خبر ديمقتاتورية- معاريف

الساعة 09:13 ص|10 يونيو 2014

ديمقتاتورية- معاريف

بقلم: عاموس غلبوع

(المضمون: نتائج "الانتخابات" في مصر وسوريا تدفن نهائيا "الربيع العربي" الذي تمناه الغرب - المصدر).

 

في الاسبوع الماضي اجريت انتخابات للرئاسة في سوريا، والرئيس الاسد انتخب باغلبية "ساحقة". نكتة السنة. قبل نحو اسبوع من ذلك انتخب الجنرال السيسي رئيسا لمصر باغلبية ساحقة. هذه لم تكن على الاطلاق نكتة.

 

يدور الحديث عن نتيجتين مختلفتين تماما للاحداث التي بدأت قبل نحو ثلاث سنوات ونصف في العالم العربي، وسميت في البداية على سبيل الخطأ باسم "الربيع العربي". وقد رمز التعبير

 

الى الامل، الامنية الاوروبية والامريكية، في أن ها هي تسقط الانظمة الدكتاتورية وتوشك على القيام أنظمة ديمقراطية، او على الاقل انظمة تكون فيها الديمقراطية قيمة عليا. ولا تزال ادارة اوباما تعتقد ذلك؟ لا يصدق، ولكن في خطابه الشهير امام خريجي وست بوينت قال الرئيس الامريكي الاقوال التالية: "الهزة في العالم العربي تعرض الاحتمال بعيد المدى لحكم يستجيب (لمطالب الجمهور) وحكم انجع".

 

اذا ما القينا نظرة الى نتائج الهزة التي عصفت بقسم من العالم العربي حتى اليوم، سنتبين ظاهرتين مركزيتين: الاولى، باستثناء مصر الشاذة، في كل الدول التي كانت فيها هزة يوجد الحكم في حالة تفكك، ومعه الدولة. والثانية، الارهاب الاسلامي المتطرف استوطن في قلب العالم العربي.

 

في تونس يوجد حكم هزيل جدا. في ليبيا لا يوجد عمليا حكم، وميليشيات مختلفة تسيطر في الدولة وامامنا دولة فاشلة في عملية تفكك. وهو الحال في اليمن، حيث تنقسم الدولة بين مؤيدي الرئيس، مؤيدي القاعدة وجناح شيعي. في العراق، هناك بدأت الهزة عمليا قبل اكثر من عقد (بعد سقوط صدام حسين)، لا يوجد حكم ناجع، والدولة منقسمة عمليا الى دولة كردية، شيعية وسنية. والان لسوريا.

 

عندما نقول أن الاسد انتخب لولاية ثالثة كرئيس فالمقصود هو أنه "انتخب" في المنطقة التي يسيطر فيها. ويدور الحديث عن قاطع يمتد من دمشق شمالا الى مدينة حمص ومن هناك غربا الى شاطيء البحر المتوسط وشمالا على طول الشاطيء حتى ما فوق مدينة اللاذقية. قسم صغير من دولة سوريا. باقي الارض، كل الشمال والشرق تقريبا، يوجد تحت سيطرة مجموعات مختلفة من الثوار، ممن اقاموا امارات، بينما توجد ايضا دولة كردية صغيرة. معظم معابر الحدود لما كانت ذات مرة دولة سوريا توجد تحت سيطرة الثوار. كما توجد في ايديهم آبار نفط. اما السيطرة في "دولة بشار الاسد" فتتاح بسبب مساعدة ايران وحزب الله، وتأييد روسي متين.

 

ما يميز كل الدول التي وصفناها (وتونس بقدر اقل) هو أن أيا منها لم تكن في الماضي دولة قومية مع حكم مركزي قوي. مصر تبرز في استثنائها. فهي استثنائية، وهي تقف في خلاف قطبي مع سوريا. ليس صدفة، على ما يبدو، يوجد لنا اتفاق سلام مع مصر، وليس مع دولة مثل سوريا.

 

لقد اجتازت مصر في الهزة جولة التفافية كاملة: بدأت باسقاط رئيس دكتاتوري، انتقلت الى حكم الاخوان المسلمين، والان تعود الى حكم دكتاتوري ("حكم ديمقتاتوري"، اي، ذو وجه

 

ديمقراطي ومضمون دكتاتوري) في صورة الجنرال السيسي. فهل سينجح في تلبية التوقعات الهائلة التي يعلقها عليه الشعب المصري، وكلها في المجال الاقتصادي والاجتماعي؟ هل سينجح الاسد في مواصلة البقاء وتوسيع نطاق سيطرته في ظل تشديد المذبحة؟ أسئلة جيدة.

 

الواضح هو أن الارهاب الاسلامي المتطرف نقل مركزه من افغانستان والباكستان الى ما كان ذات مرة دولة سوريا وشبه جزيرة سيناء. في هذا تكمن المخاطر لدولة اسرائيل، كنتيجة للهزة، الى جانب عدم يقين شديد بالنسبة للمنطقة. وهنا ايضا اختلاف هائل بين مصر وسوريا: مع السيسي مضمون لاسرائيل تعاون ضد الارهاب في سيناء؛ اما في الشمال، فكل أزعر رجل.