، فقد عملا مثل فريق مسؤول ناضج استوعب الوضع القابل للانفجار ومنع التصعيد دون أن يعترفا بذلك لحكومتيهما وشعبيهما.

في عصر يوم الاثنين حينما تحول الخطف الى قتل قويت قابلية الانفجار وأثار نفتالي بينيت في المجلس الوزاري المصغر افكارا هاذية، بل بذل وزراء آخرون أكبر قدرتهم لاشعال حريق. لكن فريقين عسكريين مديدي القامة، موشيه يعلون وبني غانتس، جابها قِصار القامة، وساعد تل ابيبيان سليما العقل، تسيبي لفني ويئير لبيد، نتنياهو على الحفاظ على ضبط النفس. ولهذا لم تشبه قرارات الاول من تموز 2014 قرارات 12 تموز 2006 ألبتة. واجتاز نتنياهو بنجاح اليوم الاول من الدم في العيون والانتقام في القلب. ولم يفقد عقله بعد أن تبين أن المخطوفين قُتلوا، ولم يُهيج مواجهة عسكرية.

لكن الخطر ما زال موجودا هنا، فالزعران من اليهود يعيثون فسادا في شوارع القدس. وسبب فتى عربي خُطف وقُتل في ظروف غير واضحة، سبب هياج النفوس وتأجيج الغرائز والرشق بالحجارة. إن غربان القسوة السود تحوم فوقنا والحماقة جاثمة على الباب. وقد يصبح من كان معتدلا فيما يتعلق بعمليات عسكرية متسرعة، قد يصبح متطرفا فيما يتعلق بمشاريع استيطان متسرعة. فحينما يغلي الدم وحينما لا توجد مسيرة سلام تُقر الاوضاع فان كل قرار خاطيء وكل جريمة كراهية وكل قذيفة صاروخية قاتلة قد تشعل نارا قد تخرج عن السيطرة.

وهكذا تعود الكرة الآن الى نتنياهو وعباس. يجب على رئيس وزراء اسرائيل أن يقول قول زعامة وقولا أخلاقيا واضحا في مواجهة المتطرفين الاسرائيليين. ويجب على رئيس السلطة الفلسطينية أن يندد بالمتطرفين الفلسطينيين. ويجب على نتنياهو أن يطبق القانون على اليهود كما يُطبق على العرب، ويجب على عباس أن يتبرأ من حماس. ولمنع سوء الاوضاع ينبغي منع اعمال التحرش من كل نوع.

  يجب على الزوجين الغريبين نتنياهو وعباس أن يفعلا كل ما يستطيعان للحفاظ على انجازهما الواحد والوحيد ألا وهو الاستقرار.