خبر من يملك زمنا للطرد؟ -هآرتس

الساعة 09:28 ص|08 يونيو 2014

بقلم: عميره هاس

(المضمون: لا يهتم أحد لا من الاسرائيليين ولا من الفلسطينيين بأعمال الطرد التي تخطط لها الحكومة الاسرائيلية في الضفة الغربية والنقب - المصدر).

 

نشرت مقالتي في الاسبوع الماضي والتقرير الصحفي الذي صاحبها، وبقيت قافلة صديقاتي واصدقائي (في العالم الحقيقي وفي الفيس بوك ايضا) تسير دون أن تُظهر علامات زعزعة. وقد كنت اعتقد أن نصين يتناولان الطرد الجماعي المخطط له في هذه الايام سيستخرجان منهم عددا أكبر من الردود.

 

تلقيت مكالمات هاتفية ورسائل الى بريدي الالكتروني معدودة ولا سيما من نشيطات ميدانيات من مراقبة الحواجز يرين واقع الطرد أمام أعينهن، ولم يكن سوى ذلك. وحينها بدأت احاول أن افسر معنى الخرس وعدم الزعزعة. واعتقدت قبل كل شيء بالطبع أنني أنا السبب وأن الكتابة كان فيها شيء من العيب في العنوان أو في المقدمة أو في الاسلوب. ولن أطيل كي لا يفسر ذلك بأنني أريد أن أستخرج انكارات مهذبة أو أشجع موافقة متحمسة على وجود عيب. بعد

 

ذلك اتصلت بي س. من تل ابيب لتقول إنها قرأت وشعرت بالسوء ففرحت. وشكرتني اثنتان من نيويورك على الغضب الذي كتبت به عن الخطة الاسرائيلية لطرد آلاف البشر قريبا. ولا يخطر ببال الباقين أنني محتاجة الى نوع من الدعم النفسي وملء البطاريات بعد صوغ جمل من هذا النوع البغيض.

 

ذلك اتصلت بي س. من تل ابيب لتقول إنها قرأت وشعرت بالسوء ففرحت. وشكرتني اثنتان من نيويورك على الغضب الذي كتبت به عن الخطة الاسرائيلية لطرد آلاف البشر قريبا. ولا يخطر ببال الباقين أنني محتاجة الى نوع من الدعم النفسي وملء البطاريات بعد صوغ جمل من هذا النوع البغيض.

 

وتحولت بعد ذلك الى اتهام الموقع في المكان ووقفت فورا. فالموقع أمر علمي خالص – موضوعي، بالطبع. وكان الموقع سيكون مختلفا، كما أتخيل لو أنني كتبت عن محمد عساف، المطرب الفلسطيني الذي فاز في مسابقة "محبوب العرب" وسيغني في ألعاب كأس العالم، بدل أن أكتب عن خطة الطرد واعداد آلاف الدونمات الاخرى لليهود.

 

وتحولت في سريرتي الى البحث عن ذوات صديقاتي واصدقائي فلم استطع أن اغضب على ج. وق. أ. وع. لأنهم لم تعجبهم قصصي عن الترحيل لأنهم يعيشون في جنوب الضفة ويحاولون مع آخرين أن يصدوا محاولات الترحيل التي تجري هناك كل يوم. فالمستوطنون يستولون على قطعة ارض اخرى ويساعدهم الجيش على طرد فلاحيها (كي لا يقع احتكاك)، وتقبل المحكمة الاستيلاء بسبب التقادم. ويحلل وزير الدفاع بؤرا استيطانية. إن البقرة اليهودية سمينة تغتسل كل يوم وقد صدر أمر بهدم بئر ماء المطر المجاورة.

