تحليل سياقات التصعيد بين غزة والاحتلال

الساعة 07:07 م|16 يونيو 2014

بقلم: عبد الرحمن شهاب - أطلس للدراسات

صورة الواقع

يمر المجتمع الإسرائيلي في مرحلة تضامن داخلي عالية جدا مع ذوي المستوطنين الثلاثة المحتجزين لدى المقاومة، وفي نفس الوقت تمر القيادة السياسية في اسرائيل في اسوأ الظروف من ناحية الفشل السياسي؛ حيث الاتهامات كبيرة لرئيس الوزراء نتنياهو بأنه خلق الأجواء التي دفعت الفلسطينيين للتفكير بأن الطريق الوحيد لتحرير أسراهم هي عملية احتجاز جنود والمبادلة بهم، وخاصة بعد رفض نتنياهو إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين.

ومن جانب آخر؛ هناك انتقاد شديد ضد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وحلقة الوصل بين الشرطة والجيش، خاصة بعد نشر معلومات تتحدث عن أحد المستوطنين الثلاث اتصل هاتفياً وأبلغ بصوت هامس بأنه مختطف وسمعت ضوضاء وقطعت المكالمة، ورغم ذلك لم يتم التعامل مع المعلومة بالشكل المطلوب، ما منح فرصة للمقاومين بإخفاء المستوطنين الثلاثة، وبموازاة ذلك تحدت كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي بأن هذه العملية محكمة ودقيقة ونفذت بمهنية عالية ومن تحت أنوف المحتل.

 

الصراع على الصورة

الأسرى الاداريون يخوضون إضراباً منذ أكثر من 50 يوماً، وهذا معروف لدى مؤسسات حقوق الانسان، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة الذي تحدث في أكثر من مرة حول ذلك، وطالب الاسرائيليين بحل هذه المسألة الإنسانية.

ومن هنا فإن الإسرائيليين أمام تحدي الصورة، يبذلون حملة تضليلية لإظهار العملية الفدائية على أنها "خطف فتيان أبرياء على يد ارهابيين"، وأنها جاءت نتيجة تحالف أبو مازن مع حماس، وأن أبا مازن اختار حماس بدل أن يستمر في صنع السلام، وعليه أن يفك هذا التحالف وأن يثبت مجدداً بأنه يكره هؤلاء، ويتبرأ من التحالف معهم.

وفي هذا السياق يقترح المحلل السياسي الاسرائيلي اليكس فيشمان "زرع الشقاق بين فتح وحماس، ومن تلك الوسائل التي يقترحها التصعيد مع غزة، واستدراج حماس لذلك التصعيد، واظهار عنفها وارهابها".

في مقابل ذلك؛ تخشى اسرائيل أن تبدو هذه العملية في سياق انساني دفاعي عن النفس؛ حيث تم القبض عليهم في حدود الاراضي المحتلة عام 1967، وهم من عتاة المستوطنين الذين ينتمون الى الصهيونية الدينية، والذين يعتدون على الفلسطينيين، يهلكون حرثهم وحقولهم، وأن عملية الخطف لا تهدف لقتل المستوطنين الثلاث، وإنما تهدف فقط لإنقاذ أسرى فلسطينيين يموتون جوعاً، خاصة بعد رفض نقابة الأطباء في إسرائيل تطبيق قانون "التعذيب" بإدخال الطعام قسراً الى جوف السجناء الفلسطينيين المضربين عن الطعام.

 

الخروج من المأزق

استمرار الفشل الاسرائيلي في الحصول على أية معلومة عن عملية الخطف الفدائية، والفشل المتوقع لعملية عسكرية لاسترداد المستوطنين في حال الوصول الى معلومات، فإن هذا سيدخل القيادة الإسرائيلية الى حالة جنون البحث عن انجاز، وهذا الانجاز بدأوا عملياً بتمهيد الطريق له، وخلق أسبابه، وتصريح وزير الجيش يعلون واضح وقاطع "سندفع حماس الثمن في الوقت والمكان المناسبين".

لهذا نعتقد أن التصعيد الحالي من غزة يخدم الحملة الاعلامية والدعائية لدولة الاحتلال في هذا الظرف الحساس لوشم الفلسطينيين بالعنف والعدوان، ويمنح تغطية دولية لإسرائيل للقيام بعملية ضد غزة، ويهيئ الأجواء لربط الرد على تلك العملية في غزة وتدفيع الثمن لحماس في غزة، غير آبهين من قوة التدمير والاغتيالات التي ستلحق بغزة وأهلها، خاصة أنه من وجهة النظر الصهيونية فإن المخاوف من حدوث فوضى في حال إسقاط حكم حماس قد زالت وتلاشت بعد تشكل حكومة التوافق وعودة السلطة الفلسطينية لبسط سيادتها على غزة، والتي ستوقع مع الاحتلال اتفاقية التهدئة بعد مواجهة دامية ومؤلمة تتكبدها غزة بناسها وارضها وممتلكاتها ومقاومتها، وبمباركة المجتمع الدولي ودعم ومساندة أنظمة عربية كارهة لحماس ومتلمظة لحظة انكسارها.