خبر الاختطاف من وجهة نظر الفلسطينيين- هآرتس

الساعة 09:16 ص|02 يوليو 2014

الاختطاف من وجهة نظر الفلسطينيين- هآرتس

هو شيء واحد في رتابة العنف

بقلم: عميره هاس

(المضمون: الضحايا الاسرائيليون يُعطون وجوها وأسماء في اسرائيل وفي العالم، أما الضحايا الفلسطينيون الكثيرون فهم مجرد احصاء في أحسن الحالات - المصدر).

 

يرى الجمهور الفلسطيني أن خطف طلاب المدرسة الدينية الثلاثة في الضفة الغربية وقتلهم شيء واحد في رتابة عنف تتحمل اسرائيل المسؤولية الاولى عنها. ولم يثيرا المعارضة والاحتجاج

 

لكنهما لم يثيرا ايضا التأييد والتشجيع على فعل غيرهما. وقد قتل اسبوعان من الضغط العسكري الاسرائيلي الذي أضر بآلاف العائلات الفلسطينية التي لا صلة لها ألبتة بالاختطاف، قتلا الميل الطبيعي الى الشعور بالعطف والمشايعة بصورة نقطية.

 

يرى الفلسطينيون أن الاسرائيليين بخاصة والعالم بعامة ينافقون في معاملتهم للعنف، فالعنف الفلسطيني يحظى بالتنديد ويعاقَب منفذوه ومن لم ينفذوه أشد العقاب – برغم أنه ردي في طابعه. أما العنف الاسرائيلي الثابت في مقابله – من السلطة لمجرد كونها سلطة اجنبية، ومن الجيش ومن أفراد مثل المستوطنين – فلا يكاد الاعلام يتحدث عنه فضلا عن أن يعاقب، ولا يعرف بأنه عنف ولا يثير اهتمام الاسرائيليين ومن المؤكد أنه لا يثير عندهم مشاعر العطف. وضحايا العنف الاسرائيليون الذين يقل عددهم عن عدد الفلسطينيين يعطون وجوها وأسماءً في اسرائيل والعالم. وأما الضحايا الفلسطينيون الكثيرون فهم في أحسن الحالات مجرد احصاء. وليس هذا الرأي مجرد موقف في مقالة في صحيفة بل هو في صلب التجربة الفلسطينية اليومية.

 

ظن فلسطينيون كثيرون جدا أنه لم يحدث خطف قط الى أن كشف عن الجثث، وكانوا يرون أن اختلاق الخطف يرمي الى افشال حكومة الاتفاق الوطنية الفلسطينية والى الغاء انجازات صفقة شليط (من وجهة النظر الفلسطينية) والى المس بحماس. واستنتجوا أن الخطف أفاد حكومة نتنياهو التي حشرت في زاوية من جهة دبلوماسية (كالرفض الاوروبي والامريكي لمعارضة حكومة التوافق الفلسطينية). وبدأ اضراب المعتقلين الاداريين يثير أصداءً اعلامية وكشف قتل جنود الجيش الاسرائيلي للفتيين الفلسطينيين في بيتونيا عن اكاذيب في الرواية الاسرائيلية وأحرج السلطات الاسرائيلية بصورة ظاهرة. وبدل أن يُسأل "من هو الفلسطيني الذي نجح في التشويش على هذه النجاحات الفلسطينية" جُندت نظرية المؤامرة.

 

ومُنع بذلك نقاش عام في استنتاج آخر: ففضلا عن أنه لا توجد استراتيجية فلسطينية واحدة ثبت مرة اخرى أنه لا يوجد في حركة حماس ايضا تنسيق تكتيكي واستراتيجي. فالخطف يعرض الحكومة الجديدة للخطر ويعمل بذلك مخالفا مصالح قادة حماس وأقسام واسعة من هذه الحركة. إنهم في حماس محتاجون في المدة القريبة الى حكومة التوافق لاجتياز ازمة الرواتب لعاملي حماس في غزة وللتخلص من عبء الازمة الاقتصادية المزمنة التي ينشئها الحصار الاسرائيلي. ومن جهة اخرى اضطر اولئك الذين غضبوا – من حركة فتح في الاساس – على النشطاء المحليين الذين

 

نفذوا الخطف الى كتم مشاعر الغضب بازاء الهجمات الاسرائيلية التي وجهت على جمهور فلسطيني كبير جدا.

 

وتمنى آخرون – معارضون لحماس ايضا – اللحظة التي يعلن فيها الخاطفون شروطهم لاعادة المخطوفين (أحياء). ويعتبر الخطف في الضفة والقطاع وسيلة مشروعة مع وجود عدم التكافؤ بين قوتي الفلسطينيين والاسرائيليين. واذا كان هدف القاتلين ابقاء المخطوفين أحياء فتشوش عليهم ذلك، فان الامر يشهد على عدم المهارة وعدم الاعداد. ويُشك هنا ايضا في أن يمكن نقاش لأن حماس لا تتبرأ علنا من اعضائها الذين فشلوا أو عملوا صدورا عن رأيهم الخاص.

 

في هذا الجو لا يتجرأ الفلسطينيون الذين يعتقدون أنه ينبغي ألا يُقتل فتيان اسرائيليون غير مسلحين حتى لو كانوا مستوطنين أو يدرسون في المستوطنات، لا يتجرأون على قول ذلك بصوت عالٍ. وبعد أن اضطر الفلسطينيون الى الاعتراف بأن ليس الحديث عن جنود مسلحين اختطفوا بل عن فتيان عادوا فأكدوا أن الحديث عن مستوطنين. ويغلب على الفلسطينيين رأي أن المس بالمستوطنين سائغ وأنه ينبغي التفرقة بينهم وبين مدنيين اسرائيليين في داخل الخط الاخضر. وقال شخص يشهد بأنه لا يستطيع أبدا أن يقتل مستوطنا بنفسه قال إن المس بمستوطنين يُرى أنه اشارة الى الاسرائيليين ألا يرسلوا أبناءهم الى الضفة الغربية التي لن يشعروا بالأمن فيها، وأن يعلموا أن وجودهم فيها معناه سلب الفلسطينيين.

 

نشك كثيرا في أن تكون هذه هي الرسالة الاصلية التي فكر فيها خاطفو الفتيان وقاتلوهم. والشيء الواضح هو أنه لا يجري الآن نقاش فلسطيني داخلي في سؤال هل يخدم القتل هذا الهدف حقا.