خبر كتائب القسام والمصالحة >> إبراهيم المدهون

الساعة 07:07 م|01 يونيو 2014



رأيُ كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس داعماً ومؤيداً ودافعاً للمصالحة، إذ لم تضع القيادة القوية للقسام أي شرطٍ أمام التوافق أو المصالحة، وقالت برسالةٍ بليغة أن إتمام المصالحة الفلسطينية يدعم المقاومة، وأن المقاومة ستحمي التوافق، وأن بيئة متصالحة متجانسة متعايشة هي الأفضل لمستقبل الكفاح المسلح من بيئة منقسمة سياسياً.. تتمتع كتائب القسام بنفوذٍ كبيرٍ في قطاع غزة، وتحظى بقبول جماهيري واسع، حيث الأغلبية العظمى من أهالي قطاع غزة يثقون في حكمة وعقلية القسام وإدارته ومقدرته على التعامل مع العدوان الإسرائيلي، وينظرون لكتائب القسام على أنها الركيزة الأهم في مشروع التحرير من جهة، وحماية المشروع الوطني من جهة أخرى، وهذا يزيد الأعباء على القسام.

إن أقوى الأوراق في يد القيادة الفلسطينية اليوم هي التشكيلات العسكرية المنتظمة في القطاع وعلى رأسها كتائب القسام، حيث وصلت هذه الفصائل إلى مرحلةٍ متقدمةٍ من التجهيز والتدريب والتسلح، بالإضافة لامتلاكها كنترولاً حكيماً ودقيقاً يدرك حساسية المرحلة وتعقيدات الصراع، فما يميِّز كتائب القسام أنها لا تتهور في زمن ينبغي عليها فيه أن تحجم، ولا تصمت وتتراجع في وقت ينبغي فيه أن تقاتل وتتقدم، كما أنها نسجت معادلةً دقيقةً بينها وبين السياسيين جعلت بندقيتها منضبطة بسياساتٍ عامةٍ وموجهة نحو هدفٍ مركزي.

فكتائب القسام الأكثر انضباطاً في عملية التهدئة طالما التزم الاحتلال وتوقف عن عدوانه، ولهذا هناك أرضية لحالة انسجام بين القسام والسياسات العامة لمرحلة ما بعد المصالحة، وهي لا تتعارض ورؤية القيادة السياسية في إفساح المجال لترتيب البيت الفلسطيني أولا، ولن تدخل بمواجهات عسكرية انفعالية إلا بقرار فلسطيني للرد على الانتهاكات الإسرائيلية.

كما تضم كتائب القسام مئات الكوادر المتمرسة فهي تعتبر صهريجاً كبيراً يخرج القيادات العسكرية الفلسطينية ويضخها في المشروع الطويل، بالإضافة لعشرات آلاف العناصر المدربون المجهزون لأي مواجهةٍ قادمةٍ مع الاحتلال، فما وصلت إليه اليوم من بنية وتفرع وتجذر يحولها لسلاحٍ فلسطيني وورقة قوة يلزم من الحكومة القادمة تدعيمها وتقويتها وإفساح المجالات لها، فالقسام اليوم عنصر استقرار وأمان كما هو عنصر مقاومة وتحرير.

 من المعلوم أن الاحتلال الإسرائيلي هو الخطر الأكبر والمستمر على شعبنا وقضيتنا، وقد علمتنا التجربة أن هذا الاحتلال لا يرقب فينا إلاً ولا ذمة وأنه لا يفهم إلا لغة القوة، وتجربة إنهاء ومحاربة الفصائل العسكرية في الضفة الغربية خلفت لنا واقعاً مريراً حيث استمر العدوان وتضاعف الاستيطان واتسعت رقعة التهويد وقضمت الأراضي وتضخمت أعداد الأسرى والمعتقلين.

لهذا فإن نجاح المصالحة مرهونٌ بتدعيم كتائب القسام وإضفاء شرعية أكبر على أعمالها التطويرية، وقد كان لنا نموذجاً ايجابياً طوال السنوات الماضية حينما تكاتفت وزارة الداخلية مع المقاومة الفلسطينية فرفعت نسبة التفاهم والتنسيق، فنتج واقعاً أمنياً مثالياً، حيث انتهى الفلتان الأمني إلى غير رجعة، وارتدع العدو الإسرائيلي وأصيح يحسب ألف حساب قبل أن يتدخل عسكرياً في قطاع غزة.

لهذا أنصح الحكومة القادمة الاستمرار على حالة التنسيق مع كتائب القسام، وتعزيز دوره كجهة دفاعية مقاومة، وأعتقد أن كتائب القسام ستتعاون مع حكومة التوافق وتلتزم بمحددات العمل المتفق عليه من قبل الأطر القيادية العليا للشعب الفلسطيني.