خبر اختفاء المستوطنين يبرز حاجة إسرائيل للتنسيق الأمني مع « السلطة »

الساعة 06:03 م|15 يونيو 2014

كتب : صالح النعامي 

لم يستطع يورام بروم ضبط نفسه، وقاطع مراسل قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، الذي حاول التقليل من دور التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في تحسين البيئة الأمنية للمستوطنين، في الضفة الغربية.

بروم، الذي تقاعد قبل أشهر من جهاز المخابرات الداخلية، "الشاباك"، برتبة لواء، كان يتحدث ضمن برنامج بثته القناة، الليلة الماضية، عن تطورات اختفاء أثر المستوطنين الثلاثة. وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تلعب دوراً جوهرياً في إحباط العمليات، التي تخطط لها حركات المقاومة في الضفة الغربية.

وعلى الرغم من الهجوم، الذي شنّه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على السلطة الفلسطينية، وتحميله إياها مسؤولية اختفاء هؤلاء المستوطنين، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية واصلت التشديد على أهمية التعاون والتنسيق بين الجيش والمخابرات الإسرائيلية من جهة، والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، من جهة ثانية. وذكرت قنوات التلفزة الإسرائيلية أن لقاءً عقد، ليلة  يوم الجمعة الماضي، بين ممثلي الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وضباط في جيش الاحتلال في مدينة الخليل، بناء على طلب الجانب الإسرائيلي، الذي كان معنياً بالحصول على معلومات محددة تتعلق بعملية اختفاء المستوطنين.

وحرصت وسائل الإعلام الإسرائيلية على التذكير بأن السلطة الفلسطينية أعادت، خلال العامين الماضيين، عشرات المستوطنين، الذين ضلوا الطريق ودخلوا التجمعات السكانية بالخطأ، مع تنويهها إلى أنّ مصيراً آخر كان ينتظر هؤلاء المستوطنين لو أنهم ضلوا الطريق في قطاع غزة. والمفارقة أنه على الرغم من الانتقادات الشديدة، التي يوجهها أقطاب حكومة اليمين إلى السلطة الفلسطينية، فإن مستويات أمنية وسياسية إسرائيلية تؤكد أن التعاون، الذي تبديه السلطة الفلسطينية، قد حسن البيئة الأمنية في المستوطنات بشكل أدى إلى زيادة عدد الصهاينة، الذين يغادرون الأراضي الفلسطينية المحتلة في الداخل، للإقامة في المستوطنات اليهودية في أرجاء الضفة الغربية.

وحسب المعطيات الصادرة عن "مكتب الإحصاء المركزي" الإسرائيلي، فإن عدد الوحدات الاستيطانية، التي بُنيت خلال 2013، بلغت ثلاثة أضعاف ما بُني خلال عام 2012. وبسبب التحسن في البيئة الأمنية، فقد ترك المزيد من الإسرائيليين أماكن إقامتهم، داخل فلسطين المحتلة، لاستغلال المزايا التي تمنحها حكومة الاحتلال للمستوطنين، والمتمثلة في الشروط الميسرة للحصول على سكن، والتسهيلات الضريبية، والحرص على توفير فرص عمل، إضافة الى قائمة أخرى من التسهيلات.

وفي السياق نفسه، هناك ما يدلل على أن التعاون الأمني، الذي تبديه السلطة الفلسطينية، حسَّن البيئة الاقتصادية للمستوطنات بشكل كبير. ويشير الصحافي، يوشيع برينير، إلى أن التعاون الأمني، الذي تبديه الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، دفع قطاعات كبيرة من الصهاينة إلى التوجه للاستجمام والسياحة في مستوطنات الضفة الغربية، بدلاً من أوروبا.

وفي تحقيق، نشره في موقع "واللا" الإخباري، أشار برينير إلى أن المستوطنات اليهودية أصبحت تحتكر نسبة كبيرة من السياحة الداخلية، وهو ما ينعكس إيجاباً على أوضاع المستوطنين الاقتصادية. كما أسهم التحسن في البيئة الأمنية إلى ازدهار المناطق الصناعية في مستوطنات الضفة الغربية، خصوصاً التجمع الصناعي "بركان"، غرب نابلس، الذي بات يستقطب عدداً كبيراً من الشركات الإسرائيلية والأجنبية.

وبسبب العوائد "الإيجابية" للتعاون الأمني، انبرى عدد من المعلقين الإسرائيليين لانتقاد نتنياهو، بسبب هجومه على السلطة الفلسطينية. وحذر المعلق السياسي لصحيفة "هآرتس"، براك رفيد، في مقال نُشر اليوم الأحد، من أن مواقف نتنياهو، وما يمكن أن يتبعها من خطوات عقابية، يمكن أن تهدد وجود الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة.

في السياق نفسه، فإن النخب الأمنية الصهيونية المسؤولة عن إدارة التعاون والتنسيق مع أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية تقرّ بأن التعاون الأمني يخدم فقط إسرائيل. ويؤكد المنسق السابق لأنشطة الحكومة الإسرائيلية، في الضفة الغربية، الجنرال إيتان دينجوت، في مقابلة مع صحيفة "يسرائيل هيوم" قبل أيام، أن المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية "لا يذوقون طعم أية ثمار إيجابية للتعاون الأمني".

وفيما تطالب إسرائيل السلطة الفلسطينية بإبداء تعاون كامل في مجال الأمن، تصر على التنكيل بالفلسطينيين، دون أن يكون من حق السلطة مجرد الاعتراض، إذ نقلت "هآرتس" عن نائب وزير الحرب الصهيوني، داني دانون، قوله إن جيش الاحتلال يواصل طرد الفلسطينيين الذين يقيمون في مناطق "ج"، التي تشكل 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية، إذا كان ذلك ما تتطلبه الاحتياجات الأمنية لإسرائيل، مع العلم بأن "هآرتس" كشفت الشهر الماضي النقاب عن أن الأراضي الفلسطينية، التي يصادرها جيش الاحتلال بزعم الحاجة إلى تحويلها إلى مناطق تدريب عسكرية، يتم تحويلها في وقت لاحق إلى بناء المزيد من الأحياء السكنية في المستوطنات اليهودية.