خبر الدولة مقضي عليها -هآرتس

الساعة 10:29 ص|27 مايو 2014

الدولة مقضي عليها -هآرتس

بقلم: نحامية شترسلر

(المضمون: اعتراض من بعض الاشخاص والوزراء على شراء شركة صينية ضخمة لشركة منتوجات الحليب "تنوفا" الاسرائيلية - المصدر).

 

اذا لم تكونوا انتبهتم فاعلموا الآن أن دولة اسرائيل مقضي عليها، لا لتفجير التفاوض مع الفلسطينيين ولا بعقب ازدياد الكرُه لاسرائيل في أنحاء العالم بل هي مقضي عليها على أثر بيع "تنوفا".

 

من الحقائق أن شيلي يحيموفيتش عرّفت هذه الواقعة بأنها "بيع تصفية للدولة". فهي ترى أن "تنوفا" لم تُبع لـ "برايت فود" بل لـ "الصينيين"، كما كتبت. أي لاولئك المليار وربع من الناس ذوي العيون الخُزر الذين لا أسماء لهم، مع قبعات قش واسعة الأطراف، وقد جاءوا للقضاء علينا. يا له من خوف، ويا له من شعور قومي ظلامي، ويا لها من عنصرية دون.

 

ما العجب اذا من أن وزير البناء والاسكان اوري اريئيل اتصل سريعا بالدعوى العنصرية وأمر مديرية اراضي اسرائيل بأن تفحص (كما طلبت يحيموفيتش) هل يجوز "للصينيين" أن يملكوا تنوفا التي تملك عدة دونمات من ارض اسرائيل المقدسة. ألا توجد هنا "سيطرة اجنبية" على الارض؟ صحيح أن تلك الدونمات كانت تملكها الى الآن "إيبكس" البريطانية، لكن ذلك يجوز للبريطانيين أما الصينيون فلا. وهكذا يتصل اليسار البلشفي باليمين الحالم تحت راية القومية والعنصرية.

 

ترى يحيموفيتش أن شركة الكهرباء أو "مكوروت" وهما شركتان حكوميتان لهما الحق الكامل في شراء شركات في الخارج بل في المشاركة في مناقصات في أنحاء العالم. فلا بأس بذلك لأنهما اسرائيليتان. لكن هل تشتري شركة حكومية صينية شركة اسرائيلية؟ هذه تصفية.

 

تُسمي يحيموفيتش صفقة البيع "ضخا ورضاعة واستغلالا وسيطرة... وخطوة اخرى لتسليم ثروة ضخمة الى لاعبين مضاربين قليلين ودول اجنبية". وهذا اسلوب كلام لا يمكن أن يُسمع اليوم إلا في كوريا الشمالية.

 

إن "برايت فود" هي بالضبط عكس لاعبة مُضاربة، فهي شركة أغذية ضخمة مع ربح يبلغ 17 مليار دولار، وهي ثاني أكبر مجموعة اغذية في الصين ولها مصانع في فرنسا وبريطانيا ونيوزلندة الجديدة واستراليا. فهل حذروا هناك ايضا من "الصينيين"؟.

 

كانت "برايت فود" تبحث منذ سنتين عن مصنع كبير متقدم في مجال الحليب كي تستطيع توسيع مبيعاتها في السوق الصينية النامية. فمستوى العيش في الصين في ارتفاع وطلب منتوجات الحليب يزيد زيادة سريعة بـ 12 بالمئة كل سنة، في حين ما زال استهلاك المستهلك الصيني للحليب قليلا جدا قياسا بالغرب، أي أنه توجد هنا طاقة ضخمة لـ "تنوفا" على التوسع لأنها قد استنفدت في اسرائيل قدرتها على النمو.

 

لكن لم تبرهن يحيموفيتش وحدها على غوغائية وعدم فهم بل فعل ذلك عضو الكنيست افيشاي برفرمان ايضا، فتحدث هو ايضا عن بيع "تنوفا" وكأنه كارثة بقوله: "سنصبح دولة لا صلة لها بالارض". فما الصلة؟ "أريد سيطرة اسرائيلية على شركات". هل مثل نوحي دانكنر مثلا؟ كنا نأمل مدة سنين وجود مستثمرين دوليين يأتون ويستثمرون ويطورون. وقد بسطنا لهم البسط الحمراء والمليارات. فهل أصبحوا مرفوضين فجأة لأنهم "صينيون"؟.

 

لن تسرق "برايت فود" الابقار والحليب والارض من برفرمان، بل سيبقى كل شيء؛ كل الاسطبلات وكل المصانع. فهي ترى أن تنوفا استثمار استراتيجي للمدى البعيد. ولم تأت "للقيام باستدارة" مثل "إيبكس".

 

ولهذا فان الامر فضلا عن أنه ليس كارثة هو فرصة عظيمة لـ "تنوفا"، وهو الهدية الأحسن التي يمكن أن يحصل عليها عمال "تنوفا"، أعني موطيء قدم عند العملاق الصيني وهو ما سيفضي الى زيادة عمل وزيادة دخل. وهذه بشرى خير ايضا للكيبوتسات والقرى الزراعية واصحاب الاسطبلات الذين سيزيد الطلب لحليبهم زيادة عجيبة.

 

تستطيع "تنوفا" أن تصبح عملاقا دوليا يأتي بقدر أكبر من العمل ومن الدولارات للدولة وبقدر أكبر من الضرائب على الارباح وبقدر اكبر من التطوير والتقدم – وتريد يحيموفيتش أن تحرمنا من كل ذلك باسم البلشفية.

 

لنبق من وجهة نظرها منغلقين وصغارا وفقراء وبائسين كما في كوريا الشمالية، فالشرط ألا يأتي "الصينيون" فقط.