خبر الرجل غير المكترث على البوسفور .. اسرائيل اليوم

الساعة 03:30 م|19 مايو 2014


بقلم: يوسي بيلين

(المضمون: هل يشوش قتلى حادث منجم الفحم في سوما في تركيا احتمالات فوز اردوغان بالرئاسة؟ - المصدر).

هل يهدد 300 عامل منجم ميت في سوما في تركيا احتمالات أن ينتخب رئيس وزراء تركيا طيب اردوغان رئيسا، وأن يعمل بعد ذلك على توسيع صلاحياته كي يحول الرئاسة الى منصب الحكم الاهم في بلاده؟ قد يفعل مئات عمال مناجم الفحم الذين دفعوا حياتهم لقاء ظروف عمال المناجم غير المحتملة ما لم يفعله ضعف المعجزة الاقتصادية وما لم تفعله المظاهرات الضخمة.

قبل اسبوعين فقط أثير مطلب اقامة لجنة فحص عن الوضع الامني المضعضع لعمال المناجم في سوما، وكان الحزب الحاكم المغرور لاردوغان هو الذي أزاح هذا المطلب بسهولة بحجة أن كل شيء على ما يرام وأن الحديث عن مطلب كله سياسي وتحرشي، بسبب اكثريته البرلمانية الساحقة. وأخرج هذا الرفض في الايام الاخيرة الناس الى الشوارع مع الدعاوى المتوقعة أن الكتابة كانت على الحائط وان الحكومة أغمضت عينيها عن الاخطار التي يشتمل عليها استمرار اعمال المناجم في اماكن خطيرة، وأن رئيس الوزراء الذي هو رئيس الحزب ايضا مسؤول عن اعمال المناجم غير المسؤولة وعن تجاهل طلب الفحص والاصلاح.

لكن اردوغان مثل اردوغان، بدل أن يعتذر ويعد بأن يفعل كل شيء للفحص عن حال عمال المناجم ومنع كوارث كهذه في المستقبل، واعلان أن المسؤولين عن الوضع في سوما سيعاقبون، وبدل أن يعاضد عائلات القتلى والجرحى وعائلات المفقودين التي لم تبلغها بعد البشرى السيئة، اختار أن يُشرك المستمعين اليه في معرفته بالتاريخ. فقد أعد له شخص ما بحثا عن قتلى في مناجم فحم في الـ 120 سنة الاخيرة، وكانت رسالته المثيرة للقشعريرة أنه لا يوجد ما يمكن فعله، فالمناجم مكان خطير ومن يعمل فيها يأخذ المخاطرة في الحسبان لا أقل ولا أكثر. لكن الذي أعد له هذه المعطيات الدقيقة نسي أن يقول له إنه توجد حلول أمن في الدول السليمة تمنع الكوارث الصعبة التي عرفت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وأنها لا تكاد تتكرر. إن شدة الاقبال على الفحم في تركيا هي التي افضت الى الاهمال القاسي لا حقيقة أن ذلك يحدث للجميع، في ظاهر الامر.

إن ذلك الرجل لم يعد يفاجيء فقد برهن على قوة عدم اكتراثه في المظاهرات الكبيرة عليه في حزيران من العام الماضي حينما قام ببساطة وسافر الى الخارج وكأنه ينفض فتات الخبز عنه وهو ما زاد الانتقاد والغضب عليه الى أن قمعت المظاهرات بقبضة حديدية. وإن العدد الكبير من الصحفيين المسجونين في تركيا يزيد في غضب العالم لكن ذلك لا يكاد يهم اردوغان، وحينما تكشف النيابة العامة عن الفساد الشديد في السلطة وهو فساد يصل الى بيته، لا تكون عنده أية مشكلة في تغيير المدعين العامين وتغيير القوانين.

كان يبدو الى وقت قصير أنه لا ينجح أي شيء في المس به، فقد اثبتت انتخابات السلطات المحلية في نهاية شهر آذار من هذا العام أن حزبه يحظى بتأييد واسع جدا وأنه ليس له في واقع الامر خصم يهدده برغم الانتقاد العام المتزايد عليه. لكن الـ 300 قتيل قد يعرضونه لتهديد سياسي لم يعرض من قبل للرجل الذي كان متأكدا الى ما قبل بضعة ايام أنه يوشك أن يفوز برئاسة بلاده، سيرا على قدميه.