خبر دعوكم من رئيس، يُفضل ملكاً -هآرتس

الساعة 09:50 ص|15 مايو 2014

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: في الوقت الذي تتقدم فيه الدول الغربية الليبرالية نحو قيم عامة عالمية ترجع اسرائيل الى الوراء بقوانينها القومية والعنصرية - المصدر).

لماذا رئيس؟ ولماذا لا يكون ملك؟ ملك اسرائيل. في وقت تسرع فيه اسرائيل السير بخطوات ضخمة نحو ماضيها، وتُثبت وجودها وطبيعتها بقدر لا يقل عن ذلك على ما كان (أو لم يكن) هنا قبل آلاف السنين، لا يمكن أن نرفض هذا الاقتراح ايضا وهو تجديد الملكية في اسرائيل، أعني سلالة ملوك يهودا أو ملوك اسرائيل – لماذا لا يكون ملك؟ ولا يعوزنا مرشحون والاجراء سهل نسبيا ومن المؤكد أنه أسهل من انتخاب رئيس. واذا كان الامر يبدو هاذيا فانه يثور من تلقاء

نفسه سؤال أهو أكثر هذيانا حقا من عدد من حقائق حياتنا الاخرى التي نقبلها وكأنها "توراة منزلة"، وهذا ايضا تعبير تاناخي – اعتقادي أصبح اسرائيليا عاما

قام انشاء دولة اسرائيل في فلسطين – ارض اسرائيل قبل كل شيء على الماضي التوراتي لهذه الارض وعلى التوق اليها على مر الأجيال. فلولا الكتاب المقدس لربما كنا في اوغندة؛ ولولا ابراهيم واسحق ويعقوب لكنا في بيروبيجان. ويقوم الحفاظ على احتلال اراضي 1967 الى أن تحولت بالفعل الى جزء لا ينفصل عن دولة اسرائيل، قبل كل شيء على ذلك الماضي السحيق. فهناك مشا شموئيل وهنا دُفنت راحيل ولهذا نحن هناك وهنا ايضا. ولم يعد يوجد احتلال كهذا يعلل وجوده بما كان ذات مرة قبل آلاف السنين، وليذهب الى الجحيم الواقع الحالي والحاضر المثقل. هل يبدو هذا هاذيا؟ لا للآذان الاسرائيلية.

 

لكن ذلك غير كاف. فلا توجد قيمة اسرائيلية أعمق رسوخا من الايمان المتقد لأن الاسرائيليين هم الأفضلون، وهم أبناء الشعب المختار الذي هو نور الأغيار – وقد جلبنا هذا على أنفسنا ايضا من أساطير الكتاب المقدس. فهذا ما قاله الله ذات مرة وهو الصحيح. وماذا عن العلمانية والحداثة والليبرالية؟ ربما لكننا "الشعب المختار" كما ورد في الكتاب المقدس. وحسبُنا ثلاثة مواضع في سفر إشعياء لنقتنع جميعا بأننا في الحقيقة "نور الأغيار". ولا سبيل لتفسير الاستكبار الاسرائيلي والاستخفاف المستمر بالقانون الدولي والرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية سوى هذه القناعة الداخلية العميقة أننا كذلك. أفليس ذلك سرياليا؟ ولا يقل عن ذلك سريالية مكانة الاماكن المقدسة. فالجنود يؤدون القسم عند حائط المبكى، وتستلقي الجموع على ارض كل مسجد يُشك في أنه كان لشخص من الكتاب المقدس، كان ولم يعد موجودا منذ زمن بعيد. والصلة بين مقام يشبه المسجد بالقرب من الحاجز 300 الذي يحاصر مدينة بيت لحم الفلسطينية، وبين مكان دفن أمنا راحيل، ومن المؤكد أنها أمنا، مُريبة كالصلة بالضبط بين المسجد في شارع الشهداء في الخليل وبين مكان دفن الآباء، الذين من المؤكد أنهم آباؤنا. لكن اسرائيل العلمانية لا تقدس هذه الاماكن فقط وهذا حقها بل تطلب السيادة عليها وكأنه توجد صلة مفهومة من تلقاء نفسها بين القداسة والسيادة – بسبب ما تؤمن بأنه كان موجودا آنذاك في تلك الايام وهي تترجم ذلك بلغة الاحتلال في هذا الزمان.

حان الآن وقت المرحلة التالية في رحلة دولة اسرائيل المريبة نحو ماضيها، وأعني مجموع قوانين القومية والقومية وخطط دراسة "التراث" التي تقوم هي ايضا على الاسطورة واللاهوت

والاعتقادات الدينية والمسيحانية التي ليست هي في الحقيقة من أمور الحداثة. وفي وقت تطمح فيه الدول الغربية علنا على الأقل الى أن تكون دولا ليبرالية منفتحة تقوم على قيم عامة وعلى العولمة، تتقدم اسرائيل الى الوراء خاصة.

إنها آخذة في الانطواء على نفسها والانطواء في ماضيها. ويتبوأ الدين فيها مكانا مركزيا، وتقودها مطالب الاعتراف بأنها دولة يهودية، والقوانين لجعلها كذلك، تقودها بيقين نحو دولة شريعة يهودية، شريعة في واقع الامر. وأصبح يدور الحديث عن انشاء مجدد للهيكل في دوائر ما بجدية، ولن يبعد اليوم الذي يُبنى فيه الهيكل. فقد بقي الآن فقط أن ننشيء لأنفسنا سلالة وأن نتوج لنا ملكا. وسيكون هذا اغلاقا ملكيا للدائرة، وحلقة لا تنفصل عن كل ما يجري هنا. لأنه اذا كنا ننبش الماضي فلنفعل ذلك حتى النهاية.