خبر المصالحة الفلسطينية مجمدة..!!.. مصطفى إبراهيم

الساعة 07:41 ص|24 يونيو 2014

على عكس الفلسطينيين ظهرت "إسرائيل" المجروحة موحدة خلف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لضرب الفلسطينيين بقوة من اجل اعادة المختطفين، وشنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة استباحت فيها الضفة الغربية،

وجندت نحو 7500 جندي من الكتائب المختلفة في الجيش الإسرائيلي إقتحموا جميع المدن والقرى الفلسطينية من بيت إلى بيت، في عملية تخويف وبث الرعب في صفوف الفلسطينيين، وبعد عشرة أيام من الحملة المستمرة حتى كتابة هذه السطور لم تحقق الأهداف التي خرجت من أجلها حسب ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، لكنها ستترك آثاراً سلبية ضد السلطة وموقف الناس منها.

وظهر نتنياهو بوقاحة المتغطرس المتعالي وهو يحمّل المسؤولية للسلطة الفلسطينية ويلقي الأوامر لأبو مازن لفرط عقد المصالحة، وأن المصالحة مع "حماس" هي السبب في عملية الاختطاف، وبعد صمت من أبو مازن ظهر الرجل بجملة من التصريحات فجّرت الساحة الفلسطينية وتركت انطباعات سيئة وبها من المهانة والإذلال للفلسطينيين، وعبّرت عن عدم جدية المصالحة وأنها لم تعد قائمة ومجمدة.

أظهرت عملية الإختطاف عجز السلطة وعدم قدرتها عن الدفاع عن المواطنين وحمايتهم، كما ظهر الموقف الفلسطيني مذهولاً ومرعوباً وصامتاً لفترة من الزمن، إلى أن دخلت الساحة الفلسطينية في مناكفات معيبة بين "فتح" و"حماس" وجدل وتوجيه الاتهامات والتشكيك في وجود مختطفين، وأنها فبركة من نتنياهو لضرب الفلسطينيين والضغط على أبو مازن لحل حكومة التوافق والاستجابة لشروطه.

وكانت القنبلة شديدة الانفجار الذي ألقاها أبو مازن أثناء خطاب أبو مازن في مؤتمر القمة الإسلامية في جدة، واستنكر فيها عملية الاختطاف وهاجم بألفاظ قاسية جداً منفذي عملية الإختطاف، وقال إن التنسيق الأمني ليس عيباً والمختطفين بشر مثلنا، وأن الإختطاف سيغير العلاقات الداخلية للشعب الفلسطيني، وستؤدي إلى خطاب من نوع آخر بين الأطراف، وفي حال ثبوت تورط "حماس" فإن المصالحة ستتوقف وتلغى تماماً.

منذ بداية توقيع إتفاق الشاطئ كانت كثير من القضايا غامضة ولم يجيب على أسئلة الفلسطينيين، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس صحيحة وبناء إستراتيجية فلسطينية تخرجهم من هذه الحال، وبدت المصالحة الفلسطينية على أنها خروج الأطراف من أزماتهم، ليكتشفوا أنهم فجّروا أزمات كبيرة وعملية الاختطاف عرّت الموقف الفلسطيني برمّته في ظل غياب الإستراتيجية الوطنية وتحقيق الوحدة الوطنية، وأن المصالحة ظهرت وكأنها خطوة رسمية يجب أن تتم من دون منحها الثقة والجدية والتوافق على أسس جديدة.

حتى الناس لم يكونوا وما زالوا غير متفائلين بجدية الأطراف، وأن أبو مازن الذي يحاول جلب "حماس" إلى مربعه لم يؤمن أن "حماس" ستخضع لجميع مطالبه، والتوقيع على اتفاق الشاطئ جاء سريعاً وفرضت شروط صعبة على "حماس" وقبلتها وتنازلت عن كثير من مطالبها، فالحكومة ليست حكومة توافق وطني فهي حكومة أبو مازن، والوزراء غالبيتهم من وزارة الحمد لله السابقة ومن عيّنهم أبو مازن.

موافقة "حماس" على المصالحة جاءت متأخرة، وكان بإمكانها أن تجنبنا كثير من الوقت والضحايا، لكنها خطوة على الطريق، وتفهم أيضاً على أن حماس تريد تحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية وستبقى هي خارج السلطة لكنها عملياً لم تتخلى عن سيطرتها على قطاع غزة، وربما أزمة الرواتب فجّرت القضية مبكراً إلى أن جاءت عملية الاختطاف لتفجر الحالة بأكملها وتظهر النوايا الحقيقية والمواقف السياسية والرؤى المختلفة.

إذا لم يتم تدارك الأمر وإعادة مراجعة لكل ما جرى ويجري، وأننا شعب يرزح تحت الاحتلال فستبقى حالة الجمود في المواقف والرؤى وقناعات "حماس" وقناعات أبو مازن ورؤيته الخاصة ومن خلفه بعض من "فتح" كما هي، وستتفجر المصالحة المعطلة عملياً حتى اللحظة، والأيام القادمة حبلى بمزيد من التطورات و"إسرائيل" ستكون هي اللاعب الوحيد في المنطقة وستستمر جرائمها وستتغول أكثر ضد الفلسطينيين، وسنعود إلى ما كنا عليه من حال.