خبر مصالحة بلا جمهور .. صالح مشارقة

الساعة 04:23 م|11 مايو 2014

"رجال يتعانقون" كانت النسخة الأكثر سذاجةً في موجات المصالحة التي كانت تحدث تحت الضغط الشعبي، كان ممثلون من فتح وحماس يلتقون في مسيرات على منارة رام الله أو في ميادين مدن الضفة وتحت زخم مسيرة مناهضة للانقسام وخجلاً من الكاميرات أو مناكفة في الأحزاب الصغيرة يتعانق ممثلان عن فتح وحماس مثل نهاية فيلم هندي غير موفقة.

ونحن الآن، أمام نسخ كثيرة من المصالحات وفي كل مرة كان صانعها طرفٌ عربيٌ قوي، وتكون الأطراف الفلسطينية متلقية لا مبادرة، وتتنازع بعد التوقيع بأسبوع أو اثنين، ورقة القاهرة واتفاقية الدوحة ومذكرة من عمان، وقراءة من الامارات،
إلى درجة أننا نتوه الآن في قراءة أرشيف مذكرات المصالحة.

أما ما حدث في "مطبخ دار هنية" عندما تناول القادة أقلامهم ووقعوا على ورقة A4 ، فهذا للعلم باكورة الانفصال عن الجمهور والإعلام، وطبقة جديدة من الانقطاع يمارسها صناع القرار دون أي تقدير للجمهور الذي لم يعد ذي صلة بالوحدة الوطنية، من منظور القيادة السياسية وبتنا لا نعرف على من نضع اللوم على الجمهور  أم على السياسة في هذا الحال الوطني البائس والمهين.

هذا التبلد لم يأت من فراغ، فحماس ومنظمة التحرير قرأتا الانقسام من زاوية المصالح، حماس صعدت إلى الحكم بلا عيون ولا آذان وآخر صوت سمعته  "هي لله هي لله"، معتقدة أن السياسة طلعة جهادية، أو بيان صحفي أو موقف من الحجاب أو الاتفاقيات الدولية، ومنظمة التحرير نامت على قراءة تقول:" دع غزة معسكرة على طريقة حماس فتكون آلية تأديب للاطراف الدولية واسرائيل"، وكل ما في الأمر أن تحمل المنظمة آلية الانفاق المالي على غزة، وهو تحصيل حاصل وإن تعثر مرة أو أكثر.

اتفاق الشاطئ كما يحلو للبعض تسميته، هو ترجمة سريعة لطلب مصري وضيق يد معتاد لدى الأطراف الفلسطينية، صداع السيسي القادم من رفح يجب أن يخف، وسياسة الحارات التي بدأها دحلان بالأعراس الجماعية للشبان الفقراء أغاظت أطرافا واستفادت منها أطراف أخرى، توهان حلف المقاومة في طهران ودمشق وانشغال الحليف الروسي في أوكرانيا ودبلوماسية الابتسامات الخاصة بالرئيس الإيراني أخضعت حماس لحسابات اللجوء الى الرجل الطيب أبو العبد هنية، فحماس الآن بلا سفرات وبلا حقائب مالية ولا أنفاق، كما أن الرئيس عباس قد يحتاج إذا فشلت المفاوضات  إلى الذهاب إلى الأسرة الدولية التي قد تسمعه كلاماً صعبا اذا طلب العضوية الكاملة فقد تضع له "مصطلح تمثيل كل الفلسطينيين" في أي قرار وتجعله يخسر.

أياً كان اسم وتحليل المصالحة الأخيرة، إن كانت نسخة السيسي أم نسخة قرار العضوية الكاملة في الأمم المتحدة أم نسخة خوف حماس من أن تتحول إلى "بوكو حرام" المنطقة العربية، فكل هذه النسخ لن تنجح بتوحيد الضفة وغزة وإنتاج نظام سياسي جديد ما لم تكن نسخة شعبية ساحقة ينزل فيها الجمهور بكل جوارحه ومصالحه ليفرضها على القيادات السياسية فرضاً.