خبر هآرتس: تعقب الخاطِفين يُضيق عليهم لكن ببطء

الساعة 09:18 ص|17 يونيو 2014

تقدم بطيء لكنه دائم – يبدو أن هذا هو الشكل الصحيح لوصف أحداث اليوم الرابع في قضية خطف الفتيان الاسرائيليين الثلاثة في غوش عصيون. وقد أصبح يضيق حصار الخاطفين وضحاياهم لكن ذلك يحدث خطوة بعد خطوة. وتترجم أجزاء المعلومات التي تُجمع الى عناوين وعمليات اعتقال لغلاف التنظيم الخارجي أولا وللخلية نفسها بعد ذلك ايضا كما نأمل. وقد اعتقل الى الآن أكثر من 100 نشيط من حماس في الضفة الغربية أكثرهم من رجال الذراع السياسية للمنظمة، لكن يمكن أن نُقدر في حذر أنه يوجد بين المعتقلين ايضا نشطاء ميدانيون قد يعرفون شيئا ما عن خطة الاختطاف.

على حسب ما نشر في وسائل الاعلام الى الآن، يستطيع المحققون الاعتماد على سلسلة معطيات وهي تسجيل مكالمة أحد الفتية لمركز طواريء الشرطة، وميدانا جريمة (محطة السيارات العارضة في مفترق كفار عصيون والسيارة المحروقة) والتحقيق مع المعتقلين. ولذلك يمكن أن نفرض بناءً على أدلة عُرضت في تحقيقات شرطية في الماضي أنه يضاف الى ذلك ايضا معلومات استخبارية يُحصل عليها من تنصت وحل أسرار معطيات اتصال بالهواتف المحمولة. ويفترض أن يثمر كل ذلك في نهاية الامر عن معلومات كافية تُمكن من العثور على الخاطفين مع محاولة لتخليص الفتيان اذا كانوا ما زالوا أحياءً.

ليس الوقت الذي يمر من مصلحة اسرائيل. ويدل تحليل وقائع احتجزت فيها حماس مخطوفين في الماضي على معاملة نظرة باردة لمصير الرهائن. فالنشطاء أنفسهم أحرار أن يقرروا هل يتركونهم أحياء ويدبرون الحادثة باعتبارها عملية مساومة بحسب مقدار الأمن الذي يشعرون به. فالمستوى القيادي الأعلى في المنظمة لا يتدخل في ذلك. وفي الحادثة الحالية لا توجد الى الآن أدلة تشهد على أن توجيه الخطف جاء من قطاع غزة أو من دولة جارة. فقد تكون هذه مبادرة محلية لتنظيم داخل الضفة. ولم يرد الى الآن شيء عن توجه الخاطفين الى اسرائيل توجها عبروا فيه عن استعداد لبدء تفاوض في صفقة. وقد يشهد ذلك على أن الخلية مضغوطة فهي ربما تخشى أن يكون "الشباك" على ذيلها ولهذا تخفي ظهورها كي لا تتيح معلومات استخبارية تُمكن من الامساك بها.

ترد تقارير من الفلسطينيين عن اعمال بحث واسعة في الخليل والقرى حولها، وفي المنطقة الواقعة جنوب المفترق الذي حدث فيه الخطف في ليل يوم الخميس. وبرغم أن الجيش يطوق المنطقة بقوات مشاة وبوحدات خاصة فانها منطقة يصعب تمشيطها بصورة خاصة. في ذات مرة قبل سنوات تبدو مثل حقبة طويلة (مرت 12 سنة فقط في واقع الامر) نشر نحو من نصف لواء غولاني في قرية تفوح غربي الخليل في محاولة للعثور على مطلوب عنيد واحد. وقد نقشت في الذاكرة جملة واحدة من مصاحبة تلك القوات، فقد قال جندي في دورية غولاني: "أنظر الى هذه القرية وحاول فقط أن تتخيل كم من الآبار والمخازن واماكن الاختباء يوجد هنا، لو أردت أن اختبيء هنا لما استطاع أحد منكم أن يجدني". وأقول بالمناسبة إن المطلوب الفلسطيني عُثر عليه آخر الامر بعد يوم بحث طويل لكن ذلك حدث بفضل معلومات استخبارية دقيقة نقلها "الشباك".

زاد الجهد للعثور على المخطوفين في محيط الخليل وعمليات الاعتقالات في أنحاء الضفة في التوتر في مناطق اخرى في "المناطق" ايضا. ففي مخيم اللاجئين الجلزون قرب رام الله قتل شاب فلسطيني برصاص الجنود في مواجهة بسبب محاولة اعتقال مطلوب. وتكثر الأنباء ايضا عن مظاهرات ورشق بزجاجات حارقة وعمليات اطلاق نار هنا وهناك ايضا. وليس الوضع على حدود قطاع غزة أقل قابلية للانفجار. تُقدر اسرائيل أن قيادة حماس هناك غير معنية بتصعيد عسكري، لكن نشطاء الميدان من المنظمة ورجال فصائل مثل الجهاد الاسلامي بيقين لن يريدوا الجلوس في هدوء اذا ما اشتعلت الضفة. إن الخطف وهو واقعة تكتيكية شديدة قد ينتقل الى الصعيد الاستراتيجي ايضا.

إن الاجراءات الاسرائيلية، من موجة الاعتقالات الواسعة الى تصريحات رئيس الوزراء والوزراء، ترمي الى دق إسفين بين السلطة الفلسطينية وحماس ووقف المصالحة التي بدأت قبل شهرين. وقد ينجح هذا الجهد. فقد سببت عملية حماس سواء تبين أنها كانت مبادرة محلية أم ثبت تدخل من غزة، سببت احراجا كبيرا لرئيس السلطة محمود عباس الذي دُفع في يوم الاثنين على نحو ما الى التعبير عن أسف ضعيف بعد اربعة ايام تقريبا. ويمكن أن نخمن أنه شديد الغضب على حماس.

هذا الوضع بالنسبة لعباس هو وضع خسارة خسارة: فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يندد به بسبب مسؤولية غير مباشرة عن الاختطاف (لأن الخاطفين خرجوا من مناطق السلطة)، لكن اذا ساعد عباس علنا في العثور على الخلية فسيتهمه جمهوره بأنه عميل لاسرائيل.