 

إن ع. وأ. وأ. من تل ابيب وعكا لن يستطيعوا حتى القراءة في رأيي، أو أن جعبة زعزعتهم قد امتلأت بالتقارير عن المعتقلين الادارييين المضربين عن الطعام. وقد بدأت الزعزعة لمجرد الاعتقال بلا محاكمة مدة سنين ولأن الكثرة الغالبة لا يؤثر فيها ذلك. والزعزعة هي بسبب الاضراب عن الطعام منذ 45 يوما الذي هو في أدنى سلم الاهتمام ايضا. وتتابع الزعزعة وتنحصر في خطوات عقاب مصلحة السجون، فزيارات العائلات ممنوعة، وهناك تكبيل بالسلاسل الى أسرة المستشفيات، وزيارات المحامين ممنوعة.

 

ولم أستطع أن أغضب ايضا على م. وف. ون. وف. في غزة. فهم يعيشون بين انقطاع الكهرباء وجر قوارير الماء المنقى على الدرج حتى الطابق السابع وأصبحوا غارقين في مشكلات الحكومة الموحدة: فقد قطع موظفو حماس ورجال شرطتها طريق الوصول الى مصارف الموظفين الذين يحصلون على رواتبهم من السلطة الفلسطينية في رام الله. وقد غضبوا لأن رام الله ترفض أن تدفع رواتبهم فالى أين سيتطور ذلك؟.

 

إن ل. وم. وم. وس. وج. من رام الله يقللون من قراءة صحيفة "هآرتس". واذا كانت التقارير الصحفية عن الترحيل قد ترجمت للعربية فانها غرقت بين سائر التقارير مثل أن اسرائيليين أحرقوا مزرعة قرب نابلس، واعتقل "الشباك" والجيش الاسرائيلي الليلة ثمانية اشخاص (أو 12 أو 5) في أنحاء الضفة، وفض الجيش الاسرائيلي بالعنف المظاهرات الاسبوعية، وأن عائلة القتيل من حوارة تنفي امكان أن يكون ابنها – وهو والد اثنين – أطلق النار على موقع عسكري فقتله الجنود لذلك. هذا الى أن الجميع مشغولون بامتحانات الشهادة الثانوية العامة أو بمهرجان الأدب، في نسخته السادسة. فقد جاء أدباء وشعراء من العالم ليقرأوا من اعمالهم الأدبية لجمهور النخبة وليؤدوا التقارير للعالم بعد ذلك عما رأته أعينهم: عن الخليل واسواقها وشوارعها الفارغة باعتبارها مثلا على اسرائيل المحبة للترحيل.

 

وماذا عن صديقاتي مؤيدات "نتذكر"؟ إنهن يأتين بالعجب بالتنبيه على طرد 1948 ويخططن لانشاء لجنة حقيقة ومصالحة، لكن يبدو أنه لم يبق عندهن وقت فراغ لتناول اعمال الطرد التي يمكن منعها اليوم.

 

ويستعد ج. وح. وأ. من تل ابيب لمداولة في المحكمة العليا اعتراضا على الطرد من قرية العراقيب في النقب. فلم يفرغوا ليظهروا اعجابهم وليقولوا لي إنهم قرأوا ايضا فصل المتابعة في تاريخ طرد البدو من النقب، ونقلهم الى الضفة والتضييق عليهم منذ 1967. وكان التباحث في الاستئناف المرفوع اعتراضا على قرار القاضية سارة دفيرت على رفض مطالب ملكية أبناء العُقبي للاراضي التي طردوا منها في 1951. ووافق قضاة المحكمة العليا على اقتراح المستأنفين أن يتم اجراء وساطة ويجب على الدولة أن تعرض موقفها في غضون اسبوعين.

 

وما هي الحال في الجانب الآخر من الخط الاخضر؟ في يوم الثلاثاء القادم يفترض أن تبحث الادارة المدنية في موعد ايداع للاعتراضات على الخطط لطرد البدو من خيامهم وحشدهم بخلاف رغبتهم في بلدات مكتظة تدمر ما اعتادوه من حياتهم واعتياشهم ونسيجهم الاجتماعي. وها هو ذا طرد وظلم آخران يمكن احباطهما.