خبر المصريون فضلوا الاستقرار على قيم الثورة.. هآرتس

الساعة 09:01 ص|30 مايو 2014

 

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: فاز المشير السيسي فوزا كاسحا بنسبة 95 بالمئة من الاصوات الانتخابية؛ لكن نسبة التصويت المنخفضة برغم اطالة مدة الانتخابات تتحدى شرعية الرئيس المنتخب - المصدر).

يُذكر الفوز بنسبة 95 بالمئة في انتخابات الرئاسة المصرية، كما تشير النتائج غير الرسمية، تُذكر في ظاهر الامر بأيام اخرى في مصر. وتثير نسبة التصويت المنخفضة نسبيا التي بلغت نحوا من 40 بالمئة من مجموع اصحاب حق الانتخاب، تشير من جديد مسألة الشرعية العامة لانتخاب المشير عبد الفتاح السيسي.

إن تفسيرات نسبة المشاركة المنخفضة مثل الحرارة المرهقة التي جعلت السكان يبقون في البيوت، أو واجب التصويت في المنطقة السكنية، غير كافية (ففي الانتخابات التي انتخب فيها مرسي رئيسا كان الجو حارا جدا ومع ذلك كله شارك فيها أكثر من 51 بالمئة). لكن ينبغي ألا يتم تجاهل الفروق بين هذه الانتخابات والمعارك الانتخابية التي كانت تجري في عهد مبارك لأنه لم يكن يوجد في ذلك الوقت أي بديل وكانت نسبة الفوز معلومة سلفا ايضا. وإن انخفاضا طفيفا عن 98 بالمئة يعتبر خسارة. وكان المرشح المنافس للسيسي في هذه المرة مرشحا آخر غير هامشي ومعروفا.

إنه حمدين صباحي الذي كان يفترض في ظاهر الامر أن يمثل الحركات المدنية وشباب الثورة والتيار الاشتراكي والليبراليين الذين أعلنوا أنهم سيعطونه اصواتهم. وقد كان يوجد بديل عند من يخشون حكم المشير أو عند من لم يريدوه لكن تبين أنه لم يُستغل.

صحيح أن السيسي تمتع بتفوق عظيم في المعركة الانتخابية، فقد مولت مخصصات حكومية حملته الدعائية وكان يملك جهازا ناجعا من موظفين حكوميين، وأيدته أكثر الوسائل الاعلامية التي قدرت تقديرا صحيحا أنه سيكون الرئيس التالي، ولم تتحد برنامجه الانتخابي غير الواضح الذي اشتمل احيانا على افكار غريبة مثل استعمال مصابيح توفير للتوفير في النفقات على الطاقة.

لكن يبدو أن نجاح السيسي يعتمد في الاساس على الاختيار بين الطموح العام الى نظام حكم قوي ومستقر يستطيع مواجهة الارهاب والعمل على مواجهة الاخوان المسلمين وانشاء منظومة علاقات جيدة بالدول الغربية والدول العربية، وبين نظام ربما يبدو اكثر ديمقراطية يمثل "قيم الثورة"، لكنه لا يستطيع أن يُحسن حياة المواطنين الاقتصادية. ولا تختلف مصر في ذلك عن دول اخرى يفضل فيها المواطنون في اوقات الازمات زعماء اقوياء حتى لو كانوا عسكريين، على الكمال الديمقراطي.

"أبلِغوا المشير أنه قد انتهى شهر العسل وأن العمل يبدأ الآن"، اقترح الصحفي الكبير عمرو أديب، في برنامجه التلفزيوني "القاهرة اليوم". بيد أن السيسي لم يكف لحظة واحدة عن عمله الصعب، فقد أدار المعركة القاسية الدامية على الاخوان المسلمين التي أفضت الى قتل نحو من 1300 مواطن، وهو يشرف على عمليات الجيش في سيناء، وينشيء منظومة علاقات جيدة بالدول العربية مثل السعودية واتحاد الامارات والكويت التي كانت وستظل حزام أمن اقتصادي حيوي لحكمه.

إن مليارات الدولارات التي حولتها هذه الدول الى خزانة مصر الفارغة والتزامات استثمارات اخرى والضغط الذي استعملته السعودية خاصة على الادارة الامريكية لازالة قيود المساعدة العسكرية، عززت مجددا الحلف بين هذه الدول، وهو حلف كاد يتفكك زمن حكم محمد مرسي.

تستطيع واشنطن ايضا أن تكون مطمئنة الآن بعد أن لم يعد السيسي هو المشير الذي نفذ انقلابا عسكريا بل أصبح زعيما منتخبا. وهي تستطيع وقد اصبحت مكانتها في الشرق الاوسط تضعف، اذا عملت في حكمة، تستطيع أن تحتضن مصر من جديد وأن تدعم السيسي وأن تعيد مصر التي نشأت فيها مشاعر معادية للامريكيين، الى دائرة الدول الصديقة.

هذا حلف حيوي للولايات المتحدة بقدر لا يقل عن أهميته لمصر. وإن فوز السيسي من وجهة نظر اسرائيل التي تنظر الى علاقاتها بمصر بمنظار النوايا فقط، هو بشرى خير. فقد جهد مؤكدا أنه متمسك باتفاقات كامب ديفيد وحتى لو أراد تغيير صيغتها فسيكون ذلك مع الاهتمام بمصالح اسرائيل. والقصد في الاساس الى المواد التي تتعلق بزيادة القوات العسكرية في سيناء لمحاربة المنظمات الارهابية.

يمكن أن نُقدر أن التعاون الاستخباري والعملياتي مع مصر الذي كان ناجعا قبل ذلك ايضا، لم يلق صعابا وتساؤلات عامة ولا يعني ذلك أن السيسي متفق تماما مع اسرائيل على سياستها كلها في الشرق الاوسط ولا سيما في الشأن الفلسطيني. لكنه كاسرائيل يشك في حماس ويراها تهديدا أمنيا، لكنه يؤيد حكومة فلسطينية موحدة ويؤيد استقلال فلسطين. وهو يشارك في تصور يرى أن ايران تهديد، لكن اذا جددت السعودية علاقاتها بها فقد تسير مصر على آثارها.

إن السياسة الخارجية الآن هي آخر ما يهم سكان مصر الذين يريدون أن يعلموا ما الذي سيبقى معهم في نهاية الشهر للشراء من الحوانيت. بين السيسي في الحقيقة أنه لا ينوي الاستجابة لمطالب العمال لأن "الدولة لا مال لها"، لكنه يعلم أن الدعم الذي حصل عليه من المواطنين سينهار في وقت قصير دون زيادة الأجور وضمان اماكن عمل حتى لو كانت مصنوعة.

سيكون هذا مركز العمل الفوري للمشير الذي سيعين في الوقت القريب مجلسا اقتصاديا يوصيه بخطوات تنفيذية لاعادة بناء الاقتصاد المصري. والسيسي في الوقت نفسه غير قادر على كل شيء الى الآن فهو تنتظره معركة انتخابية اخرى لمجلس الشعب، وهو الجسم الذي سيكون مسؤولا عن تحويل هذه الخطط الى قانون، أو هو الجسم الذي قد يعيقها. ولم يحدد موعدها حتى الآن لكن قد توجد هنا بخلاف الانتخابات الرئاسية، مفاجآت تثقل على الأداء السليم للحكومة والرئيس.