خبر هكذا ولدت عاصفة ضم المناطق- معاريف

الساعة 10:24 ص|27 مايو 2014

بقلم: أريك بندر

(المضمون: اليمين الاسرائيلي يجري عملية شارة ثمن سياسية للفلسطينيين ويحقق رؤيا بلاد اسرائيل الكاملة من خلال الاعداد لعشرة مشاريع قوانين تضم الكتل الاستيطانية الواحدة إثر الاخرى - المصدر).

 

بينما تناكف الوزيرة تسيبي لفني، المسؤولة عن المفاوضات التي لفظت أنفاسها، الوزير نفتالي بينيت واليمين علنا حول تصريحات النوايا لضم مستوطنات في المناطق الى السيادة الاسرائيلية، فان النائبين اوريت ستروك من البيت اليهودي ورئيس الائتلاف يريف لفين من الليكود اللذين يقفان معا على رأس لوبي بلاد اسرائيل، وضعا على طاولة الكنيست أمس سلسلة من عشرة مشاريع قوانين لضم كل المستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة.

 

ويدور الحديث عن الضم وفرض القانون والسيادة الاسرائيلية على غور الاردن، غوش ارئيل، غوش قلب السامرة، غوش موديعين، غوش منشه، غوش مركز بنيامين، غوش عصيون، غوش حبرون وبناتها، معاليه ادوميم وغربي السامرة. في هذه المناطق (المنطقة ج) يسكن نحو 350 الف يهودي ونحو 70 الف فلسطيني. وتشمل مشاريع القوانين ايضا ضم كل المناطق التجارية والصناعية، المواقع الاثرية، الطرق، مناطق ج وكل اراضي الدولة التي بين المستوطنات.

 

هذه المرة لا يدور الحديث عن حركة عفوية، بل عن فعل مخطط جيدا يقوده ستروك ولفين، الرمزان اليمينيان لائتلاف نتنياهو، نسق في الاسابيع الاخيرة سرا مع مجلس "يشع" للمستوطنين، مع قادة المستوطنات اليهودية في المناطق ومع جمعية "رغافيم".

 

"يوجد هنا قول واضح"، تشرح النائبة ستروك. "وصلنا الى نهاية المسار. مسيرة اوسلو ماتت وتبددت نهائيا. في نظرنا مسيرة اوسلو كانت نوعا من الانحراف عن الخط الصهيوني السليم، كلفنا اثمانا أليمة. نحن نريد اصلاح الوضع والعودة الى المسار الصهيوني الحقيقي".

 

وعلى حد قول ستروك، فالحديث لا يدور فقط عن اعلان رسمي عن موت مسيرة اوسلو بل وايضا عن موت المسيرة السياسية التي حاولت الوزيرة تسيبي لفني دون نجاح احياءها في الاشهر التسعة الاخيرة. "رغم اننا لم نؤمن، اعطينا هذا فرصة اخرى. اما الان فواضح للجميع بانه ليس هناك مع من يمكن الحديث؛ وان ابو مازن ليس شريكا؛ وانه لا يريد حقا السير في رؤيا الدولتين".

 

حين يدعيان بان اوسلو مات والمسيرة السياسية تبددت، فان ستروك ولفين يسيران نحو الحل الوحيد الذي يبدو في نظرهما ذا صلة، واليه قصدا منذ البداية: ضم كل اراضي الاستيطان الى نطاق بلاد اسرائيل. كما أن ستروك تقول ان رزمة القوانين هي نوع من شارة الثمن السياسية تجاه الفلسيطنيين.

 

"نشأ وضع يفعل فيه الفلسطينيون ما يريدون"، تعلن ستروك. "هم يتخذون خطوات احادية الجانب واسرائيل لا ترد. هذا لا يطاق من ناحيتي. نحن لا يمكننا أن نكون إمعات الفلسطينيين. عليهم أن يفهموا بانه توجد شارة ثمن على أنهم يفعلون ما في رؤوسهم في الساحة السياسية. على اسرائيل أن تبلور حيالهم بنك خطوات من طرف واحد كيف يعرف ابو مازن ورجاله بان هذا خيار على الطاولة".

