خبر الحصان التالي- معاريف

الساعة 10:37 ص|03 يونيو 2014

الحصان التالي- معاريف

بقلم: بن كاسبيت

(المضمون: اتجاه ليبرمان العام صحيح. سيواصل الفلسطينيون التصالح والتنازع بينهم وبين أنفسهم لسنوات عديدة اخرى، دون أن ينهض هناك احد ما قادر على ان يوقع على اتفاق مع اسرائيل - المصدر).

 

يوجد أكثر من افيغدور ليبرمان واحد. يوجد اثنان، على الاقل. الاول، الكل يعرفه. أسد مفترس. وحش متطرف غير قادر على ان يمر عن حقل ما دون ان يحرقه، لا يمكنه ان يرى جمرا دون أن يصب عليه الوقود، سليط اللسان على العالم العربي، متنطح لعرب اسرائيل، ينثر التهديدات باسلوب "طهران أسوان" ويتمتع بكل لحظة.

 

ولكن في داخل هذا الاسد، يكمن ثعلب. أكثر دهاء، تفكيرا، وهناك من يقول تشويقا. شخص يعرف معادلات القوة في الشرق الاوسط، يعرف كيف يشد الخيوط وقادر على اتخاذ القرارات، التفكير من خارج العلبة وخلق تحالفات سرية. جزء صغير من هذا الليبرمان، الثعلب الداهية، انكشف امس للجمهور، وكالمعتاد، حصل هذا في المكان غير المتوقع على الاطلاق:

 

مناسبة لاتحاد الطلاب في المركز متعدد المجالات. كما أن التوقيت "ليبرماني صرف". بالضبط في الوقت الذي نشر فيه قرار المجلس السياسي الامني يوم امس والذي رفض كل امكانية للاعتراف بالحكومة الفلسطينية الجديدة، يعرض ليبرمان وجها آخر، جديدا، بقدرة وصول الى حل الوضع. ومثلما ستقرأون في هذه الصفحات، فانه استعرض فكرته القديمة الجديدة، التسوية الاقليمية. نوع من الحل الوسط بين خطته السياسية الاصلية، التي تتضمن تبادل للاراضي مع الفلسطينيين (وبرأيي، الخطة الاكثر منطقية الموجودة اليوم على الطاولة)، وبين الاحتياجات الاقليمية المتعاظمة في عصر الصراع السني – الشيعي وانحلال الاطر القومية القديمة في قسم من الدول المحيطة بنا.

 

في كل مرة يقفز له الايفات فيطلق قولا ما مهددا أو استفزازيا في الفضاء، نميل الى ان ننسى الجانب الاخر من أفيغدور ليبرمان. الجانب الذي انكشف لاول مرة في الخطة السياسية القديمة اياها، والتي أعلن فيها بأنه سيكون مستعدا لاقامة دولة فلسطينية، التخلي عن وادي عارة والمثلث مقابل الكتل الاستيطانية، بل واخلاء بيته في نوكاديم كي يحقق السلام. اما اليوم، فليبرمان اكثر وعيا، يسلم بحقيقة أن ليس للفلسطينيين قدرة على الوصول الى مثل هذا النوع من التسوية بقواهم الذاتية. حله هو تسوية اقليمية. وشركاؤه هم السعودية، مصر، اتحاد الامارات، البحرين، دول في شمال افريقيا، الاردن ومحافل في الحكومة العراقية. اما اعداؤه المعلنون فهم ايران، ايران وايران، وهو يشخص القلق السني من انتشار الخطر الشيعي – الايراني، ويحاول الزحف نحو التماس.

 

ان تشبيه اسرائيل بالعشيقة الاقليمية، والذي استعاره ليبرمان أمس من مئير دغان هو تشبيه دقيق. فيكاد يكون الجميع يتحدثون مع اسرائيل، ولكن سرا. يستمتعون بها، ولكن في غرفة النوم الدبلوماسية الخفية. اما ليبرمان فقد مل هذا. ويريد أن يؤطر العلاقات. ربما ليس لدرجة الزواج الكاثوليكي ولكن على الاقل الحصول على مكانة الزوجة المعروفة بين الناس. في هذا المجال من المتوقع لليبرمان خيبة الظن. فالدول العربية المعتدلة لا يمكنها أن تستوفي هذه الشروط، لانها دول معتدلة تسكن فيها شعوب غير معتدلة. وتواصل اسرائيل اجتذاب معظم كراهية الجماهير في الاردن، في مصر، في السعودية، وفي باقي الدول العربية. نتاج عشرات عديدة من السنين من غسل الدماغ اللاسامي والتحريض العدائي. ولكن اتجاه ليبرمان العام صحيح.

سيواصل الفلسطينيون التصالح والتنازع بينهم وبين أنفسهم لسنوات عديدة اخرى، دون أن ينهض هناك احد ما قادر على ان يوقع على اتفاق مع اسرائيل والتسليم بحقيقة أنه لن تكون عودة لاجئين الى نطاقها. وفقط بغلاف اقليمي واسع سيكون ممكنا الوصول الى شيء ما. هذا اذا كان ممكنا على الاطلاق. هذا هو الحصان التالي، وليبرمان يحاول الان الانطلاق به. مشوق أن نعرف الى اين.