تذكرننا ببلداتنا القديمة

تقرير « الدُقة ».. فاكهة المغتربين وتراث فشلت الحكومات في تصديره

الساعة 10:16 ص|10 مايو 2014

غزة -خاص

" الدقة " كلمة قد تكون غريبة عن كل من هو بعيد عن فلسطين وبعض من دول الشام , ولكنها في فلسطين كلمة حُفرت منذ عشرات السنين ومن التراث الشعبي القديم .

الدقة أكلة فلسطينية متوارثة منذ القدم فكل بلدة من البلدات الفلسطينية قبل  الهجرة كانت تصنعها بطرق ونكهات مختلفة , ورغم وجودها ليومنا هذا ودخول الطرق الصناعية لإنتاجها بأشكال مختلفة إلا ان الفشل في تصديرها للخارج يعيب الحكومات المتتالية , وخطط التي تضعها الحكومات بشأن الاقتصاد, وخاصة وان هذة الصناعة تستقطب المغتربين في الخارج ويجدونها الهدية الوحيدة التي تذكرهم ببلدهم بأصالتها .  

تستعمل للتداوي والعلاج

الحاج عيد ايو حصيرة ( 63 عاماً ) الذي يعمل في طحن الدقة منذ اكثر من 33 عاماً يروي لـ "فلسطين اليوم" قصته مع صناعة وطحن الدقة  منبع التراث الفلسطيني العريق فيقول تعود أصول الدقة للزمن القديم جداً حيث كان يتم إعداد وتصنيع الدقة من مطحنة الدقة القديمة ولكن مع مرور الزمن وتطور التكنولوجيا أصبح يتم طحنها عبر ماكنة حديثة الصنع تعمل على الكهرباء وليست يدوية.

وأشار الى انه في القدم كانت توضع في ظرف من الورق؛ ولكن اليوم توضع في ظرف من النيلون والعلب البلاستيكية ويكتب عليه تاريخ الإنتاج والانتهاء والمصنع.

وعن مكوناتها , قال " تتكون الدقة من الكزبرة والسماق والملح والشطة والقمح المطحون، لافتا إلى انه كان قديما يضعون بزر البطيخ ايضا. وحول تصديرها الى الخارج أوضح الى انه لا يتم تصديرها الى الخارج وإنما تكون عن طريق المغتربين الذين يحضرون الى غزة أو الذين يسافرون الى خارج غزة فيأخذوها الى اقاربهم هناك.

موضحا الى انه عندما يكون الوضع العام مستقرا في غزة تكون كمية أخذ الدقة من قبل المغتربين والطلب عليهم كبيرا جداً وخاصة اذا كانت المعابر مفتوحة بشكلها الطبيعي وعندما تكون المعابر مغلقة يقل الطلب عليها من قبل المغتربين.

لافتا الى ان الدقة تعتبر من معالم التراث الفلسطيني العريق على مدار القرون وانه لا يتم تصنيع الدقة الا في غزة فقط، وفقا لحديثة فهي غزاوية الأصل والصناعة.

اشار الى انه يعمل على البيع في محله والتوزيع على العديد من المحلات بكميات كبيرة في السابق اما اليوم فالبيع قليل نظرا للوضع الاقتصادي السيء الذي نعيشه بغزة.

لافتا الى ان المنافسة شديدة في الأسواق على بيع الدقة ولكن ما يميز كل واحد عن الآخر هو طعم الدقة والطريقة السليمة في صنعها من الناحية الصحية والطعم لأنه ليس كل من عمل في الدقة اصبح انسانا ماهرا في هذه المهنة.

تستعمل للتداوي والعلاج

أما محمد بلبل الذي يعمل أيضاً على تصنيع الدقة والذي ورث عمل الدقة عن جدته فيقول لـ "فلسطين اليوم " : العمل في مجال صناعة الدقة بالنسبة لي عمل ممتع جدا لأنه يشعرني برائحة فأرضنا المسلوبة التي كان منها تصنيع الدقة بالإضافة الى إنها تراث فلسطيني عريق بكل ما تعني الكلمة من معنى.

ويتابع يتم تصدير الدقة عن طريق المغتربين الى خارج فلسطين مما يدل على تأصل هذا التراث بكامل أصلتها وتميز فلسطين عن غيرها من دول العالم بهذه الصناعة الفاخرة فشبه يومي يأتي الناس لشراء الدقة لأقاربهم في الخارج.

وبين ان جدته كانت تقول له ان الدقة في قديم الزمن "يعني ايام البلد" كانت تستخدم لأجل التداوي من بعض الأمراض باعتبارها وصفة طبية لأن جميع مكوناتها تقريبا هي من الأعشاب، وختم محمد حديثه بالقول سوف اعمل على تعليم أبنائي هذه المهنة العظيمة التي لا يمكن ان افرط فيها مهما كانت الاسباب لأنها تمثل بالنسبة لي تاريخ لأرضنا المحتلة.

لا يخلو بيت من الدقة

ام خليل التي كانت في مطحنة ابو حصيرة لطحن الدقة قالت لــ" فلسطين اليوم" لا يمكن ان يكون بيت خالٍ من الدقة لأنني اعتبرها من الادوية الطبية فجميع مكوناتها من الاعشاب فيها

تسهم بشكل جيد في تخفيف السمنة وتطهير المعدة وتضيف يكفي انها تعتبر من تراث فلسطين الاصيل التي تم تصنيعها في ارضنا المحتلة.

واشارت الى ان الدقة تذكرها ببلدتها (بربرة) التي طالما كان ابوها يحدثها عنها وعن عراقة تلك القرية بخضارها وخضرواتها الجميلة، وتبين بابتسامتها الهادئة أن للدقة رمق خاص في حياتي ولا يمكن الاستغناء عنها مهما كانت الظروف.

طعم حارق ولذيذ

في حين ان خميس نصار(36 عاماً ) الذي يقول كانت امي تضع لي خبزة من الدقة عندما اذهب الى المدرسة فهي لها نكهة خاصة في الطعم رغم انها في بعض الاحيان تكون حارقة قليلاً لأنه مصنوعة من الاعشاب الطبيعة والتي تعتبر واحد من وسائل علاج الانسان فهي تنظف المعدة.

واضاف الدقة تذكرنا بالتراث الفلسطيني والى تاريخها حيث ان فلسطين هي الدولة الوحيدة في العالم التي يتم تصنيعها بل وبالتحديد في غزة فقط مستدركا حديثه لــ"فلسطين اليوم " بالقول ان ابائه واجداده هم الذين ابتكروا هذه الطريقة في قرانا المحتلة عكا ويافا والمجدل... وتمنى ان تبقى الدقة من المعالم التي تدل على تراث فلسطين.