 

"نحن نعرض هنا رؤيا واضحة عن مستقبل الاستيطان ومستقبل دولة اسرائيل"، كما يوضح شريكها في المبادرة، النائب لفين. "خطوة كهذه، للضم ولاحكاك حقنا في البلاد، ليست عادلة وصحيحة فقط بل انها تعزز الاستيطان ايضا، وفي نهاية المطاف تعزز دولة اسرائيل وتزيد فرص الوصول الى تسوية في نفس الوقت. عندما يبدأ جيراننا بالاستيعاب باننا هنا كي نبقى، فانهم سيحترموننا اكثر وسيفهمون بان تسويف الوقت لا يعمل في صالحهم بل في طالحهم".

 

ويضيف لفين بان رزمة قوانين الضم هي عمليا اعلان بصوت عال عن موت اتفاقات اوسلو: "اتفاق اوسلو ولد ميتا. كان هذا خطأ تاريخيا جسيما جدا، فضلا عن أنه جلب علينا الارهاب الذي جبا اكثر من الف قتيل وعدم استقرار لكل المنطقة، فانه لم يساهم في شيء".

بدون فزع

أحد المحفزات لقرار ستروك ولفين أن يرفعا الان رزمة قوانين الضم كان تصريحا غامضا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قال الاسبوع الماضي في مقابلة مع شركة "بلومبرغ" ان في اسرائيل يتعاظم التوافق على وجوب تنفيذ خطوة احادية الجانب حيال السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، يضيف نتنياهو تحفظا: "نحن لا نريد دولة ثنائية القومية، ولكننا لسنا معنيين ايضا بدولة ارهاب ايرانية على مدخل بابنا".

 

هذا القول كان بالنسبة لستروك ولفين رفعا لغرض الانزال. كلاهما يشددان بانه على الارض لا يوجد ومحظور أن يكون فراغ. اذا ما انهارت المفاوضات السياسية كما يعتقدان، فانه ينبغي التوجه نحو خطة بديلة لضم المناطق الى السيادة الاسرائيلية.

 

وليس صدفة، ففي الشروحات لمشاريع القوانين غرست فقرات كاملة من وثيقة الاستقلال، في ظل تنفيذ الملاءمات اللازمة. وهكذا مثلا، في مشروع القانون لضم غوش عصيون كتب بان "منطقة غوش عصيون كانت منذ البداية جزءا لا يتجزأ من بلاد اسرائيل التاريخية، عرش مولد شعب اسرائيل. وبعد أن نفي الشعب من بلاده أبقى لها الاخلاص في كل بلدان شتاته ولم يكف عن الصلاة والامل في العودة الى بلاده واستئناف حريته السياسية فيها. وانطلاقا من العلاقة التاريخية والتقليدية هذه سعى اليهود في كل جيل الى العودة والتمسك بوطنهم العتيق. ان حق شعب اسرائيل على هذه الاقاليم من البلاد اعترفت به أمم العالم ايضا في تصريح بلفور وفي قرار سان ريمو".

 

ومؤخرا بدأ وزراء اليمين ينشرون الواحد تلو الاخر خططا سياسية بديلة. فقد تحدث الوزير اسرائيل كاتس عن النية لضم غوش عصيون أولا. وتحدث الوزير بينيت عن ضم المناطق ج، اي 60 في المئة من المناطق، بينما وقفت تسيبي لفني بغضب ضد خطط الضم لـ "بينيت وامثاله". واقترحت بالمقابل التوجه الى خطوة تجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية.

 

وقالت لفني ان "بينيت يقترح ضم المناطق ج، هدم الجدار وجعلنا عمليا دولة واحدة. يقول نعطيهم حكما ذاتيا ولكن اذا دمرنا الجدال وبقيت أرض واحدة ففي نهاية المطاف سيصبح مليونان ونصف فلسطينيا مواطني هذه الدولة التي ستكون بين النهر والبحر، وهي لن تكون اسرائيل التي نحبها جدا بل ستكون دولة اخرى – نهاية الصهيونية".

