خبر الآثار الاستراتيجية لنجاحات داعش في العراق وسوريا- نظرة عليا

الساعة 10:00 ص|23 يونيو 2014

 

الآثار الاستراتيجية لنجاحات داعش في العراق وسوريا- نظرة عليا

بقلم: كوبي ميخائيل واودي ديكل

(المضمون: نجاحات داعش مدخل لاعادة تنظيم المنطقة على اساس دول طائفية وعرقية – علوية، شيعية، سُنية وكردية - المصدر).

 

تعد سيطرة داعش على غرب وشمال غرب العراق، استمرارا لسيطرته على شمال شرق سوريا، دليل آخر على تعزيز قوات القاعدة وفروعها في طريقهم وتطلعهم الى إقامة "الخلافة الاسلامية الاقليمية". هذه مرحلة اخرى في عملية سيطرة المتطرفين الجهاديين، الذين يستغلون ضعف الحكم المركزي في الدول الضعيفة والمستضعفة. وفي اثناء التوسع الاقليمي الواسع، سيطر داعش ايضا على بنى تحتية، مخازن سلاح، مقدرات طاقة وأموال بنوك. كما أن التنظيم يذبح دون

 

رحمة رجال الجيش وابناء الطوائف والقبائل الاخرى ويستمد التشجيع من الانجازات المتراكمة ومن الاهمال الذي تبديه الاسرة الدولية.

 

تبدد الحدود

 

إن تطلع داعش الى شطب الحدود التي قررتها القوى العظمى الاستعمارية في اتفاق سيايكس بيكو، يمثل المعارضة لمجرد وجود الدول القومية والسعي الى إقامة خلافة اسلامية تعمل على اساس قانون الشريعة. وبالمقابل، تسعى ايران الى اقامة الهلال الشيعي الذي يتجاوز هو الاخر الحدود. ويجعل هذا الصدام الصراع السني – الشيعي العنصر الهام والفتاك في المنطقة ويعيدها دفعة واحدة الى عهد مهد الاسلام.

 

لقد أدى الهجوم السني الى شطب الحدود بين سوريا والعراق، بينما المساعدة الهامة التي قدمها حزب الله لسوريا أدت الى تشويش الحدود بين سوريا ولبنان. ومنح الانتصار في العراق ريح اسناد لقوات داعش في سوريا وتعزيز قبضتهم في شرقي الدولة. فوسائل قتالية أمريكية، ولا سيما صواريخ مضادة للدبابات ومركبات مدرعة، سقطت غنيمة تنقل الى سوريا. ورغم انقسام قوات داعش، فليست سوى مسألة وقت الى أن تنتظم وتشرع في الهجوم على جنوب سوريا والعاصمة دمشق.

 

ان التدخل الايراني في العراق، من شأنه أن يؤدي بدوره الى تشويش الحدود بين مركز العراق وجنوبه وبين ايران. فالمعسكران المتطرفان يؤمنان بان رؤيتاهما لن تنتصرا الا اذا شطبت الحدود واعيد تصميم المنطقة كساحة سياسية ودينية واحدة.

 

الاردن – المعقل الاخير

 

إن انحدار الظاهرة الى الاردن وخلق مواقع لداعش في المملكة، في واقع الازمة الاقتصادية والديمغرافية بسبب وجود نحو مليون لاجيء سوري ومئات الاف اللاجئين العراقيين، من شأنه ان يدهور الاردن الى واقع من الفوضى يهدد بقاء المملكة. ويتصدى الاردن سواء في المجال الاستخباري أم في المجال العملياتي لخلايا آخذة في الاتساع لمنظمات الجهاد، التي تتسلل اليه تحت رعاية موجات اللاجئن وقنوات المساعدة والتوريد للثوار في سوريا التي تمر عبره.

 

لقد هدد قائد قوات داعش في الموصل صراحة لاجتياح الاردن وتصفية الملك عبدالله. ومع ان السعودية أعلنت ردا على ذلك بانه اذا كانت حاجة للدفاع عن الاردن فانها ستبعث بالدبابات، الا ان الاردن لا يمكنه أن يعتمد على مساعدة عسكرية سعودية. فهو بحاجة الى مساعدة فورية لغرض تحسين قدراته الاستخبارية والعملياتية بهدف حماية حدوده مع السعودية والعراق، والى مساعدة اقتصادية، وتوريد مستقر للطاقة، مساعدة مالية وانسانية للتخفيف من ازمته في كل ما يتعلق بالعناية باعداد اللاجئين الهائل لديه. ولكن فضلا عن ذلك يحتاج الاردن الى سند عسكري استراتيجي واضح. يخيل أنه رغم انه لا يمكنه أن يتعرف بذلك علنا، فان السند الاستراتيجي والعسكري الوحيد العملي له هو اسرائيل.

 

اختبار للاستراتيجية الامريكية

 

في خطاب في وست بوينت قرر الرئيس اوباما بان "التهديد الاساس اليوم لا يأتي من القيادة المركزية للقاعدة، بل من شركاء القاعدة المتطرفين والمتناثرين". واقترح تخصيص مصادر لتدريب وبناء قدرات الدول المشاركة في خط الجبهة في مواجهة المتطرفين الجهاديين. في سوريا، بلورت الادارة استراتيجية ركزت على المساعدة المحدودة لقوات المعارضة الاكثر اعتدالا وبناء جيش عصابات مدرب يستهدف القتال ايضا ضد قوات حزب الله، الجيش السوري (الاسد) وأيضا القاعدة والمتطرفين الاسلاميين الاخرين. وقد انهارت هذه الاستراتيجية في سوريا وفي العراق على حد سواء. ففي سوريا، تفتت الجيش السوري الحر في مواجهة القوات الاسلامية، ولا سيما قوات داعش وجبهة النصرة. وتبين ان ليس في قوته وفي تأثيره ان يشكل بديلا لنظام بشار الاسد.