خبر لم تفهموا هار تسيون -هآرتس

الساعة 09:00 ص|11 يونيو 2014

بقلم: آفي شيلون

(المضمون: ينبغي ادخال مئير هار تسيون في تراث الجيش الاسرائيلي لنفس السبب الذي يجعل ادخال حماس في السياق الفلسطيني واجبا - المصدر).

 

لا يفهم من يعارض شمل مئير هار تسيون في تراث الجيش الاسرائيلي ما هو نضال البعث القومي. فبحسب معايير أكثر الحركات القومية في العالم التي ناضلت من اجل استقلالها يعتبر هار تسيون بطلا. فقد ضحى بجسمه، وربما بنفسه ايضا، مدة عقود كي يستطيع اسرائيليون آخرون أن يعيشوا في أمن. ولم تؤثر اعماله بصفته محاربا في العمليات التي شارك فيها فقط بل أثرت ايضا في باعث الجنود في جيله والاجيال التي تلته.

 

لم يكن تسيون بطل آخر بل كان حقق بطباعه ومظهره مثال "اليهودي الجديد" الذي حلم به آباء الصهيونية؛ فحينما كتب زئيف جابوتنسكي عن "عرق عبقري وسخي وقاسٍ" لم يكن يتمنى القسوة بمعناها في ايامنا التي تنبع من شرارة القلب. فقد كان القصد في المصطلح الصهيوني الى القسوة بالمعنى الذي اعطاه الكتاب المقدس للكلمة – وهو الاخلاص للهدف دون خوف ولا عائق. وهي قسوة كان عدم وجودها عند الملك شاؤول الذي امتنع عن القضاء على عمليق من اسباب موته البائس. وليس عبثا أن كان هار تسيون ايضا بطل دافيد بن غوريون الذي أصر على التربية لأنه دون "القوة الجسمية لن يوجد تاريخ يهودي"، برغم أن اليهود في اماكن الشتات تميزوا بالامتناع عن الخروج للمعارك.

 

كان هار تسيون، وقد قال ذلك موشيه شريت في الوقت المناسب، بطلا اشكاليا، فقد استدخل في نفسه تصورات صهيونية بلا خصائص مميزة وكان ذلك بقدر غير قليل بسبب روح العصر الذي عمل فيه. ومن المنطق أن نفرض انه لو فحص طبيب نفسي عنه لخلص الى آراء مثيرة تتعلق بسؤال ما الذي بعث شابا فتيا على قتل أبرياء انتقاما لقتل أخته، وعلى أن يخصص حياته للنضال ولمعاملة أبنائه بصرامة ايضا بحسب شهادات ابناء عائلته.

 

لكن الفحص عن افعاله وآرائه بمنظار تاريخي اخلاقي شيء وتقبل مكانه المهم في الرواية الصهيونية شيء مختلف تماما. هذا الى أن ضباط بهاد 1 الذين تلقوا كتابه هدية ليسوا طلاب قسم الفلسفة لأن عملهم أن يستعدوا للمعركة، فكما لا نريد أن يعرض علينا الشرطي الذي نستصرخه في ازمة ما قبل كل شيء أن نفحص هل عانى المجرم في طفولته من والديه، يُطلب كذلك الى جهاز التربية في الجيش الاسرائيلي قبل كل شيء أن ينشيء مقاتلين. ومن المنطق ان نفرض في عصر اصبحنا فيه جميعا معرضين لتأثيرات مختلفة، أن يكون للضباط الشباب ما يكفي من الوقت للتفكير في اخلاقية الصراع ايضا.

 

إن أهم نقطة في النقاش هي أن من أراد أن ينحي عن الرواية الصهيونية اشخاصا مثل هار تسيون لا يختلف عمن يصر على مقاطعة حكومة الوحدة الفلسطينية لانها تشمل حماس. وهو نفس الطموح الى تصفية غير ممكنة وغير مجدية للمواجهة.

 

ليس ناس حماس الذين يصارعون دولة اسرائيل اسوأ أو افضل من ناس م.ت.ف الذين يحاربونها بل هم اكثر تدينا ببساطة. ويحق لاسرائيل ان تصفي القتلة من ناس حماس حتى لو مجدهم الفلسطينيون بصفتهم مخلصي الأمة. لكن حينما يبلغ التباحث في حماس الى الميدان السياسي لا تكون مقاطعتها بلادة حس فقط بل حماقة ايضا، وذلك أولا لأن ادخال حماس في اطار سياسي مشروع يمكن أن يزيد في اعتدالها، وثانيا لأن من يقيمون ايديولوجيتهم على ايمان ديني على الخصوص يستطيعون احيانا ان يصالحوا بسهولة اكبر على "هنا والآن"، وأن يدعوا الاحلام الكبيرة للكتب المقدسة الخالدة.

 

اثرمت 100 سنة صراع ابطالا ومظالم على السواء. وسيثمر ادخال هذه العناصر في سياق المواجهة وقبولها وبين ايديها اسبابها التاريخية، سيثمر أملا ايضا.