خبر هدف العملية الثانوي لاعادة المخطوفين يصبح هو الأساس- هآرتس

الساعة 10:12 ص|18 يونيو 2014

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: في الضفة يعدون معتقلي حماس الجدد، وفي القدس يشاهدون كيف تتلاشى الاحتفالات بالمصالحة الفلسطينية، وفي الساحة الدولية يرون ثمرات الدعاية الامنية - المصدر).

 

في السادسة والنصف صباحا في كل واحد من الصباحات الاخيرة يجري متحدث الجيش الاسرائيلي حديث فيديو هاتفيا مع المراسلين العسكريين، لاطلاعهم على آخر الأحداث في المناطق. وتتم توجيهات هاتفية مشابهة بعضها في كل يوم، مع حلقات اعلامية اخرى ايضا – محرري الصحف، ومحرري الاخبار ومراسلي شؤون المناطق. وقد دخلت عملية "عودوا أيها الاخوة" للعثور على الفتيان الثلاثة الذين خُطفوا في غوش عصيون الى ما يشبه الرتابة، فجهاز الامن يعاملها على أنها عملية متصلة بعيدة المدى. وهو يستخدم فيها قدرا كبيرا من القوات والجهود الاستخبارية.

 

يُضاف الى ذلك بحسب روح العصر ايضا قدرات الآلة الناجعة ومهارة المتحدث العسكري. ففي كل بضع ساعات تُرسل الى بريد الصحفيين الالكتروني صور فيديو وصور ستيلز تُخلد زيارات الضباط الكبار للميدان واعمال الوحدات العسكرية. فلا يُظلم أحد هنا؛ لا لواء الشباب الطلائعيين ولا كتيبة الشباب الطلائعيين الحريديين من لواء كفير. فالجميع يجهدون في أن يُعيدوا الفتيان المخطوفين الى بيوتهم؛ ويحظى الجميع بتغطية اعلامية مناسبة.

 

يبدو أن العجل يريد أن يرضع أكثر مما تريد البقرة أن تُرضعه. فالاتصالات الالكترونية تنقض على كل فيلم فيديو قصير ينشره متحدث الجيش الاسرائيلي كأنها تجد غنيمة (لم نرَ برغم مرور خمسة ايام الى الآن أية صورة من عملية اعتقال اعتمدت على عمل مصور لا يلبس الملابس العسكرية). أُذيعت في بداية الاسبوع بتأثر خاص من محطات التلفاز صور فيديو وثقت اعتقال حسن يوسف في بيتونيا على أيدي مقاتلي الجيش الاسرائيلي. ويعتبر الشيخ يوسف وهو في الستين من عمره واحدا من قادة الذراع السياسية لحماس في الضفة الغربية، وهو يخرج ويدخل الى السجون الاسرائيلية منذ عقدين على الأقل. وقد أُفرج عنه في آخر مرة من اعتقال اداري قبل اربعة اشهر فقط. وبرغم أن "الشباك" يظن أنه مشارك في الارهاب مشاركة غير مباشرة، لم يُدن يوسف قط بمادة أشد من كونه عضوا في حماس وهي عضوية لا ينكرها. ويبدو أن اعتقاله يُستخدم على أنه جزء من خطة برج آلية تقريبا في كل حال تشارك فيها حماس في عملية كبيرة. ولن يوجد إدانة في هذه المرة ايضا.

 

نحن ايضا في الصحافة المكتوبة نملأ صفحات بعد صفحات في قضية لم يُجدد فيها شيء تقريبا منذ بضعة ايام – وما زال القليل الذي كُشف عنه مع كل ذلك ممنوعا نشره. بلغت العملية الى المرحلة المعروفة من عمليات عسكرية واسعة في قطاع غزة. ففي الوقت الذي لا يحدث فيه شق طريق في مجال العمل الرئيس تتسع الاهداف التي تصاحب العملية وتتبوأ بالتدريج جزءً مركزيا من

 

الاهتمام. ففي قطاع غزة في عمليات لا يوجد فيها تقدم بري يعدون المخربين القتلى وأهداف المنظمات الارهابية التي تم ضربها. وفي الضفة الغربية يعدون معتقلي حماس ويحاولون تقدير قوة الضربة التي ستصيب المنظمة.

 

إن الخلية التي تحتجز المختطفين لم يُعثر عليها الى الآن كما نعلم. ويُقدر "الشباك" والجيش الاسرائيلي أنه سيمكن الوصول اليها مع الصبر والجهد، لكن كلما مر الوقت انخفض مستوى التفاؤل بمصير المخطوفين. لأنه من الصعب جدا إبقاء ثلاثة مخطوفين اسرائيليين أحياءً في الضفة دون إثارة انتباه ووشاية. والوقت الكثير الذي مر يزيد في القلق على مصير الفتيان.

