خبر صمود امريكي: فهمت واشنطن أنها لم تعد تستطيع- هآرتس

الساعة 08:17 ص|09 يونيو 2014

صمود امريكي: فهمت واشنطن أنها لم تعد تستطيع- هآرتس

إنتقاء اصدقائها في الشرق الاوسط

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: لم تعد واشنطن قادرة على انتقاء اصدقائها في الشرق الاوسط وصارت مضطرة الى أن تتعامل مع جهات يمنعها قانونها من التعامل معها كالحكومة اللبنانية التي يشارك فيها حزب الله. فهل تعامل الحكومة الفلسطينية الموحدة بالصورة نفسها؟ - المصدر).

 

وجدت واشنطن لنفسها تعليلا حسنا لتُفسر تأييدها المرتقب لحكومة الوحدة الفلسطينية. فقد بينت متحدثة وزارة الخارجية قائلة: "لا يوجد في الحكومة ناس من حماس". وهذا التعليل بعيد عن اقناع جماعة الضغط اليهودية، الايباك، التي ذكّرت اعضاء مجلس النواب الامريكي باعلان على عجل نشرته في الاسبوع الماضي بأن "القانون الامريكي واضح تماما وهو أنه ينبغي ألا تحول اموال الى حكومة فلسطينية حماس شريكة فيها، أو لها فيها تأثير غير مناسب. فنحن نحث مجلس النواب على أن يفحص من جديد عن المساعدة الامريكية التي تعطى للسلطة الفلسطينية لضمان أن يكون القانون مطبقا تطبيقا كاملا".

 

إن القانون الامريكي في الحقيقة مقدس لكن القداسة ايضا يمكن أن تصبح مرنة وقت الحاجة. فحينما يبدأ اصدقاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط يتبخرون ويقل عدد الصراعات التي تستطيع التأثير فيها، قد تكون القطيعة مع السلطة الفلسطينية كارثة. قد تستطيع اسرائيل الوجود دون تعاون مع السلطة، لكن حينما يتجه نتنياهو الى واشنطن طالبا اليها أن تستعمل حق النقض مرة اخرى على مبادرة في الامم المتحدة الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو للتأثير في محمود عباس كي لا يرفع دعاوى قضائية الى المحكمة الدولية، فمن المستحسن جدا أن يكون لوزارة الخارجية الامريكي خط هاتف مفتوح مع الحكومة الفلسطينية حتى لو كانت حماس شريكة في تركيبتها.

 

أدركت واشنطن في السنوات الثلاث الماضية أنها لم تعد تستطيع انتقاء اصدقاءها في الشرق الاوسط. وأشد من ذلك وقد أخذ تأثيرها يقل، أنه يجب عليها أن تحافظ على قرب من نظم الحكم على الأقل. فقد وجدت نفسها في السنة الاخيرة خارج الجدار في مصر تقريبا. وحارت حيرة

 

لم تكن في صالحها تسأل هل تم تولي عبد الفتاح السيسي للحكم بثورة أم بانقلاب؟ ونجحت الادارة في التملص من الضغط الثقيل الذي تم استعماله عليها لوقف المساعدة لمصر لأنه لا يجوز لها بحسب القانون أن تمنح دولا تم الاستيلاء على الحكم فيها بانقلاب عسكري، أن تمنحها مساعدة. لكن حينما تبين أن مصر بدأت تعقد صفقات سلاح مع روسيا، سارع البيت الابيض الى اطلاق بيع المعدات العسكرية لأن من أراد أن تستمر مصر على محاربة الارهاب في سيناء وأن تستعمل حينما يحين الوقت تأثيرها في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وتتمسك بالحلف الموالي للغرب فانه يجب عليه أن يهادن. هكذا تم انقاذ قدرة الولايات المتحدة على الاتصال بقصر الرئاسة في القاهرة، وبفضل دعم السيسي خف التوتر الذي نشأ بينها وبين السعودية ايضا. وسوريا دولة اخرى لم تفقد الولايات المتحدة تأثيرها فيها فقط بل قدرتها على الاتصال بها. وأسهم في ذلك القفز الطويل المعذب على حبلين الذين يميز سياسة الادارة الامريكية اليوم. وفي نهاية المطاف وقف بشار الاسد واشنطن – وليست هي فقط – أمام حقيقة مكتملة وهي أن من أراد أن يحارب فروع القاعدة فسيضطر الى المرور من طريق قصره وأنه أصبح من الآن "الرئيس المنتخب"، والرئيس المنتخب لا يتم اسقاطه بتدخل اسرائيل.

