خبر سلام أيها الشريك- هآرتس

الساعة 09:42 ص|25 يونيو 2014

بقلم: كارولينا لينتسمان

(المضمون: هل يستطيع المجتمع الفلسطيني أن يحمي زعيمه الشجاع محمود عباس من قوى المعارضة بخلاف المجتمع الاسرائيلي الذي لم يستطع حماية رابين الشجاع من المعارضة؟ - المصدر).

 كان قتل اسحق رابين ردا على التقدم في مسار سياسي كان يفترض أن يفضي الى تقسيم البلاد واعادة المناطق. وبرأ المجتمع الاسرائيلي نفسه زاعما أن الحديث عن نبتة ضارة، وانتخب صدورا عن المصالحة أكبر خصم عقائدي لرابين كي يرأسه. لكن من مثل بنيامين نتنياهو الذي كان يُشرف على الجموع الغاضبة التي تظاهرت في الميادين اعتراضا على رابين، من مثله يعلم مبلغ عمق الانقسام بيننا، وما هي الاخطار الداخلية التي تنتظر كل من يقود مسار اعادة المناطق واخلاء المستوطنات.

 

          أوضح بيل كلينتون في حينه أن مشكلة الاسرائيليين والفلسطينيين ليست الموافقة على اطار الاتفاق بل القدرة على بت القرار. ومنذ ذلك الحين الى اليوم ومع كل مسار سياسي حُرك وخمد، يقوى الشعور بأن الحوار بين الشعبين لن يفضي الى اتفاق. ويبدو أن مسار التفاوض عالق بسبب خوف الطرفين من المعارضة الداخلية أكثر من كل شيء آخر.

 

          ليس من العجيب أن شعر جون كيري بأن طلب الاعتراف الفلسطيني بالدولة اليهودية يرمي الى افشال التفاوض. فالطرف الاسرائيلي خائف منذ سنوات من الصهيونية الدينية وكل مطلوبه أن يحرز البرهان على أن الطرف الآخر يرفض التوقيع، وهو برهان يمكنه أن يلوح به في وجه العالم ومؤيدي السلام في الداخل ليعود فيغطي نفسه بلحاف الوضع الراهن الدافيء.

 

          أدرك محمود عباس الخبير بالصهيونية كما أدرك دافيد بن غوريون الذي فهم أن الحوار المباشر والتعاون الامني مع بريطانيا في الحرب العالمية الثانية غير كافيين لجعلها تغير سياستها نحو الاستيطان اليهودي، أدرك عباس في المحادثات الاخيرة أن مفتاح تغيير السياسة في حال الفلسطينيين موجود في يد امريكا، وينبغي التوجه الى مسار يلتف على اسرائيل. ويرى من وجهة نظره أن تطلب الامم المتحدة الى اسرائيل أن تنسحب من المناطق أو تعرض نفسها لخطر عقوبات وإقصاء. وكانت المصالحة الفلسطينية خطوة مطلوبة للتقدم في المسار الدولي ومنحت عباس قوة أكبر باعتباره يمثل الشعب الفلسطيني كله.

 

          ليكن من كان ذاك الذي اختطف الفتيان المستوطنين، فانه لا يؤمن بنضال غير عنيف لتحرر وطني، وهو غير مستعد لمصالحة سياسية وقد فعل ذلك في لحظة حرجة للشعب الفلسطيني. ولهذا فان الاختطاف عمل يُضاد زعامة عباس وثقة العالم به، وهو إضرار شديد بالنضال الفلسطيني.

 

          عند الفلسطينيين ايضا لا في اسرائيل فقط تدخل المعارضة في العمل حينما يوجد احتمال لمسيرة سياسية. فما زال المعارضون العقائديون لتقسيم البلاد في اسرائيل وعند الفلسطينيين يتعاونون بينهم على هدفهم المشترك. ولهذا فان الساذج فقط يتوقع أن تُظهر حكومة نتنياهو وبينيت وليبرمان مسؤولية اقليمية في هذا الوقت العصيب بدل أن تجهد لتعميق الانقسام في المجتمع الفلسطيني وإذلال زعيمه.

 

          يبرهن رد عباس على أنه لا يخشى المعارضة هذه المرة، وعلى أنه مستمر على السير قدما. وهو لا يقلب الطاولة ولا يوقف التنسيق الامني مع اسرائيل. ولا يستسلم لمشاعر الألم وشعور شعبه بالاذلال الذي يقوى كلما طال وجود الجيش الاسرائيلي. إنه يقف ثابتا مستمرا على محاولته أن يقود مجتمعا فلسطينيا موحدا في مسار دولي يعترف بنضجه القومي. فينبغي أن نأمل أن يستطيع المجتمع الفلسطيني أن يحمي زعيمه الشجاع من قوى المعارضة أكثر مما فعل في حينه المجتمع الاسرائيلي حينما كان زعيمه الشجاع رابين محتاجا الى حمايته. ومن جهة اخرى قد يقنع قتل يغئال عمير فلسطيني لعباس، قد يقنع الاسرائيليين بأنه كان شريكا صالحا في السلام.