خبر حماس والسيسي: تطبيع تدريجي وغزل متبادل..عدنان أبو عامر

الساعة 09:32 ص|15 مايو 2014

لا يبدو ما يحصل في مصر من تحضيرات للانتخابات الرئاسيّة، شأناً مصرياً داخلياً فحسب. فالفلسطينيّون يتابعونها، وحركة حماس بشكل خاص تراقبها عن كثب لعلمها اليقين بأن نتائجها ستجد تبعاتها الميدانيّة على العلاقة بين الجانبَين، مصر وحماس.

وأفادت مصادر مطّلعة "المونيتور" بأن ثمّة أجواء عامة سادت حماس في الأسابيع الأخيرة مفادها أن العلاقة مع مصر ستتحسّن تدريجياً، بالتزامن مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسيّة المقرّر إجراؤها يومَي 26 و27 أيار/مايو الجاري. وذلك، رغبة من المرشّح الأوفر حظاً المشير عبد الفتاح السيسي في الظهور كمن أعاد التواصل مع "الأشقاء الفلسطينيّين" وطوى صفحة التوتّر التي سادت العلاقة بين الجانبَين منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في الثالث من تموز/يوليو 2013.

ولعل أولى الإشارات لبداية التغييرات الإيجابيّة على العلاقة بين مصر وحماس تحضيراً لصعود السيسي، سماح القاهرة لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق بالتوجّه إلى غزّة قادماً من القاهرة لإتمام المصالحة مع حركة فتح.

تسهيلات المعبر

وقد أشار مدير المعابر في وزارة الداخليّة التابعة لحكومة حماس في غزّة ماهر أبو صبحة إلى أن مصر فتحت معبر رفح لأيام عدّة بعد إغلاقه منذ بداية العام الجاري على مدى 91 يوماً.

وأوضحت مصادر "المونيتور" أن التحسّن الملحوظ في سلوك مصر تجاه غزّة لم يأتِ عفوياً، بل لأن حماس بعثت برسائل إلى صناع القرار في القاهرة تفيد بتمسكها برعاية المصالحة مع فتح كونها لعبت الدور الأكبر منذ انطلاقها.

وكانت حماس قد أكدت في أكثر من مرّة أنها لن تستغني عن العلاقة مع مصر، على الرغم مما طرأ عليها من قطيعة قاسية بعد الأحكام القضائيّة الأخيرة وحظر لأنشطتها في مصر.

ونقلت أوساط نافذة في حماس لـ"المونيتور" معلومات تفيد بأن إعادة طرح العلاقة مع مصر تزامن مع مجيء أبو مرزوق إلى غزّة وطرحه أفكاراً للنقاش، أبرزها أن السيسي الرئيس المقبل رجل عسكري، ويعلم أن العلاقة مع الفلسطينيّين يجب أن تستمرّ بمن فيهم حماس، إذا أعلت الحركة من طبيعتها الوطنيّة وغلّبت ’الفلسطنة‘ على أيديولوجيّة ’الأخونة‘، نسبة إلى انتمائها إلى الإخوان المسلمين أي عدوّ السيسي اللدود.

وهو ما دعا إليه مستشار الرئيس المصري المؤقت أحمد المسلماني في أواسط نيسان/أبريل الماضي، حين طالب زعيم حماس خالد مشعل "بالانفصال عن الإخوان المسلمين، والحفاظ على هويّة الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة".

حماس من جهتها، ردت على دعوة المسلماني ببيان شديد اللهجة، واتهمته بالتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني، وفقا لما جاء على لسان فوزي برهوم المتحدث الرسمي باسمها.

لكن تواصل المونيتور في الساعات الأخيرة مع مصدر نافذ في حماس من  الخارج، لم يشأ الإفصاح عن هويته، قال أن "هناك جهود بطيئة في حماس تبذل لمحاولة إحداث فاصل فكري أيديولوجي مع الإخوان المسلمين، ليس تنصلاً من تاريخ الحركة، ولا إعلان براءة من الإخوان، ولكن رغبة بتأصيل الجانب الوطني الفلسطيني للحركة، بعكس ما أعلنه ميثاق الحركة الصادر عام 1988، من أنها أحد أجنحة الإخوان المسلمين".

