خبر يجب على الجيش أن يحصر اهتمامه في العثور على الفتيان -هآرتس

الساعة 09:54 ص|23 يونيو 2014

 

بدل مصادرة أعلام وحواسيب من حماس

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: يُثير التحقيق الاسرائيلي ظن أن الخلية الفلسطينية التي اختطفت الفتيان الثلاثة قد اختطفت أكثر مما خططت له وأن اعضاءها أدركوا أنهم تورطوا. وفي هذه الاثناء تطول العملية وتبتعد عن غايتها الأصلية - المصدر).

 

في اللحظة التي توقفت فيها كاميرا تصوير التلفاز عند الغنيمة من أعلام حماس الخضراء التي صادرها جنود الجيش الاسرائيلي في جامعة بير زيت في نهاية الاسبوع أمكن أن ندرك أن المخططين لعملية "عودوا أيها الاخوة" قد استنفدوا أكثر مخزون الافكار في جعبتهم. فقد تحولت العملية العسكرية من مطاردة مركزة لخاطفي الفتيان الثلاثة الاسرائيليين الى معركة واسعة ليس لها هدف في جزء منها تشمل ايضا مكافحة رموز وطنية.

 

ما زال خريجو الانتفاضة الاولى يتذكرون بيقين المكافحة المريبة للاعلام: وكيف اضطر جنود الجيش الاسرائيلي سكانا في القطاع وفي الضفة الى تسلق أعمدة الكهرباء كي ينزلوا عنها ما كان يسمى آنذاك "أعلام م.ت.ف" (أي اعلام فلسطين)؛ وكيف تكهرب بعضهم وماتوا، وكيف تبرأت الدولة من دعاوى تعويضات عائلاتهم بذرائع مختلفة وكيف جاء آخر الامر شخص ما مع قليل من العقل السليم فوضع حدا لكل ذلك حتى قبل اتفاقات اوسلو. وتعتبر الاعلام الفلسطينية الآن شرعية لكن اعلام حماس اصبحت قضية كبيرة مرة اخرى.

 

يجب على اسرائيل أن تبين مصير الفتيان وأن تضع يدها على خاطفيهم. ولها تسويغ كامل لأن تستمر على المعركة الجديدة التي بدأتها على اعضاء الذراع العسكرية لحماس في انحاء الضفة. ويمكن بصعوبة قبول استنتاج أن الهدف الرئيس لجمعيات "الدعوة" هو خدمة خلايا ارهاب المنظمة. لكن حماس التي تستعمل اعمالا ارهابية قاتلة على اسرائيل هي حركة شعبية واسعة ايضا تعتمد على أساس عام عميق. وكل جهودنا لقمعها فشلت منذ أن أنشئت في كانون الاول 1987 بعد نشوب الانتفاضة الاولى بأيام معدودة.

 

من كان يرى أن الاعلام والحواسيب التي صودرت جزء من انجازات العملية فيبدو أنه لا ينتبه الى أن الضباط الذين يصفون هذه النجاحات التي تدير الرؤوس يفعلون ذلك كأنما يتخبطهم الشيطان من المس. فقد نشأت القطيعة بين حماس والسلطة منذ اللحظة التي بادرت فيها المنظمة الى الاختطاف في الضفة من وراء ظهر الرئيس محمود عباس. وحتى لو بقيت حكومة الخبراء الفلسطينية فانه يصعب أن نرى كيف ستتفق السلطة وحماس على اجراء انتخابات في الفترة القريبة. وإن ضربات اسرائيلية عمياء اخرى توجه الى "البنية التحتية" المدنية لحماس لن تضائل موالاة المنظمة في الضفة.

 

إن لهدف الجيش الاسرائيلي العام مهمتين في هذه الايام متساويتين في أهميتهما تقريبا، الاولى هي ترجمة المعلومات الاستخبارية القليلة التي جاءت الى الآن من "الشباك" الى اجراءات ميدانية تفضي الى العثور على المخطوفين. والثانية كف جماح افكار سخيفة تثار من هوامش الحكومة والائتلاف الحكومي قد تورط اسرائيل بدون حاجة في حرب مع حماس في قطاع غزة. وكلما كبرت خيبة الأمل من فشل اعمال البحث في الضفة يزيد هذا الخطر برغم أن اسرائيل ليس لها أي اهتمام في ظاهر الامر بمواجهة مباشرة مع حماس في غزة، وبرغم أن الضغط المصري على المنظمة يردعها الى الآن عن أن تبادر مبادرة منها من القطاع.

