خبر أخطاء كيري- هآرتس

الساعة 09:42 ص|12 مايو 2014

بقلم: يحزقيل درور

(المضمون: أخطأ كيري في مبالغته بدور الدبلوماسية الشخصية وبعزله النزاع مع الفلسطينيين عن إطاره الاقليمي الشامل - المصدر).

 

وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جدير بالثناء على مساعيه لتقدم السلام الاسرائيلي – الفلسطيني. ولكن اختبار النتيجة يثبت بأنه ارتكب عدة أخطاء جسيمة.

 

الخطأ الأول هو الثقة الزائدة بالدبلوماسية الشخصية. فمسيرة السلام الاسرائيلية – الفلسطينية عالقة منذ زمن طويل. وكان يفترض بكيري أن يفهم بانه لا أمل في أن يؤدي جهد من نوع "المزيد من ذات الشيء"، حتى وإن كان نشطا، من الدبلوماسية الشخصية الى اخراج

 

المفاوضات من الوحل. لا يدور الحديث هنا عن غرور من جانب كيري، على نمط "أنا سأنجح حيثما فشل الاخرون"، بل عن خطأ منتشر في عصرنا – الايمان بأن التدخل الشخصي لاصحاب المناصب العليا يمكنه أن يغير أوضاعا من الجمود السياسي. عندما تكون مصالح حقيقية وقيم مركزية على جدول الاعمال، فان المحادثات الطويلة، وحتى "الضغط المعتدل" لن تحقق شيئا.

 

خطأ أكثر جسامة بأضعاف هو التمسك بـ "مفهوم" ثبت أنه غير صحيح. فالفكر السائد يرى العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين بانها تقف بقدر كبير بحد ذاتها، ويفترض بانه يمكن مواجهة هذا النزاع بشكل منفصل عن النزاع العربي – الاسرائيلي بعمومه. فالفشل الدائم للمفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين وخيبات الامل من اتفاقات اوسلو ومن الانسحاب من غزة تثبت بان ليس الامر هكذا. فالتعمق بالمسألة يبين بان الاقانيم التي يقف عليها المفهوم الدارج متهالكة، وأن المخاطر الكامنة فيه لا تقل عن المخاطر التي كانت في المفهوم الذي أدى الى اخفاقات حرب يوم الغفران. فهو يتجاهل كون الفلسطينيين لا يمكنهم أن يقدموا لاسرائيل ذخائر متساوية القيمة للانسحابات المطلوبة منها، وكذا ضمن امور اخرى، الانسحاب من غزة، رغم أنه جزءاً لا يتجزأ من الموضوع.

 

واضح أنه لا يمكن الوصول الى اتفاق ذي مغزى دون انسحاب اسرائيلي الى حدود 67، الى هذا الحد او ذاك، وتسوية خاصة بالنسبة للقدس. ولكن تقديرا سياسيا واقعيا يؤدي الى الاستنتاج بان ليس لدى الفلسطينيين ذخائر تبرر تنازلات اسرائيلية بعيدة المدى. فالروايات التاريخية المتضاربة، والمفاهيم المختلفة عن "العدالة" والقيم المتناقضة لا توفر أساسا لاتفاق في غياب مقابل حقيقي. ينبغي الاخذ بالحسبان، ضمن امور اخرى، بان الفلسطينيين لا يشكلون خطرا استراتيجيا على اسرائيل؛ واتفاق سلام معهم بحد ذاته، في بحر من عدم الاستقرار، ليس قابلا للحياة؛ والتلميحات بان الاتفاق الاسرائيلي مع الفلسطينيين سيؤدي الى سلام اقليمي شامل ليست مصداقة.

 

فمثلا، لنفترض ان اعترف الفلسطينيون باسرائيل كدولة الشعب اليهودي. فلمثل هذا الاعلان وزن تاريخي للريشة مقارنة بعمق النزاع العربي – الاسلامي – اليهودي – الاسرائيلي.

 

وبالمقابل، فان سفارات اسرائيلية في الرياض وفي طهران تصل الى الكتلة الحرجة اللازمة لانهاء النزاع بعمومه على مراحل. ومع أن التفكير ضيق الافق سيرى في وجود سفارات كهذه رؤيا غير واقعية، فانها بالتأكيد مثابة الممكن في اطار اتفاق شرق اوسطي شامل.

 

وعليه فقد كان ينبغي للولايات المتحدة أن تفكر بشكل إبداعي والا تتمسك بالمفاهيم الدارجة عن النزاع، قبل أن تبعث الى هنا بوزير خارجيتها. كان ينبغي بصفته مندوبا خاصا أن يعين الى جانبه رجلا مع "رأس مفتوح" ليس أسير الفكر القديم بسبب سنوات طويلة من العمل بموجبه (وهو الحال ايضا بالنسبة للاسرائيليين الذين يعنون بالمفاوضات). فمواجهة متطلبات النزاع تحتاج اكثر من مجرد فكر جديد أساسه السير المباشر نحو اتفاق شرق أوسطي شامل، لا تكون الدولة الفلسطينية سوى عنصرا واحدا فيه. مطلوب ايضا استخدام قوة كبيرة. كان ينبغي للرئيس الامريكي أن يقرر اذا كان هو شخصيا، وخلفه كل قوة أمريكا، مستعدا لان يتفانى في سبيل التقدم على مراحل لسلام عربي اسرائيلي شامل – في ظل عرض خطة شاملة، تتضمن كميا كبيرة من "العصي والجزر" – أو اعطاء أولوية لمواضيع اخرى، كالوضع الجغرافي – الاستراتيجي في آسيا. أما ترك وزير الخارجية وحده، وعلى كاهله كل عبء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي – فانه وصفة للفشل.

 

ان العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة حيوية لامن اسرائيل. ولهذا فان علينا ان نكون قلقين جدا من نواقص التفكير الاستراتيجي الشامل لديها، مثلما وجد الامر تعبيره، ضمن امور اخرى، في مهامة كيري. والاحاديث في اسرائيل عن "ايجاد بديل" للولايات المتحدة بسبب الخوف من هبوط تأثيرها وتآكل تأييدها في اسرائيل، ليست سوى وهم خطير. فالسبيل الوحيد للتعويض عن اخطائها هو مبادرة سلام اقليمية اسرائيلية مصداقة، بالتنسيق مع القوة العظمى الامريكية، تستند الى تفكير سياسي ابداعي فائق. ولكن في هذه الاثناء لا ذكر لمثل هذا التفكير.

 

ان للوضع البشع الذي تعيشه المسيرة السلمية آثارا خطيرة على نحو خاص، في ضوء سياقات التغيير الشاملة التي يجتازها العالم اليوم. وتنطوي هذه السياقات على مخاطر جسيمة، الى

 

جانب فرص ذهبية، لاسرائيل وكذا للشعب اليهودي بعمومه. ولكن هذا الموضوع يحتاج الى بحث منفصل.