خبر نتنياهو يوظف خطف المستوطنين لحماية حكومته واستعادة زعامته لليمين

الساعة 07:18 م|14 يونيو 2014

كتب : صالح النعامي 

يراهن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على توظيف عملية خطف المستوطنين الثلاثة، في تقليص المخاطر التي تهدد استقرار حكومته، واستعادة زمام المبادرة في مواجهة الجانب الفلسطيني، خصوصاً في أعقاب فشله في إقناع العالم بعدم الاعتراف بالحكومة الفلسطينية الجديدة. رغم أن الخطف الذي وقع ليلة أول أمس الخميس، أحرج كثيراً المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

 ويرى مراقبون في تل أبيب أن فرص نجاح الائتلاف الحاكم في الصمود حتى إجراء الانتخابات القادمة في موعدها عام 2017، تصل إلى الصفر، بسبب حدّة الاستقطاب بين مركبات هذا الائتلاف، بشأن الموقف من التعاطي مع الصراع مع الفلسطينيين من جهة، والخلافات الكبيرة حول مشروع موازنة الدولة للعام 2015، من جهة ثانية.

ولقد اكتشف نتنياهو فجأة أنّه يقبع بين مطرقة قوى يمين الوسط، التي يمثلها حزبا "ييش عتيد" برئاسة وزير المالية يئير لبيد و"هتنوعا" (الحركة) برئاسة وزيرة العدل تسيفي ليفني، وسندان قوى اليمين المتطرف، ممثلة في حزب " البيت اليهودي" بزعامة وزير الاقتصاد نفتالي بنيت وصقور حزبه "الليكود". فقد هدد كل من لبيد وليفني نتنياهو صراحة، بأنهما سينسحبان من الحكومة في حال تواصل الجمود في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، على اعتبار أنّ هذا الواقع يهدّد مكانة إسرائيل الدولية. ووصل الأمر بلبيد إلى أن يتوعد نتنياهو في كلمته أمام مؤتمر "هرتسيليا"، بأنه لن يحرص فقط على الانسحاب من الحكومة، بل سيسعى أيضاً إلى إسقاطها، ما لم تقدم إسرائيل خارطة تتضمن المناطق التي يتوجب الاحتفاظ بها، والمناطق التي "ستتنازل" عنها في ظل أي تسوية سياسية.

وفي المقابل، يطالب نفتالي بنيت وعدد من قادة "الليكود" بضم مناطق "ج" التي تمثل أكثر من 60 في المئة من الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال.

في الوقت نفسه، هناك مؤشرات واضحة على خلافات عميقة بين ممثلي "اليمين" و"الوسط" في الائتلاف بشأن مشروع موازنة العام 2015. وحسب معلق الشؤون الاقتصادية في قناة التلفزة الأولى، إيلان شاحر، فإن سلم الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، التي يرى لبيد أنه يتوجب أن يُعكس في مشروع الموازنة، سيثير حفيظة ممثلي أحزاب اليمين.

وفي تحليل عرضه الأحد الماضي، أشار شاحر إلى أنه في الوقت الذي يصر لبيد على تضمين مشروع الموازنة بنوداً تسهم في تخفيف أزمة السكن بالنسبة للأزواج الشباب داخل إسرائيل، فإن ممثلي اليمين يطالبون بأن يضمن مشروع الموازنة تواصل تدفق الدعم السخي لمشاريع الاستيطان في الضفة الغربية.

إضافة إلى ذلك، ساهمت محاولات إعادة الاصطفاف الأخيرة استعداداً للانتخابات المبكرة، في تفاقم مشاعر القلق لدى نتنياهو على مستقبل ائتلافه. وكشفت معلقة الشؤون الحزبية مزال موعالم النقاب عن أن أحزاب اليسار والوسط شرعت في اتصالات "جسّ نبض" حول إمكانية التنافس في الانتخابات القادمة ضمن قائمة واحدة لتعزيز فرصها بتحقيق نتائج أكبر.