 

وفي لبنان نسيت واشنطن منذ زمن قاعدة عدم التعاون مع حكومة تشارك فيها منظمات ارهاب. فحكومات لبنان تتمتع بمساعدة امريكية حتى حينما يوجد بين وزرائها ناس من حزب الله الذي يُعرف بأنه منظمة ارهاب. ففي الاسبوع الماضي حينما زار جون كيري بيروت منح رئيس الوزراء سلام تمام نصف مليار دولار مساعدة للاجئين السوريين الذين فروا الى لبنان. وما زال حزب الله في الوقت نفسه يقاتل مع الاسد، ويؤدي بذلك الى فرار لاجئين آخرين الى لبنان. فهل هي مناقضة؟ لا حينما تكون واشنطن على شفا هاوية متمسكة بأوهى الخيوط.

 

يمكن أن نستنتج من تعوجها في لبنان كما يبدو سياستها المتوقعة في فلسطين حينما تتجه هذه الى انتخابات المجلس التشريعي وانتخابات الرئاسة بعد ستة اشهر اذا سار كل شيء على ما يرام. فآنذاك لن تستطيع واشنطن أن تختبيء وراء زعم أن الحكومة لا تتضمن ناسا من حماس. ويمكن أن نخمن أن المصوتين وإن لم يمنحوا حماس نصرا ساحقا سيعطونها نصيبا وفيرا من الحكم. وسيطلب الى واشنطن آنذاك أن تُبين لماذا تكون حكومة لبنان مع حزب الله حلال في نظرها، ولماذا تكون حكومة افغانستان التي انتخبت بصورة ديمقراطية وتوشك أن تصالح طالبان حكومة مناسبة، أما حكومة فلسطين مع حماس فمرفوضة. وهل تكفي حقيقة أن تصرخ اسرائيل وتركل لاقناع واشنطن بالتخلي عن محاولة الاتصال بالحكومة الفلسطينية. يبدو بحسب ردها الايجابي على حكومة الوحدة الفلسطينية أن الضجيج الاسرائيلي لم يعد يشوش على أذنيها الحساستين فقد اعتادت على الأمر.

 

لكن اذا استطاعت واشنطن أن تبتلع التعاون مع حكومة فلسطينية الى الآن بتعليل تقني، فمن المثير للاهتمام أن نعلم كيف تنظر الى المادة الصريحة المتعلقة بسلاح غير مسموح به التي يشتمل عليها اتفاق واي في 1998 والتزمت فيها السلطة الفلسطينية بأن تعمل "في تصميم ونجاعة" على مكافحة حيازة سلاح غير مرخص وانتاجه واستيراده على أيدي جهات مختلفة. وقد كان يمكن أن يُغفر للسلطة ذلك الامر ما بقيت حماس تحكم غزة حكما مطلقا. والآن وقد بدأت مرحلة تنفيذ المصالحة تثور الاسئلة بكامل قوتها فهل يتم توحيد الاجهزة الامنية؟ وهل يتم استيعاب سلاح حماس في مستودعات قوات الامن الموحدة؟ وهل توافق حماس أصلا على نزع سلاحها؟ ستضطر واشنطن الى مواجهة هذه المعضلة في غضون وقت قصير، لكن الجواب قد يكون بحسب النموذج اللبناني فهناك ايضا تم اتخاذ غير قليل من القرارات المتعلقة بنزع سلاح حزب الله، وما زال حزب الله هناك ايضا متمسكا بسلاحه وما زالت واشنطن هناك ايضا تمنح مساعدة.