 

في مباحثات المجلس الوزاري المصغر تمت الموافقة في هذه المرحلة للجيش على استعداد لعملية تطول عدة ايام وقد تطول بعد ذلك ايضا. وتقرر مع مطاردة خلية حماس سلسلة طويلة من العمليات على المنظمة وبنيتها السياسية والمدنية التحتية في الضفة، وقد اعتقل الى الآن 200 فلسطيني أكثرهم من حماس. ويشارك في العملية الواسعة ثلاثة ألوية مشاة وعدد كبير من الوحدات الخاصة التي تداهم في الليل كل المدن الفلسطينية في الضفة. ولم يُر هذا العدد الكبير من قوات الجيش الاسرائيلي هناك منذ نحو من عشر سنوات، فاسرائيل تستغل هنا ما يراه رئيس الوزراء نتنياهو فرصة ذهبية استراتيجية لضرب قوة حماس في الضفة وللزيادة في عمق الازمة بين السلطة الفلسطينية وهذه الحركة التي حدثت بسبب الغضب الذي أثارته عملية الاختطاف عند قيادة السلطة.

 

في 2007 بعد أن سيطرت حماس على قطاع غزة وطردت منه بعنف ساسة حركة فتح ورجال اجهزتها الامنية، بدأت اسرائيل عملية على المنظمة في الضفة الغربية. وبدأ نشاط منهجي موجه على "الدعوة" مع موجة اعتقالات، وأغلقت مكاتب جمعيات وصودرت اموال من حسابات مصرفية وتضررت حتى مؤسسات تربية ورياضة. وحينما اجتاح الجيش الاسرائيلي مجمعا تجاريا له صلة بحماس في نابلس ضاقت السلطة ذرعا بذلك فتوجه رئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك سلام فياض الى وزير الدفاع اهود باراك وطلب اليه قائلا: أتركوا هذا العمل لنا. واستجاب باراك، وفي السنوات التي تلت ذلك زعموا في جهاز الامن أن السلطة كانت أكثر نجاعة بكثير من اسرائيل في كفاحها للجوانب المدنية من عمل حماس. وقد ضعفت في السنة الاخيرة المعركة التي كانت تقوم السلطة على حماس وازدادت بطئا على أثر اتفاق المصالحة الفلسطيني.

 

أحدث الاختطاف تغييرا حقيقيا في الظروف: فالسلطة غاضبة على حماس وتُظهر الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الى الآن تفهما أكبر للخطوات الاسرائيلية بسبب مأساة عائلات المخطوفين الصغار. وأصبح عند الاوروبيين مؤخرا ايضا اسباب اخرى لتفهم المواقف الاسرائيلية، فقد أخذ عدد أكبر من الشباب المسلمين ذوي الجنسية الاوروبية يشاركون في الحرب الاهلية السورية وفي صفوف المنظمات السنية التي لها صلة بالقاعدة، ويعودون بعد ذلك الى الدول التي يسكنونها (وذاك توجه عبرت عنه العملية الاخيرة في المتحف اليهودي في بروكسل).

 

ويقوي انحلال جيش العراق تحت ضغط القاعدة ايضا الخوف في الغرب ودعم خطوات على منظمات اسلامية حتى لو كان الحديث عن حماس التي يراها الاوروبيون اكثر اعتدالا.

 

يبدو أن حماس في غزة ايضا التي ربما تريد أن ترد معوقة الى الآن بسبب الضغط المصري المستعمل على قيادتها. ولو أن اسرائيل قصفت مقرات قيادة حماس في قطاع غزة قصفا كثيفا انتقاما للاختطاف لردت المنظمة باطلاق قذائف صاروخية كثيف على بلدات النقب ولهزمت العملية الاسرائيلية نفسها لأن اسرائيليين كثيرين سيدخلون دائرة النار. والآن وما زالت حماس في غزة منضبطة ولا تشتعل الضفة بسبب نشاط قوات الجيش الاسرائيلي، تستمر العملية وتزيد في عمق ضرب "الدعوة" الحماسية. يوجد أمنيون كبار في اسرائيل على يقين من أن هذا الجهد سيوجه ضربة شديدة الى حماس في الضفة ويساعد في واقع الأمر على تقوية مكانة السلطة برغم هجمات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزرائه على سلوكها في قضية الاختطاف. وهذا تقدير سيُمتحن بعد مرور وقت طويل فقط.