وحسب موعالم، التي كانت تتحدث لقناة التلفزة الأولى يوم أمس الجمعة، فإن ممثلي حزب "العمل" و"هتنوعا" أجريا اتصالات لإنشاء قائمة موحدة. وقالت إن ممثلي "ييش عتيد" أجروا اتصالات مع موشيه كحلون، القيادي المنشق عن حزب "الليكود"، الذي أعلن أخيراً أنه سيشكل حزباً للتنافس خلال الانتخابات القادمة، مع العلم أن استطلاعات الرأي العام الأخيرة تنبأت أن يحصل حزب "كحلون" على عشرة مقاعد، جميعها ستكون على حساب "الليكود" وحركة "شاس"، وهذا يعني إضعافا لليكود ولنتنياهو.

وتبقى أوضح الخطوات التي أقدم عليها نتنياهو لتوظيف خطف المستوطنين الثلاثة للحفاظ على استقرار ائتلافه الحاكم، هرولته إلى تحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن العملية، بهدف سحب الذرائع من "ييش عتيد" و"هتنوعا" لترك الحكومة بسبب الجمود في المفاوضات. وأراد نتنياهو أن يبين أنه بخلاف ما يذهب إليه كل من لبيد وليفني، يتوجب على حكومته أن تركز على تعقب "الإرهاب" وليس الاستغراق في بحث خيارات سياسية، على اعتبار أن هذا يمثل "مكافأة للإرهاب"، وفق تعبير وزير الإسكان المتطرف أوري أرئيل.

وحمل نتنياهو السلطة الفلسطينية المسؤولية عن عملية الخطف، على الرغم من إجماع النخب الأمنية الإسرائيلية على الدور الذي لعبته أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية في إحباط عدد كبير من العمليات التي تخطط لها حركات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وانطلاقاً منها. وقد بدا واضحاً، أن نتنياهو يسعى لتوظيف عملية الخطف أيضاً في استعادة مكانته زعيماً لمعسكر اليمين الإسرائيلي، وهي المكانة التي تضررت كثيراً بسبب موقفه من ترشيح روفي ريفلين لرئاسة إسرائيل. وقد عمل نتنياهو كل ما في وسعه من أجل إحباط انتخاب ريفلين، القيادي في "الليكود"، لأنه اعتقد أن انتخابه يهدد مستقبله السياسي، ووصل به الأمر إلى حد تشجيع شخصيات من الوسط واليسار على الترشح، مما أثار حفيظة قيادات في "الليكود" واليمين الإسرائيلي.

ومن أجل ترميم مكانته زعيماً لمعسكر اليمين الأوحد، أعلن مقربو نتنياهو في أعقاب عملية الخطف أنه سيقر خططاً لبناء المزيد من الوحدات السكنية في المستوطنات في الضفة الغربية. وفي الوقت نفسه، هناك ما يؤشر إلى أن نتنياهو سيصعد إجراءاته الأمنية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لتحقيق هذا الهدف، في حال تم التأكد من أن "حماس" هي التي تقف وراء الخطف.

ورغم إعلان جماعة تنتمي إلى "السلفية الجهادية" مسؤوليتها عن عملية الخطف، حرص ديوان نتنياهو على التأكيد أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تقدر بأن "حماس" هي المسؤولة. ونقلت قنوات التلفزة الإسرائيلية الليلة الماضية عن محافل في ديوان نتنياهو قولها إن قادة "حماس" الذين أفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، ويتواجدون في قطاع غزة والخارج، مسؤولون عن تدبير عشرات المحاولات لخطف جنود ومستوطنين، أُحبطت خلال عامي 2013 و2014. وقد حرص المتحدثون باسم نتنياهو على الإشارة إلى التصريحات التي أدلى بها القيادي في حركة "حماس" محمود الزهار قبل أسبوعين، وتحدث فيها عن جهود حركته في الضفة الغربية لتنفيذ عمليات تهدف إلى تحرير الأسرى، الأمر الذي من شأنه أن يمهّد لعمل عسكري ضد "حماس" في غزة.