 

يلاحظ ضبط النفس المحدد الذي تستعمله قيادة الجيش العليا في نشاطها في الايام الاخيرة ايضا. في البداية أظهر الفلسطينيون مقاومة قليلة لاغراق الضفة بقوات الجيش الاسرائيلي إما لأنهم فاجأتهم قوة العملية وإما لأنهم أدركوا أن خطف فتيان غير مسلحين هو تجاوز لخط احمر يجب على

 

اسرائيل أن ترد عليه بقوة. لكن كلما مرت الايام قويت مقاومة عمليات الاعتقال، والرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة يفضي الى استعمال الجنود للسلاح الحي. وفي فجر يوم الاحد قُتل شابان فارتفع عدد القتلى الفلسطينيين في العملية الى اربعة. ويبدو أن صرف أكثر الوحدات الى اعمال بحث في المناطق المفتوحة غرب الخليل يرمي الى تفتير المواجهات في القرى والمدن شيئا ما.

 

سُمح بنشر أمرين مركزيين من تحقيق "الشباك" والشرطة في الاختطاف وهما وجود السيارة المحروقة التي استعملها الخاطفون كما يبدو في العملية والمكالمة الهاتفية من أحد الفتيان الى مركز الطواريء التي تأخر علاج الشرطة لها إهمالا. وتبين صور السيارة أنها كانت سيارة خاصة صغيرة فيها مكان للسائق والراكب قربه ومعهما مكان لثلاثة ركاب في المقعد الخلفي. ونعلم ايضا بحسب الجدول الزمني المخمن الذي نشر أن الفتى هاتف الشرطة بعد أن ركب السيارة هو ورفيقاه بوقت قصير نسبيا. ونقول بعبارة اخرى إن الخاطفين أدركوا أن في أيديهم عددا كبيرا نسبيا من المخطوفين قد يزيد على ما خططوا له في البداية؛ وأدرك الفتيان أنهم خُطفوا وربما أدرك الخاطفون ايضا أن الفتيان يعرفون (ولا نعرف هذا من الانباء الرسمية التي نشرت).

 

ما الذي يحفز المخربين في هذه الظروف الى التخلص من رهائنهم؟ وما هي السابقة لابقاء ثلاثة مخطوفين أحياء في الضفة الغربية التي يسيطر عليها "الشباك" واجهزة الامن الفلسطينية من جهة استخبارية؟ ولماذا لم تحتجز خلية ارهاب في الضفة منذ تم تخليص الياهو غورال في 2003 حتى مخطوفا اسرائيليا واحدا حياً؟.

 

ليس الجمهور الاسرائيلي أحمق ولا مغفلا. وقد أصبح كل صحفي يشتغل بهذه القضية يسأله اصدقاؤه ومعارفه في الايام الاخيرة مرة بعد اخرى هل توجد معلومات اخرى لم تنشر في وسائل الاعلام؟ فمن الجيد أن يتحدث المستوى السياسي الذي ما زال يعقد في كل يوم تقريبا مؤتمرا صحفيا غريبا شيئا ما من غير أن يُمكن المراسلين من عرض اسئلة، يجدر أن يتحدث الى المواطنين بصفتهم أناسا بالغين.

 

أخذت تقل احتمالات أن تنتهي هذه القضية على أحسن وجه برغم أنه يجب على قوات الامن أن تبذل كل جهد لحل اللغز حتى مع وجود أقل احتمال لنجاح أحد المخطوفين في البقاء حياً. وتوجد في اسرائيل حساسية خاصة بقضايا الاختطاف كما بينت قضية شليط واختطاف الفتيان ايضا. لكن يجدر أن يُعامل الاختطاف بتقدير صحيح للامور: فهذه عملية خطيرة يجب أن يُرد عليها بصرامة وأن يوجد المسؤولون عنها، ولا يوجد هنا سبب للحرب ولا لجو الهياج الذي قد يُعرض مصالح اسرائيل الاستراتيجية في المنطقة للخطر.