 

اما ستروك فتقول: "اقترح على لفني ان تتنفس عميقا والا تدخل في حالة فزع. حتى عندما تركت اليمين وانتقلت الى يسارها العقلاني في أنها لا تريد دولة ثنائية القومية. اقتراحاتنا لن تؤدي الى دولة ثنائية القومية لانه في المناطق التي نريد أن نضمها لا يعيش سوى بضع عشرات الاف العرب".

 

وتعترف ستروك بان الاقتراح الذي تتقدم به هي ولفين هو في واقع الامر "تطبيق لخطة بينيت وترجمتها الى تشريع. لم أتشاور معه ولكن هذا هو ذات النهج". وهي تشرح بان هذه ليست خطة البيت اليهودي فقط لان اجزاء كبيرة من الليكود ومن الشعب يؤيدون الفكرة الكامنة في مشاريع القوانين.

 

طريقة السلامي

 

لمناكفة مؤيدي مسيرة اوسلو وحل الدولتين الذي تعارضه، تستخدم ستروك ذات الحجج التي يستخدمها ضدها معارضو الضم. "مسيرة اوسلو بدأناها مع الكثير من السذاجة لاجزاء واسعة من الشعب. أما اليوم فوصلنا الى وضع يفهم فيه الشعب بان فكرة الدولتين هي فكرة هاذية، غير واقعية ومسيحانية".

 

تعترف ستروك ولفين بان لا توجد في هذه اللحظة امكانية حقيقية لتشريع كل مشاريع القوانين بالقراءات الثلاثة في الكنيست الحالية، ولكنهما ارادا بداية "وضع الرسالة" على طاولة الكنيست وبعد ذلك الشروع في حث سلسلة القوانين مرحلة إثر مرحلة، بشكل تدريجي.

 

"نبدأ بالمشاريع الاكثر اجماعا: غوش موديعين، وبعد ذلك غوش عصيون اللتين يوجد حولهما برأينا اجماع في الشعب وفي الكنيست"، تشرح ستروك.

 

النائب يريف لفين هو ايضا رئيس الائتلاف، وعليه ان يثبته ويمنع الصدمات فيه. ليس واضحا كيف تستوي مشاريع القوانين هذه مع مهامه ومع مواقف يوجد مستقبل والحركة. بعد عدة اشهر سيخلي المنصب ليحل محل رئيس لجنة الخارجية والامن زئيف الكين الذي سيحل محله كرئيس للائتلاف. غير أن النائبة ستروك تكشف النقاب عن أن الكين يعتزم ان يكون الموقع الثالث على قوانين الضم.

 

أما النائب لفين من جهته فلا يعتقد أن رزمة الضم التي يقترحها ستؤدي الى حل الائتلاف. ويقول: "انك ملزم بعرض رؤيا. في هذا الائتلاف توجد خلافات في الرأي. لم أسمع رئيس الوزراء يؤيد الخطة ولكنه ليس ضدها ايضا. وبالمقابل، فان الكثيرين من كبار الليكود يؤيدون الخطوة. بلورة اغلبية لهذه الخطوة في الائتلاف الحالي هي مهمة غير بسيطة ولكننا نجحنا في عمل امور اعظم حتى في الظروف الصعبة التي يمليها الائتلاف. بداية يجب عرض رؤيا، وعندها عرض حجارة الطريق وحث التشريع بشكل تدريجي. اقدر بانه على مدى الزمن سيكون ممكنا خلق اجماع واسع".

 

بالمقابل، سارعت وزيرة العدل تسيبي لفني الى صب الماء الباردة على رؤى الضم. وقالت انه "لن نوافق في اي حال على خطوة احادية الجانب تعزل اسرائيل عن العالم وتحاول منع تسوية مستقبلية او تسعى الى حث دولة واحدة بين النهر والبحر. قد يكون هذا جيدا لموقف في

 

الفيسبوك. دولة اسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالضم. هذا بسيط للغاية. كل خطوة باتجاه الدولتين القوميتين نعم. كل خطوة باتجاه الدولة الواحدة بين النهر والبحر فلا".