خبر ليس الامر أمر المستوطنات -هآرتس

الساعة 09:27 ص|08 يونيو 2014

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: يجب على العالم كله أن يحتج احتجاجا قويا على النظام الاسرائيلي المتبع في المناطق المحتلة الذي يؤبد الظلم والفصل العنصري والاضطهاد والتنكيل لا أن يتحدث عن استمرار البناء في المستوطنات - المصدر).

 

إنطلقت عملية "شارة ثمن" اسرائيلية اخرى في طريقها وهي اعلان بناء 1500 وحدة في المستوطنات انتقاما معلنا لانشاء حكومة الوحدة الفلسطينية. مزق القناع منذ زمن ولم تعد اسرائيل تحاول أن تخفي أن المستوطنات ليست أكثر من عقاب، لكنها ليست العقاب الحقيقي. إن العقاب الحقيقي هو استمرار الاستبداد. إن المستوطنات هي مقياس نوايا اسرائيل وقد أنشئت لتأبيد الوضع القائم ولاحباط كل رجاء تسوية. لكن العقاب الحقيقي هو مظالم الاحتلال التي لا تحتمل وإن كان حديثهم عنها أقل.

 

يجب الكف عن الحديث عن المستوطنات، فقد بلغ عدد المستوطنين منذ زمن كتلته الحرجة التي تجعل الوضع القائم شيئا لا رجعة عنه. ولن تقدم 1500 وحدة اخرى ولن تؤخر. ولا يبرهن بناؤها إلا على أن اسرائيل تنوي الاستمرار على مشروعها الاستعماري، لكنها ليست الشيء الأساسي. فالمشكلة الحقيقية هي النظام الشمولي في المناطق. هذه هي مشكلة الفلسطينيين الرئيسة وهي مشكلة الاسرائيليين الرئيسة ايضا الذين أصبحت دولتهم ديمقراطية كاذبة.

 

صحيح أنه لولا المستوطنات لبلغ الاحتلال نهايته كما بلغ الاحتلال الاسرائيلي في جنوب لبنان نهايته وهو الاحتلال الذي كان نقيا من المستوطنات. وصحيح أنه لو كان عدد المستوطنين أقل كثيرا كما كان في قطاع غزة فلربما انفصلت اسرائيل عن الضفة ايضا. لكن الانفصال عن غزة ايضا برهن على أنه غير كاف لانشاء عدل، فقد تحولت غزة الى سجن لم يعد أحد يتحدث عن مصير سجنائه. ولهذا فان وقف البناء في المستوطنات التي هي المشروع الصهيوني الاكبر مصيرية منذ كان انشاء الدولة سيوحي بنية خيرة في الحقيقة، لكن الوضع لن يتغير من أساسه دون اخلائها المطلق وهو أمر غير واقعي بصورة سافرة، ودون جعل النظام في المناطق عادلا.

 

ولهذا يجب ألا يظل نضال العالم محصورا في المستوطنات في المناطق بل يجب أن يتناول النظام المستعمل فيها. فحقيقة أنه يوجد هنا شعبان لأحدهما كامل الحقوق والآخر بلا أي حق سوى الحق في أن يكون تحت الاحتلال هي التي يجب أن تثير الساحة الدولية. فيكفي تنديدا باسرائيل بسبب شقة اخرى ومسكن مجرور آخر. ينبغي التنديد بها وعقابها على الحياة غير المحتملة تحت الاحتلال وعلى حقيقة أن الدولة التي تدعي أنها من الدول المستنيرة ما زالت تنكل بشعب كامل في نومه واستيقاظه وجيئته وذهابه.

 

تحدثوا عن الصيادين العاجزين من غزة الذين تطلق النار عليهم من سفن صواريخ؛ وتحدثوا عن الاولاد الذين يُعتقلون تحت جنح الظلام بقسوة؛ وتحدثوا عن الاعتقالات الجماعية بلا محاكمة، وعن تمزيق العائلات بين الضفة وغزة، والقدس ورام الله؛ وتحدثوا عن اليد الاسرائيلية الخفيفة على الزناد، وتحدثوا عن المعاملة القضائية التي تفرق بين دم ودم، وعن السلب اليومي، وعن هدم البيوت ومحو القرى؛ وتحدثوا عن المراعي التي تحول الى ميادين رماية لجعل حياة سكانها

 

بائسة ولطردهم، وعن الجنود الذين يطلقون النار بسبب الملل وعن رجال الشرطة الذين يعتقلون لأن ذلك ممكن فقط.

 

وتحدثوا عن الفصل العنصري الراسخ في المناطق، وعن عدم احتمال أن يبدأ ولد فلسطيني بناء حياته أو الوصول مرة واحدة على الأقل الى شاطيء البحر على مبعدة قصيرة عن بيته؛ وتحدثوا عن سكان القطاع الذين لا يستطيعون تصدير منتوجاتهم ولا الوصول الى أي مكان ايضا – لا للدراسة ولا للمستشفيات ولا لزيارة الاقارب ولا للعمل خارج سجنهم الذي هو الاكبر في العالم؛ وتحدثوا عن آلاف السجناء، وبعضهم سجناء سياسيون وكلهم يميزون تمييزا غير انساني اذا ما قيسوا بالسجناء اليهود؛ وتحدثوا عن بيروقراطية الاحتلال وهي نظام تنكيل مؤسسي آخر، وعن الحواجز؛ وتحدثوا عن عدم العدل السافر. تحدثوا عن فظاعات الاحتلال.

 

ليس لكل ذلك أية صلة ببناء بضع مئات اخرى من الشقق في المستوطنات. فيجب على كل مواطن نزيه من اسرائيل والعالم أن يحتج ويرفع صوته على ذلك، لكن هذه الصرخة لا تُسمع بصورة كافية.