وأضاف، وهو يعتبر نفسه ممن يقود توجهاً داخل الحركة لمحاولة تغليب الجانب الوطني لحماس على البعد الأيديولوجي: "التواصل العملي بين حماس والإخوان المسلمين منقطع فعلياً منذ الإطاحة بمرسي في يوليو 2013، وليس هناك على الصعيد المباشر أي اتصال يذكر بسبب الأوضاع الأمنية السائدة في مصر، وعدم تمكن أي من قادة حماس من الوصول إليها".

وأوضح: "الدعوة لإيجاد هذا الفاصل بين الحركة والجماعة فيه مصلحة للطرفين، فحماس لها اهتماماتها الوطنية داخل فلسطين، والإخوان لهم شئونهم المصرية الداخلية، لأن الجمع بينهما من الواضح أنه أساء لهما معاً، كل في ساحته، فالمصريون حملوا كل أخطاء الإخوان على حماس، وتحولت بنظرهم إلى عابثة بأمنهم الداخلي، وهذا غير صحيح، وكثير من الفلسطينيين يعتبرون حماس ذات مرجعية إخوانية عالمية وليس فلسطينية بحتة".

وذلك في حين رفض السيسي الإجابة عن سؤال حول اعتبار حماس عدواً لمصر.

وقد دفع ذلك القيادي البارز في حماس صلاح البردويل إلى وصف صمت السيسي بـ"الحكيم"، واعتباره "دليلاً على براءة الحركة من التهم الموجّهة إليها. والسيسي يدرك أن كل كلمة محسوبة عليه، وكان لا بدّ أن يسكت رداً على السؤال، ولم يقل إنه غاضب من حماس، ويعلم أن العداء لها مردّه تأثير وسائل الإعلام التي تعاديها".

وقال مسؤول سياسي في حماس لـ"المونيتور"  في اتصال هاتفي من خارج فلسطين، إن "ثمّة توجهاً مشتركاً بين حماس ومصر يقضي بعدم إغلاق الباب أمام التواصل الثنائي في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسيّة المصريّة، ما يتطلب منهما إجراء مراجعة لمواقفهما. ففي السياسة ما من خيارات صفريّة أو مطلقة، والسيسي لن يواصل استبعاد حماس نظراً لأنها جزء أساسي من المعادلة الفلسطينيّة. وحماس قد تقدّم أوراق اعتماد جديدة لها في مصر وتعيد تقديم نفسها إلى الشعب المصري والسيسي، بإجراءات لبناء ثقة في المرحلة المقبلة".

"الفلسطنة" و"الأخونة"

لكن لا يبدو أن حماس حققت إجماعاً في هذه القراءة المتّزنة تجاه مصر بزعامة السيسي. فثمّة أصوات نافذة تعلن أن "حماس عنصر استقرار في المنطقة، وتمتلك الكثير من أوراق القوة القادرة على بعثرة الترتيبات وفتح الاحتمالات على مصراعيها".

وقد اطّلع "المونيتور" على ورقة تقدير موقف تتداولها أوساط قياديّة في داخل حماس، بالتزامن مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي المصري وترجيح كفّة فوز السيسي فيها.

جاء في الورقة "قد يغلب على علاقة مصر وحماس في المستقبل طابع الفتور، كما في مرحلة ما قبل ثورة يناير 2011، ويرافقها تبادل للشك رغم أن مصر تدرك بأن أمنها القومي يمتد لقطاع غزّة. والوصول إليه يفترض علاقة مع حماس، حتى لو وصلت التباينات معها درجة كبيرة".

وتجدر الإشارة إلى أن من نتائج المصالحة مع فتح التي رعتها مصر، عدم بقاء حماس الحاكم الأول لغزّة. وهو ما يعني تراجع الاحتكاك مع مصر عقب تسلّم الأمن التابع للسلطة الفلسطينيّة معبر رفح بدلاً من أمن حماس.

في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية القادمة، قال نائب الرئيس في حركة حماس أبو مرزوق في خلال مقابلته مع المونيتور بتاريخ 5 أيار إن "حماس  ستحترم أي خيار ينتقيه الشعب المصري في المرحلة المقبلة."