خبر يا لها من بداية / يديعوت

الساعة 01:15 م|13 يونيو 2014

 

بقلم: ناحوم برنياع - ساوباولو

 

(المضمون: تجري العاب المونديال في البرازيل في ظل ازمة اقتصادية خانقة تثير انتقادا شديدا للحكومة بسبب المليارات التي انفقتها على الملاعب واستضافة المونديال - المصدر).

 

 أكتب هذه السطور من ساوباولو في الدقيقة الـ 25 من اللعبة الافتتاحية للبرازيل بنتيجة صفر – 1، من هدف ذاتي لمارتشيلو، مدافع ريال مدريد. وكان نحو من عشرة آلاف كرواتي يرقصون في مقاعد المتفرجين كتلا كتلا باللونين الاحمر والابيض. وكان الـ 52 ألفا الآخرون يصرخون الى السماء. توجد دول يفرض فيها المشجعون المضروبون الصمت على أنفسهم وليس الامر كذلك في البرازيل بل يرفضون قبول الحكم.

 

وآنذاك في الدقيقة الـ 29 سجل نايمار هدف التعادل فتحول الصراخ الى صيحات ابتهاج والى غناء بعد ذلك ثم تحول الى صفير مضاد لكل خطوة كرواتية. وأطلقت هنا وهناك العاب نارية وتنفس المشاهدون الصعداء فقد كانت الأمة البرازيلية في امتحان صمدت فيه إلا اذا امتحن الفريق الكرواتي الذي يلعب بصورة جيدة حقا الأمة البرازيلية امتحانا جديدا. وبدا الاستاد مثل حقل دوار شمس واسع جدا – اصفر واخضر واصفر واخضر. وكان الصافرون يُسمعون اصواتهم لا كما كانت الحال في جنوب افريقيا قبل اربع سنوات حينما كانت الصافرات تجعل المتعة صعبة بل هي بركة كالحال في البرازيل.

 

إن الكلمة المفتاحية في البرازيل هي جتينيو – وتعني تدوير الزوايا وترتيب الامور.

 

يحتشد في مطار ساوباولو صف طويل كصفوف الجاليات أمام منصة رقابة الحدود. ولا يعني ذلك أنه توجد رقابة فمهمة الشرطي تُختصر في تحديد ورقة فارغة في جواز السفر والختم عليها – لكن أحدا ما نسي أن يزيد في عدد المنصات استعدادا للمونديال. لكن كيف تغضب اذا كانت الشرطية المسؤولة عن وقف الطوفان تبتسم وتدع المسرعين يلتفون عليها في الطريق الى أول الصف؟ كان الوحيد الذي غضب سائحا المانيا لم يفهم كيف يتقدم الجميع ويبقى عالقا هو وحده. فقالت الشرطية تودودم، أي كل شيء على ما يرام.

 

إن الطريق الى الاستاد مزروع باعمال بناء لم تنته. واللافتات مبلبلة ولا أحد يفهم الانجليزية لكن الشوارع حول الاستاد مليئة بفضوليين جاءوا أزواجا وعائلات لتنفس الهواء الذي يتنفسه آلهتهم، أعني لاعبي منتخب البرازيل.

 

 أقول أنا ايضا تودودم حينما اطلب الحصول على بطاقة الصحفي بعد أن أغلقت ابواب مركز الموافقات بساعة. وفتح لي شرطي الباب متفضلا وعادت الموظفة التي كانت عائدة الى البيت فأعملت آلة التصوير واستخرجت الرخصة المطلوبة وقلت تودودم حينما علقت دون عملة محلية بساعة متأخرة في الليل في باحة الاستاد التي أخذت تفرغ في حين كان قاموسي في الجانب الآخر من المدينة. وأدخلتني امرأة ادركت ما بي وإن لم تفهم كلمة واحدة من كلامي الى المترو على حسابها، وبعد ذلك حينما خرجت في المحطة غير الصحيحة تفضل الحارس ليُهربني عائدا الى الداخل. قلت له شكرا لكنه هز كتفيه. كل شيء على ما يرام.

 

يبدو أن القدرة على تدوير الزوايا هي القاسم المشترك بين الاسرائيليين والبرازيليين. إنهم جيدون في هذا ونحن ممتازون. لكننا نفعل ذلك بقوة وغضب وباستعمال المرافق وهم يفعلونه بلطف وطيبة وخطوات راقصة. فهناك ما نتعلمه منهم مع حب كرة القدم.

 

ما زالت المظاهرات على الحكومة بسبب المليارات التي انفقتها على انشاء الملاعب واستضافة الالعاب مستمرة بقدر محدود لكن الجو العام احتفالي. أمس في يوم افتتاح الالعاب كان مئات الآلاف يلبسون الثياب بالالوان الصفراء والخضراء والزرقاء كالوان ثياب المنتخب وخرجوا للشوارع للرقص والتقاط الصور لهم.

 

يمكن أن نفهم لماذا تريد دولة مثل البرازيل استضافة مونديال، فكرة القدم تعد هنا دينا وهي تؤلف بين اجزاء مجتمع متصارع غير مستقر الفرق الاقتصادي فيه مزعزع والعنف طاغ. ويفترض أن تحسن الالعاب صورة البرازيل في نظر العالم، وتتيح امكانات اقتصادية وتشجع السياحة وتفضي الى الاعتراف بأنها قوة كبيرة صاعدة.

 

والمشكلة أن ذلك يحدث في اوقات متباعدة فقط. إن اكثر الاحداث الرياضية الدولية تنتهي وخزانة الحكومة المستضيفة فارغة والمنشآت الرياضية فارغة والشعور بالمرارة في الشارع طاغٍ. وهذه الاحداث حسنة لدكتاتوريات تجلس على جبال من المال لكنها متعطشة لفخامة الشأن مثل الصين وقطر. لكن النقد في البرازيل مع كل الحب لكرة القدم ظهر قبل بدء الالعاب وستظهر علاماته الاخرى فيما يأتي من السنة حينما تريد الرئيسة بلما روسيف أن تنتخب لفترة ولاية ثانية. وهكذا يتبين أن ليس كل شيء على ما يرام، ليس هو كذلك دائما.