خبر بين فرنسيس وبنديكت- يديعوت

الساعة 09:01 ص|28 مايو 2014

بين فرنسيس وبنديكت- يديعوت

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

(المضمون: ترى اسرائيل وقادتها أنهما غير ملزمين بأن يحترما أحدا أو يحبا الآخر وأنه لا يلزمهما شيء سوى العمل في زيادة قوة دولة اسرائيل كما تبين من زيارة البابا للبلاد - المصدر).

 

كانت هذه زيارة غريبة، شهدت على ما يشبه التطبيع في العلاقات بين اسرائيل والفاتيكان. ولم تثر زيارة فرنسيس التأثر الذي أثارته زيارات أسلافه، فهو بابا آخر جاء ومضى. وغُفر للبابا اشياء نشك في أن كانت تُغفر لأسلافه.

 

تجرأ فرنسيس على النظر الى الفلسطينيين على أنهم بشر، بل ذكر حقهم في دولة لهم. وأصغى اصغاءً شديدا لدعاواهم الشديدة على سياسة اسرائيل ولم يتزلزل أحد. فقد قطع سلفه في منصبه بنديكت السادس عشر لقاءً مع قادة مسلمين لأنهم اتهموا اسرائيل بقتل نساء واولاد وتدمير مساجد في غزة. ولم يساعده ذلك على التخلص من صورة النازي في عباءة البابا.

 

حظي بنديكت السادس عشر آنذاك بجامات غضب على خطبته في "يد واسم"، فقد وبخه الحاخام لاو (الأب) لأنه لم يذكر عدد ستة ملايين، وأعلن روبي ريفلين الذي كان آنذاك رئيس الكنيست وقد يصبح رئيسا قريبا، أعلن ببساطة بأنه ليس له اهتمام بالكارثة باعتبارها ظاهرة عالمية: فقد جاء الى "يد واسم" كي "يسمع طلب المغفرة والعفو من اولئك الذين تسببوا في كارثتنا، ومنهم الالمان والكنيسة، لكنني للأسف لم أسمع شيئا من ذلك".

 

أعلن بنديكت في الحقيقة في المطار أنه تم في معسكرات التجميع "إبادة يهود كثيرين جدا بقسوة – أمهات وآباء وأزواج وزوجات وإخوة واصدقاء – على يد نظام مُلحد نشر ايديولوجية معاداة السامية والكراهية"، لكن ذلك لم يساعده على التخلص من صورة النازي مُنكر الكارثة.

 

ولم يذكر البابا فرنسيس في مقابل ذلك في خطبته في "يد واسم" حتى هوية الضحايا اليهودية. ولم يذكر عدد القتلى ولم يتندم ولو باشارة خفية على خطايا الكنيسة الكاثوليكية، بل تكلم على البشر على نحو عام وعلى علاقة الله بالانسان الذي فقد إلهه.

 

لا يوجد في تصريحات البابا أي شيء مرفوض بالطبع. فلماذا لا يجوز له أن يُبدي العطف على الفلسطينيين ايضا؟ ولماذا يجب عليه أن يعتذر عن الكارثة (فقد كانت الكنيسة في نهاية

 

المطاف واحدة من ضحاياها وقتل النازيون غير قليل من رجال الكنيسة)؟ بيد أنهم في الماضي فحصوا هنا بسبع أعين ولم يفعلوا ذلك الآن.

 

من الواضح للجميع على نحو ما أن هذا البابا أكثر ليبرالية من أسلافه، برغم أن ذلك لا أساس له في تصريحات لاهوتية واضحة أو بتغيير واضح للسياسة – أو هو غير موجود على أية حال في هذه المرحلة. فقد تبين أن الصورة أو الغلاف أهم من الجوهر. ويتمتع فرنسيس بصورة عالمية لبابا متواضع مبتسم يحب الاطفال، وله صديق يهودي. وهو حسن الحديث عن الفقراء وعن العدالة الاجتماعية وإن لم يفعل الكثير ايضا. ونحن نحب الكلام السامي عن الديمقراطية وحقوق الانسان والعدل الذي لا يوجد وراءه فعل. ونحن نحب "الدعاية"، ولا نحب السياسة في الحقيقة. وهذا البابا حسن الظهور على الشاشة.

 

وافقنا اذا على استقباله بل غفرنا له أنه لم يعتذر أمامنا مرة بعد اخرى كما طُلب الى أسلافه. صحيح أنه لم يمنحنا الشعور بالتفوق الاخلاقي الذي يُحدثه عندنا كل اعتذار، لكن اسرائيل ليست أرملة. فقد وافق قادتنا بسخائهم على أن يؤدوا الدور بدلا منه فأكد كل المتحدثين الاسرائيليين على مسامع البابا بكلمات تنطف إظهار البر والصلف، أكدوا أخلاقيتنا المطلقة.

 

وبينوا واحدا بعد آخر أن طلب محاسبة النفس هو من طرف واحد. فليس عندنا ما نحاسب أنفسنا عليه. ولا يوجد مشروع مشترك لاحترام الآخر وحب الآخر يلزم الزعماء والمتدينين والساسة. والكرامة والحقوق يدين بها آخرون لنا. وواجبنا الاخلاقي الوحيد هو أن نهتم بقوة دولة اسرائيل. هذا هو كل شيء. ونحن نأمل أن يحمل البابا هذه الرسالة معه الى العالم.